إردوغان أتاتورك إسلامي

إردوغان.. أتاتورك إسلامي!

إردوغان.. أتاتورك إسلامي!

 لبنان اليوم -

إردوغان أتاتورك إسلامي

هدى الحسيني

 نفت أنقرة أن تكون ساعدت تنظيم «داعش» أو أن يكون انطلق من أراضيها في هجومه الأخير على كوباني. وسواء نفت أو أكدت، ففي تركيا يتحدثون عن بعض التداعيات التي ستحدث في تركيا نتيجة كوباني، ذلك أن الشرق الأوسط يشهد تغييرا جذريا، في وقت تفشل فيه الإدارات السياسية في تنظيم العملية.

هناك من يقول إن نقطة التحول بالنسبة للوضع الحالي في المنطقة بدأت عام 2003، عندما غزت الولايات المتحدة الأميركية العراق، والتوقع أن التطورات ستشمل تغييرات وتعديلات على الخرائط القائمة.. قد لا تكون دولا كاملة العضوية في الأمم المتحدة، فالحديث يدور عن تقسيم فعلي في عدة بلدان، بما في ذلك سوريا والعراق وليبيا واليمن وأيضا إسرائيل وفلسطين، وهذا سيولد حروبا أهلية وخلافات داخلية، أي أن المنطقة سوف تضطر للتعامل مع الحرب دون انقطاع لمدة طويلة. يقول أحد الباحثين الأتراك: «لا أحد يستطيع تخمين النتائج، فالنظام الذي قام على أساس الحرب العالمية الأولى، ثم تم تدعيمه بإنشاء إسرائيل بعد الحرب العالمية الثانية، لم يعد موجودا.. لكن هذا النظام لم يتم الاستعاضة عنه بنظام جديد».

لذلك اعتقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنه قد يكون هو واضع نظام المنطقة الجديدة. رفعت تركيا كثيرا سقف توقعاتها قبل زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن في 22 من الشهر الماضي، كانت مقنعة بأن الرئيس باراك أوباما اتخذ موقفا أكثر انسجاما مع الموقف التركي بالنسبة لسوريا: منطقة حظر جوي، أو حتى منطقة آمنة في سوريا للاجئين، ثم إزالة نظام الرئيس بشار الأسد. بالنسبة للوفد الذي رافق بايدن في الزيارة، فقد سرب أنه شمل تركيا بجولته لتهدئة العلاقات مع إردوغان، خصوصا بعد تصريحاته في جامعة هارفارد عندما أنحى باللائمة على تركيا لصعود «داعش».. ثم إن العراق من مسؤولية بايدن في البيت الأبيض، ومن الطبيعي أن يتم إرساله لتخفيف التوتر في العلاقات التركية - الأميركية حول السياسة تجاه كل من سوريا و«داعش».

بعد يومين على مغادرة بايدن، انتقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الولايات المتحدة، الأمر الذي أشار إلى تقدم ضئيل جدا في التوفيق بين نهجي البلدين تجاه الحرب. قال إردوغان: «ألتقي معهم دائما، لكنني أتمسك بموقفي. لديهم حساسية واحدة اسمها (النفط)». وأكد على موقف إردوغان، مسؤول السياسة الخارجية في حزب العدالة والتنمية الحاكم ياسين اكتاي الذي قال في مقابلة مع تلفزيون «هابر»: «عندما يتم التطرق إلى النفط، يبدأ الغرب في رفع صوته.. السياسة الأميركية في المنطقة فاشلة بالكامل».

مراقبون سياسيون أتراك يرددون أن الولايات المتحدة ليست بحاجة لنفط الشرق الأوسط.. فهي خلال عامين ستبدأ بالتصدير، وقد تجد حلا لاعتماد أوروبا على الغاز الروسي ونفط الشرق الأوسط في غضون سنوات، عندها ستصبح تركيا وحيدة في الشرق الأوسط. ويقول أحد الخبراء الاقتصاديين الأتراك: «الولايات المتحدة لا تحتاج للنفط العراقي، ولو كانت هذه هي الحال لكانت الآن مستهلكة لذلك النفط».

ما موقفها إذن؟ يقول: «كونها القوة العظمى الوحيدة في عالم أحادي القطب، فإن عليها أن تتعامل مع المشكلات الأمنية العالمية. إذا تعطل النظام العالمي، فإن وضعها بوصفها قوة عظمى قد يصبح عرضة للخطر. أساس توجه القوة العظمى في السياسات الدولية هو التجارة الدولية، لذلك تريد أن تحافظ على كل طرق النقل مفتوحة وحرة».

لكن هل دعمت تركيا «داعش»، وهل الأسد سبب ذلك؟ حسب المراقبين السياسيين الأتراك، فإن تركيا غضت الطرف.. نظرت بعيدا عندما بدأ التنظيم يشكل خطرا. الأسد أحد الأسباب، أما السبب الآخر، فهو العقلية السياسية لهذه الحكومة المعادية للأكراد، فعلى الحدود السورية - التركية بدأت تظهر منطقة حكم ذاتي كردية يديرها حزب الاتحاد الديمقراطي، ثم هناك منطقة كردية شبه مستقلة في العراق. السلطة المركزية في سوريا انهارت.. لا تستطيع أن تمارس مهامها في جميع أنحاء البلاد ولن تكون قادرة على المطالبة بالسيادة في المستقبل. وبعد زوال النظام السوري ليس من المؤكد احتمال قيام حكومة مركزية. كل هذه التطورات خلقت أرضا خصبة لنشوء كانتونات لحكم ذاتي للأكراد على الحدود التركية الطويلة مع سوريا. وخلافا لأكراد العراق، فإن الأكراد السوريين أكثر تكاملا مع الأكراد في تركيا. الدولة تدرك ذلك، وتخشى بالتالي أن يؤثر الوضع في سوريا على أكراد تركيا.. ثم إن الحركة الموالية للأكراد في تركيا عرضة لتأثير «حزب العمال الكردستاني»، و«حزب الاتحاد الديمقراطي» في سوريا امتداد لـ«حزب العمال الكردستاني».. إنهما توأم.

إن المعارضة السورية المناهضة للأسد التي تدعمها تركيا، ضد الطموحات الكردية للحكم الذاتي، وكل من يقاتل ضد الأكراد في كوباني يتلقى دعما من الدولة التركية التي يسيطر عليها بالكامل حزب العدالة والتنمية. وفي هذا المفهوم، فإن دعم «داعش» يحمل قيمة وظيفية، أي إن هذا ليس محصورا في «داعش»، لأن تركيا دعمت «أحرار الشام» عندما قاتلوا الأكراد.

رغم ضعف المعارضة التركية، فإن بعض الأتراك يتهمون إردوغان بأنه وراءها لعدم قدرتها على مواجهته، إلا أن بين المثقفين والنخبة التركية من يبقى ثاقب النظر، وينتظر تطورات قد تحدث، خصوصا أن رائحة خلافات بدأت بين الحكومة والقيادة العسكرية حول تعيين قائد جديد للقوات المسلحة التركية، وإصرار الحكومة على تطهير الجيش من كل متعاطف مع فتح الله غولن. يرى هؤلاء أن إدارة حزب العدالة والتنمية تماما مثل الإخوان المسلمين في مصر وسوريا، و«الحزب الإسلامي العراقي» في العراق، و«حزب النهضة» في تونس، وحركة «حماس» في فلسطين. هذه الجماعات والأحزاب والحركات ليست مثل «داعش»، إنما في مجال الإسلام السياسي تتحرك من دون تأشيرة.

عندما نظمت تركيا أول مجموعة معارضة سورية في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2011، كان الإخوان المسلمون عمودها الفقري، وكانت التوقعات أن يشكل «لواء التوحيد في سوريا» أساس الجيش السوري الحر. ويروي لي أحدهم أن «الخلاف بين نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي السابق وتركيا، لم يكن فقط بسبب تطرف المالكي المذهبي، بل إن الخلاف سببه (أيضا) طارق الهاشمي الذي كان يشغل منصب زعيم (الحزب الإسلامي العراقي)». وفي المنطقة ينظر إلى حزب العدالة والتنمية على أنه «إخوان تركيا». والشخص الذي خطط كل هذا هو أحمد داود أوغلو رئيس الوزراء التركي حاليا.

تزامن تشكيل تركيا للمعارضة السورية مع موجة الربيع العربي، وبروز «الإخوان» في مصر وتونس وليبيا وتحركهم في دول أخرى. كل هذا دخل رأس إردوغان وحوله من زعيم متواضع إلى متحمس جدا لأن يصبح صوت العالم العربي، والممثل الوحيد لتركيا في العالم.

يقول أحد المراقبين السياسيين الأتراك، إنه بالإضافة إلى العقد النفسية الكثيرة التي تحرك توجهات إردوغان، فإن كمال أتاتورك يبقى عقدته الأساسية، وبسبب الانتخابات التي حملته رئيسا، فإن الدولة التركية الآن مثل تركيا في الفترة ما بين 1923 و1946. إنها إدارة كماليين (من كمال).. إنما تقدم خطابا إسلاميا. ما يصفه الحزب الحاكم بالدولة الجديدة، إنما هي الدولة التي نعرفها. السياسيون ليسوا قادرين على ابتكار دولة جديدة، إنهم يعيدون صياغة الماضي بكل مؤسساته ومعالمه المعمارية والتصاميم.. الفرق الوحيد أن هذه نسخة إسلامية للدولة القديمة».

يسأل أحد الشباب الأتراك: «أين هو نيكولاي تشاوشيسكو؟ كم كان عدد غرف قصره؟» إشارة إلى القصر الجديد الذي بناه إردوغان.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إردوغان أتاتورك إسلامي إردوغان أتاتورك إسلامي



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 00:05 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 20:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 08:41 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أحمد في ورطة؟

GMT 18:57 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

موديلات عبايات لصيف 2025 ستجعلك تبدين أصغر سناً

GMT 13:03 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

زاهى حواس يكشف طلب الرئيس السادات عندما زار المتحف المصرى

GMT 14:57 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حريق داخل بسطة خضار بداخلها غالونات بنزين ومازوت في بعبدا
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon