مصالحة صحف ومساكن

مصالحة صحف ومساكن!

مصالحة صحف ومساكن!

 لبنان اليوم -

مصالحة صحف ومساكن

عبد الرحمن الراشد

صحف الضفة الغربية، المحكومة من السلطة الفلسطينية، سمح لها أن تباع في غزة، وحكومة حماس قامت أيضا بتسليم بيتين كانت تحتلهما؛ واحد لمحمود عباس، وكذلك فيلا الرئيس الراحل ياسر عرفات، إلى حكومة رام الله، ضمن المصالحة بين الطرفين. وكلنا سعداء بالمصالحة التي اتفق عليها الفريقان الفلسطينيان، السلطة وحماس، وعسى أن تكون أكثر من مجرد بيع جرائد وإعادة منزلين منهوبين إلى أصحابهما. نخشى في زواج المصالحة أنه زواج لا ينجب؛ فالاثنان نظامان مختلفان، وليسا حزبين متنافسين في نظام واحد. وعبارات فخمة كـ«حكومة الوحدة الوطنية»، هي مثل أصباغ المكياج، لا تلبث أن تزول ما دام أن الطرفين لم يصفيا النية أولا، قبل التوافق. حماس في جوع مادي، وتحتاج إلى أن تقوم السلطة بدفع مرتبات منسوبيها وتسديد فواتيرها من الكهرباء والماء، نتيجة فقدانها معظم مداخيلها الخارجية ومحاصرتها بسبب خطئها الشنيع بالتورط في صراع الحكم في مصر. فالنظام المصري الحالي يعد حماس طرفا في صراع الحكم في القاهرة، لذا قطع سيناء على أفرادها، ودفن أنفاقها. حتى الرئيس المعزول حسني مبارك كان يغض النظر عن أنفاق حماس وتمويلاتها ضمن سياسته بمسك العصا من الوسط، يوازن بها العلاقة مع سلطة رام الله وكذلك مع إسرائيل. بالنسبة للسلطة الفلسطينية فهي تحتاج للمصالحة لأنها تفاوض، ومقبلة على حل سياسي مع إسرائيل يحتاج إلى غطاء، بمهادنة حماس تكون شريكة في المشروع. إلا أن حماس لن تتنازل عن سلطتها في غزة مهما قالت ووعدت بالقبول بحكومة تكنوقراطية، ستظل تدير الشرطة، وتجبي أموال المعابر، وستترك لحكومة عباس جمع القمامة في الشوارع. والحال مماثل في رام الله، حيث سيبقى رجال حكومة محمود عباس يمسكون بحقيبتي الأمن والمالية.
لهذا فهو زواج بلا إنجاب، وستستمر العلاقة حتى ينتهي الحب المؤقت، وحتى يحسم أحدهما الحكم لصالحه، أو تكرس حماس فصل غزة نهائيا عن الضفة الغربية، وهي منفصلة في الواقع. ما يدعو للسخرية المرة أن الحديث عن إقامة دولتين على أرض فلسطين، إسرائيل وفلسطين، تقزم وصار دولتين فلسطينيتين، السلطة وحماس. ويبدو أنه سيبقى الوضع هكذا إلى زمن طويل.
أما سبب التشكيك في قدرة الطرفين على المصالحة الحقيقية، والعودة إلى جسد السلطة الفلسطينية الذي كان موجودا، أنه لم يكن موجودا في الأصل. غزة، منذ أن أصبحت تحت إدارة حكومة حماس، في ظل توليها رئاسة الحكومة بدأت الاستقلال تدريجيا حتى جاء ذلك اليوم المظلم قبل سبع سنوات عندما قامت ميليشياتها بالاستيلاء على مراكز الشرطة وبقية الأجهزة الأمنية، ورأينا كيف ألقوا بأفراد شرطة فتح من أسطح العمارات ليلقوا حتفهم. بذلك الانقلاب انقسمت فلسطين الصغيرة وتشرذمت. وكل المحاولات التي جرت لتجسير الهوة، وإصلاح خلاف العائلة، جوبهت بأفعال بشعة، ومن ذا الذي ينسى ذلك المشهد المعيب عندما قام رجال أمن حماس بتعرية أسرى من أمن السلطة الفلسطينية ورميهم داخل حدود إسرائيل، أمام شماتة العدو. فعل مشين لم يفعله حتى الإسرائيليون. وكان هؤلاء الذين شنع بهم محظوظين، لأن البقية ظلت قابعة في سجون حماس.
طبعا، هذا صار تاريخا، لكن الفاعلين لا يزالون أحياء، ويمارسون عملهم اليومي في غزة دون حياء أو اعتذار. ولن تنجح حكومة الوحدة الوطنية لأنها مشروع انتهازي للطرفين، إلا إذا قرر الطرفان الحديث عن كل الخلافات وليس القفز فوقها، وإجراء مصالحة تعترف بالأخطاء الماضية وتضع نظاما شاملا يسلم الطرفان بموجبه الصلاحيات الرئيسة لمؤسسة الدولة، ماليا وأمنيا.
ولأنه توافق مؤقت، نقول عسى أن تطول أيامه حتى ينجز كل فريق ما يريده من الآخر، المال من فتح والصمت من حماس. مؤسف أن القيادات الفلسطينية بعد ست وستين سنة من قيام إسرائيل على أرضهم عاجزة حتى عن إقامة نظام واحد تتفق عليه، فكيف تستطيع إقناع العالم ومواجهة الدولة اليهودية؟ لم تتعلم من النموذج الإسرائيلي الذي يضم كل الألوان والنحل، الشيوعيين والدينيين، تحت نظام سياسي ديمقراطي واحد، يخضعون له مهما كانت آراؤهم أو مواقفهم. نظام من الثبات أنه أدخل رئيس الوزراء السابق أولمرت الحبس بأمر قضائي سبع سنوات، لأنه تورط في الرشوة.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصالحة صحف ومساكن مصالحة صحف ومساكن



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon