لا لانفصال جنوب اليمن

لا.. لانفصال جنوب اليمن

لا.. لانفصال جنوب اليمن

 لبنان اليوم -

لا لانفصال جنوب اليمن

عبد الرحمن الراشد

بعد تحرير عدن والعند، وزحف قوات الحكومة اليمنية مدعومة من قوات التحالف شمالاً، ارتفعت أصوات تطالب بإقامة جمهورية للجنوب اليمني.
هذه الأصوات كانت دائمًا موجودة، وهي نتيجة خيبات اليمن الموحد الذي تشكل في ظروف تاريخية ملتبسة عام 1990. فقد كانت حكومة الجنوب تمر بحالة صراع على الحكم في داخلها، والنظام الماركسي كان يترنح. عندها لجأ علي سالم البيض إلى صنعاء طالبًا الوحدة مع الشمال، في حالة هروب إلى الأمام من السقوط الحتمي المتزامن مع انهيار الاتحاد السوفياتي.
وبعد توحيد اليمن دون ترتيبات سياسية تكررت تجربة الوحدة المصرية السورية، حيث لم يمر زمن طويل حتى صار فريق يحاول الهيمنة والاستيلاء على كل الحكم. هذا ما فعله الرئيس حينها علي عبد الله صالح الذي أضاف الجنوب إلى مزرعته الخاصة، كما فعل بدولة الشمال.
وبعدها لم تتحقق وحدة حقيقية إلا على ورق المراسلات الحكومية والعملة والعلم، وغيرها من شكليات الحكومة الوطنية. أما على الأرض فقد كانت قوات صالح وأجهزته الأمنية تدير الجنوب، الذي تم اغتيال كثير من قياداته وفرت البقية للخارج. وجرت محاولات تمرد ضد حكم صالح وفشلت.
بناء على هذه الخلفية التاريخية المحزنة طبيعي أن تكون الوحدة رمزًا سلبيًا، وتجد كلمة انفصال شعبية في الجنوب، لكن غالب دعاتها إما وطنيون حالمون أو انتهازيون.
دعاة الانفصال يبررون رغبتهم، بأن فيه عودة للوضع التاريخي الطبيعي، عندما كان اليمن يمنين معظم القرون الماضية، وأن الشمال يعاني من أزمات يصعب حلها والأفضل عدم تصدير مشاكله للجنوب، والثالث أن الانفصال رغبة شعبية عارمة في الجنوب. وأخيرا، يقولون: إن الانفصال صار أكثر من مجرد فكرة، اليوم هو حركة منظمة سياسيا وعسكريًا، وأمر واقع يجب عدم التصدي له وإلا ستكبر الأزمة اليمنية. وقد يجد البعض في المرافعة أعلاه أسبابًا مقنعة لتأييد الانفصال، كحل أسهل لأزمة اليوم التي تطلبت حربًا ضخمة لوقف انهيار اليمن. وقد يجد البعض أنها الحل الوحيد إذا استعصى مشروع تحرير اليمن من المتمردين، حوثيين وصالحيين، خلال زمن معقول.
ووجهة نظري، أنه حتى بوجود سبب قاهر مثل العجز عن بسط الشرعية على كل اليمن، وهو بلد وعر تضاريسيًا، ومشتبك قبليًا، وفقير في موارده، مثل أفغانستان، رغم هذا يجب أن نقف ضد تقسيمه. المنطق، الإصرار على تبني نموذج الدولة اليمنية الواحدة، واعتبار الانفصال الحاصل حاليًا حالة مؤقتة، وأن نظام الجنوب الذي يتكون الآن ناقص، ونظام الشمال غير شرعي. والأسباب لذلك كثيرة؛ أولاً أن الانفصال قسرًا برغبة فئة واحدة دون قبول البقية، لا يوجد له مسوغ في القانون الدولي، وفيه تخريب لكيان شرعي معترف به دوليًا من أجل إرضاء فئات ضد أخرى. وفي المنطق السياسي، انفصال الجنوب لن يعني أبدا استقراره، بل سيقص شريط أزمات جديدة، بسبب الصراعات المؤكدة بين القوى والزعامات الجنوبية المتنافسة، وبينها تاريخي دموي إلى زمن قريب، والتي كانت السبب في اللجوء للوحدة مع الشمال. والسبب الثالث أن تفكيك اليمن إلى دولتين، وربما إلى أكثر لاحقًا، يعني دخول قوى إقليمية وأجنبية في النزاع اليمني اليمني الذي سينشأ ويستمر لعقود، كما حدث في الستينات، وهذا سيهدد أمن دول مثل السعودية وسلطنة عمان ومجلس التعاون، وسيزيد من توتر المنطقة وحروبها لسنين. علاوة على نتائج الفوضى التي ستجعل خمسة وعشرين مليون يمني في حالة احتراب طويلة الأمد، وبؤس، وفقر مؤلمين.
الانفصال فكرة حمقاء مدمرة بذاتها في عالم يفضل التقارب. ورفض دعمها لا ينفي حق الانفصال لاحقًا، إذا كانت بالفعل رغبة كل اليمنيين وليس بضعة أشخاص. ويمكن الحديث عن تحقيق مثل هذه الرغبة في وقت استقرار، حيث يستطيع الجميع أن يفكروا ويقرروا فيه مصيرهم بعقلانية، لما فيه مصلحتهم على المدى الطويل، وربما يختارون بدائل للعيش المشترك عبر نظام فيدرالي يحافظ على كيان الدولة. الانفصال فكرة من إفراز فورة عاطفية أو بسبب ثارات لحظية.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا لانفصال جنوب اليمن لا لانفصال جنوب اليمن



GMT 21:26 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

شفافية في المعلومات والأرقام يا حكومة

GMT 21:25 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

معلقات اليمن

GMT 21:24 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

العصا الرقمية... والهشّ على الغنم

GMT 21:23 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

في عشق السلاح...

GMT 21:22 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا المتحدة... وليبيا المُنقسِمة

GMT 21:21 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

في ذكرى استقلال ليبيا... ماذا أبقيتم للأجيال المقبلة؟

GMT 21:20 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

قوات الاستقرار في غزة

GMT 21:19 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بيت لحم... أفراح القلوب المكسورة

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:23 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيا سبورتاج 2026 تحصد لقب "أفضل اختيار للسلامة بلاس" لعام 2025

GMT 00:03 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 18:04 2023 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

اتيكيت مقابلة أهل العريس

GMT 19:07 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

عبير صبري تؤكد إلى أحمد مالك الأخلاق مش بتنفصل عن الفن

GMT 05:24 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

الجماعات الإسلامية" تشن حملة لتشوية الإعلام"

GMT 12:06 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

فيلم «شماريخ» يتصدر شباك التذاكر بـ14 مليوناً و521 ألف جنيه
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon