الإمساك بالعراق قبل الانهيار

الإمساك بالعراق قبل الانهيار

الإمساك بالعراق قبل الانهيار

 لبنان اليوم -

الإمساك بالعراق قبل الانهيار

عبد الرحمن الراشد

العراق من أقدم دول وحضارات العالم، ومع أن عراق اليوم هو نتاج ما يسمى بالدولة القومية التي نشأت في القرن الماضي، فقد بقي دائما، مثل مصر، موحدا في إطار بلاد الرافدين. وبعد هزيمة العثمانيين في الحرب العالمية الثانية، ورث الإنجليز إدارة العراق، ضمن تقسيم اتفاق سايكس بيكو، وقام وينستون تشرشل بتصميم الدولة العراقية الحديثة في مؤتمر القاهرة لتصبح مزيجا من الحكم الملكي البرلماني. الإنجليز، بعد العثمانيين، وقبلهم العباسيون والأمويون، حافظوا على وحدة العراق. اعتبره لورنس العرب مركز المنطقة، وأن المستقبل في بغداد وليس في دمشق. وفرضوا على الأكراد أن يكونوا جزءا من الدولة، ورفضوا السماح لتركيا بأن تأخذ الموصل التي اعتبرها الأتراك جزءا قديما من جمهوريتهم الجديدة، ولجأ الإنجليز إلى استفتاء الموصل، فاختار أهلها البقاء عراقيين. الملوك الهاشميون حافظوا على العراق، وكذلك فعل البعثيون، حتى الأميركيون بعد الاحتلال أصروا على إبقاء كردستان ضمن الخريطة العراقية. أما نوري المالكي، المنتهية رئاسته للوزراء، فقد صنع لنفسه شهرته في التاريخ، الرجل الذي قسم العراق. فهو أول حاكم في ألف عام تتفكك بسببه البلاد، لم يفعلها من قبله الطغاة أو الأجانب. فعل المالكي ما لم يفعله الحجاج الثقفي، وهولاكو المغولي، وبيرسي كوكس الإنجليزي، والملك فيصل الهاشمي، وبريمر الأميركي!
بات شبح التقسيم حقيقيا، وصار التهديد شبه حقيقة بتصغير هذه الدولة إلى دويلات، ثلاث جمهوريات أو أكثر، ربما متحاربة.
كردستان أعلنت عزمها على استفتاء مواطنيها إن كانوا راغبين في الانفصال والاستقلال، متحججة قيادة الإقليم باستحالة البقاء تحت حكم المالكي. ومن المؤكد أن تحذو المحافظات السنية حذوها، إن بقي في الحكم. اتهم مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان، المالكي، بأنه خلف كل الفوضى والأزمات، أخذ العراق موحدا، غنيا، وفرط فيه لأسباب شخصية وطائفية ضيقة. حارب الأكراد واستولى على صلاحيات مناصبهم، ومنعهم من بيع نفطهم، وترك لصوص مكتبه يتحكمون في العقود النفطية، وعندما رفض الأكراد هددهم بحرمانهم من خلال الملاحقات الدولية، بدل أن يحاول التصالح، أو على الأقل الصبر عليهم. قال له الأكراد نحن لا نريد دولة يحكمنا فيها صدام حسين آخر، لقد حاربناه ثلاثين عاما لا ليأتي المالكي يتفرد بقراراته في حياتنا اليومية. وهكذا أدت سياسات هذا الرجل الجاهل في دفع الأكراد نحو الاستقلال!
والسنة العرب عانوا أسوأ من الكرد تحت إدارة المالكي، حتى باتوا ينشدون المصير نفسه. سألت أحد قيادييهم بأن الأنبار ونينوى محافظتان بلا موارد مالية، وسيعيش أهلها في فقر. قال هم يعيشون في ذل وفقر تحت حكم بغداد، على الأقل بالانفصال نعيش فقراء فقط.
والمالكي حتى في أزمة الأيام الأخيرة لم يرتدع عن أساليبه السابقة، فقد عمل على ابتزاز نواب السنة مهددا إياهم، وقام بمحاولة شراء ذمم العديد من نواب الكتل الأخرى، مستفيدا من الأموال الطائلة التي تحت يده. لهذا السبب سعت الكتل إلى تأجيل التصويت في البرلمان الجديد على اختيار الرئاسات الثلاث، مدركة أنه استخدم الرشوة والابتزاز لتخريب مسار العمل الديمقراطي!

 

 

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإمساك بالعراق قبل الانهيار الإمساك بالعراق قبل الانهيار



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:56 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 09:59 2024 الخميس ,26 أيلول / سبتمبر

أبرز العطور التي تتناسب مع أجواء الخريف

GMT 06:09 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

تقرير يكشف فوائد السمسم على صحة الجسم والبشرة

GMT 09:33 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت

GMT 10:11 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

النواب الجدد

GMT 13:30 2016 الخميس ,01 كانون الأول / ديسمبر

"التكنولوجيا المريضة" آخر ما حرّف في كرة القدم

GMT 06:51 2012 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

700 جهاز كل دقيقة مبيعات "آي فون" في الصين

GMT 12:55 2018 الإثنين ,24 أيلول / سبتمبر

الجمعيات والمرافق الرياضية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon