مصر والخلاف مع الولايات المتحدة

مصر والخلاف مع الولايات المتحدة

مصر والخلاف مع الولايات المتحدة

 لبنان اليوم -

مصر والخلاف مع الولايات المتحدة

عبد الرحمن الراشد
لم يخطر ببال أحد أن تتوتر الآن علاقة مصر مع من كانوا يسمونها «ماما أمريكا»، بل كان يظن العكس، أن علاقة واشنطن ستنحدر بصعود الإخوان المسلمين إلى الحكم، وليس إخراجهم منه. العلاقة مضطربة، يؤكدها وزير الخارجية المصري، نبيل فهمي، فهل هي زوبعة في فنجان؟ القيادة المصرية الجديدة تستحضر اليوم تاريخ العداء ورموزه مع الولايات المتحدة، إبان الحرب الباردة، بتلميع صورة عبد الناصر، والأميركيون لم يكتفوا بنقد السلطات المصرية، بل قطعوا جزءا من المعونة التي قرئت كرسالة سياسية أكبر من قيمتها بالدولارات. الخلاف قد يدوم عاما، حتى تنتهي الانتخابات التشريعية، فالرئاسية المصرية، وقد تتسع وتطول إذا انجرف كل طرف نحو التصعيد ضد الآخر. خطأ الأميركيين كبير لأنهم يهونون من اعتزاز المصريين بشخصيتهم ووطنيتهم. ومن الواضح أن القيادة المصرية تنتقد واشنطن بلغة الكرامة المجروحة أكثر من السياسة. الحكومة الأميركية التي تغازل إيران وتفاوض طالبان، تشن حروبا على أصدقائها هنا، البحرين والسعودية ومصر. تعامل مصر، أكبر الدول العربية وهي أكبر من إيران، كبلد صغير. المنطقة تحاسب السياسة الأميركية على أفعالها لا على محاضراتها. يرون واشنطن تطلب من العرب شراء تذاكر لحضور مباريات انتخابية، والانخراط في نظام ديمقراطي، ثم تهرب من تحمل نتائج سياستها. مثلا، في العراق، قامت الولايات المتحدة بأكبر عملية زراعة للديمقراطية في المنطقة. أنفقت ملايين الدولارات من أجل أن يصوت ملايين العراقيين بأصابعهم المخضبة بالحبر البنفسجي في كرنفال بهي، ثم انتهت العملية السياسية بولادة نظام ديكتاتوري يشبه نظام صدام حسين! نوري المالكي، رئيس الوزراء، الذي يحكم منذ عام 2006، تحول إلى ديكتاتور يدير الدولة كلها من مكتبه. يدير الأجهزة الأمنية، والسجون، والجيش، والمخابرات، والمالية، ولم يعد للبرلمان قيمة، وأقصى شركاء الحكومة الائتلافية، وهو من يقرر عقود النفط، والسلاح، ومشاريع الدولة، ويوقع الإعدامات، ويوجه التهم إلى خصومه السياسيين الذين بات كثير منهم إما مقتولين وإما هاربين من الملاحقة الأمنية. لو أن الحكومة الأميركية أظهرت من الشجاعة في العراق، ما تفعله ضد مصر اليوم، ربما من حقها أن تقول إن مواقفها تنسجم مع سياستها، لكنها تفعل العكس. ففي مصر، لم تعاقب حكومة الإخوان عندما قامت بمنع المحاكم من الانعقاد بالقوة، وعندما حاولت تعطيل القضاء، وعندما لاحقت وسائل الإعلام، وقررت الهيمنة على النظام لا الحكومة وحسب. على واشنطن، إن كانت حقا مهتمة، أن تبرهن على موقفها. لا يعقل أن تسكت عما يحدث من انتهاكات بشعة للنظام الديمقراطي الذي بنته في العراق ثم تلاحق مصر بعد عامها الأول، وتبدأ فورا بمعاقبتها. طبعا، هذا لا يعفي الجانب المصري من أن يلام على حساسيته المفرطة حيال ما يصدر من واشنطن. فالنظام الأميركي لا يشبه العربي، حيث يوجد له رأس واحد، بل في واشنطن الدولة متعددة الأصوات والقرارات، فما يصدر في الكونغرس لا يعبر عن البيت الأبيض، إلى جانب مؤسسات الدولة الأخرى والمجتمع المدني.  
lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر والخلاف مع الولايات المتحدة مصر والخلاف مع الولايات المتحدة



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon