سوريا هذا أقل ما ينبغي فعله

سوريا: هذا أقل ما ينبغي فعله

سوريا: هذا أقل ما ينبغي فعله

 لبنان اليوم -

سوريا هذا أقل ما ينبغي فعله

عبد الرحمن الراشد
ما يحدث للإنسان السوري من تهجير وتجويع هو خارج التصور والتصوير، أكثر من خمسة ملايين في الداخل والخارج عمليا باتوا مشردين، بما تحمله المأساة من معان كثيرة. وإذا كانت هناك مبررات عديدة لعجزنا السياسي والعسكري عن وقف المأساة، من إسقاط للنظام إلى تأمين حماية دولية، فإنه لا يوجد مبرر مقبول حتى لا نقدم الأردية والأغطية والأدوية والأغذية. لا يوجد مبرر حتى للأفراد مثلنا، سوى أنه لا توجد تنظيمات موثوقة تقوم بدور جمع المساعدات. ليس صعبا أن يجود الواحد منا بما يستطيعه لنجدة السوريين الهائمين على وجوههم في الداخل، أو المحاصرين في مخيمات في الخارج. وأنا واثق أن عشرات الملايين من الناس في بلادنا وأنحاء العالم يرغبون حقا في مد يد العون مهما طالت الأزمة، لكن يبدو أن هناك عجزا في تنظيم العمل الإغاثي الذي شوهته نشاطات المتطرفين ورسائلهم المقيتة. ولا يجوز لحكوماتنا أن تمنع هذه الجماعات، التي تجمع الأموال لأغراضها السيئة، وفي الوقت نفسه لا توجد البديل. وقد يكون من التحامل أن نخطئ الحكومات العربية في شأن الدعم العسكري أو السياسي للشعب السوري، لأن الظروف أكثر تعقيدا وخطورة مما يظهر على شاشات التلفزيون، لكن هذا لا يبرر لها أن تمنع الحملات الإغاثية المشبوهة وفي الوقت نفسه لا تدعم فكرة الجمعيات النزيهة لتقوم بالدور نفسه. لن يكون صعبا عليها جمع تبرعات خصيصا لمواجهة الشتاء بالبطانيات، أو تبرعات لتأمين الأدوية، وثالثة للأغذية. الحكومات العربية مسؤولة لأنها هي التي قررت أن تمنع الجمعيات غير المرخصة، وفي الوقت نفسه لا توجد هناك حقا جمعيات نشطة مرخصة للعمل الإغاثي الخارجي. وأمام كارثة ملايين المشردين السوريين تصبح الأعمال الفردية الآن قليلة، وهناك ما تنجزه بعض المنظمات الصغيرة، يستحق الشكر والتقدير، إنما الكارثة أكبر بكثير مما يقدم حتى الآن. الذي فعله نظام الأسد منذ البداية أنه تعمد استهداف المدنيين بقصف الأحياء وعاقب مدنا بأكملها، وتعمد تشريد جموع المدنيين إما بالترويع أو بالتجويع، حتى فر أكثر من ربع السكان، وأصبحوا بلا مأوى إلا من تمكن من الحصول على خيمة في الزعتري في الأردن أو مساكن لا تصلح للسكن تقوم المنظمات الدولية باستئجارها من الأهالي في لبنان، وبقيت الأغلبية من دون سقف تحتمي به. في المأساة السورية ليست المهمة الأهم محاربة النظام بدعم المقاتلين على جبهات متعددة، بل دعم الشعب السوري عندما قررت الحكومة حرمانه من الخبز والأفران والمساكن، ولا يعقل أن نقول إنه نظام شرير وفي الوقت نفسه نحن لا نعوض الناس عما منعهم منه. هنا نصبح أكثر سوءا وشرا من نظام الأسد. على الحكومات العربية التي وقفت مع الشعب السوري منذ البداية، وهي قليلة على أي حال، فتح المجال للعمل الإنساني الإغاثي، وجعله شفافا يمكننا جميعا من مراقبته لحماية المتبرعين والمحتاجين من سوء الاستخدام. هذا أقل ما يمكننا أن نقدمه، لأننا لن نحارب عنهم، ولن نضحي بأبنائنا نيابة عن أبنائهم، وبالتالي ليس كثيرا أن نشتري لحافا وأدوية وطحينا للملايين الذين هم في محنة عظيمة.  
lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريا هذا أقل ما ينبغي فعله سوريا هذا أقل ما ينبغي فعله



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon