فتوى سياسية ضد القنبلة النووية

فتوى سياسية ضد القنبلة النووية

فتوى سياسية ضد القنبلة النووية

 لبنان اليوم -

فتوى سياسية ضد القنبلة النووية

عبد الرحمن الراشد
أحيانا، لا توجد فوارق كبيرة بين رجال الدين ورجال السياسة؛ ففن الكلام مهنتهم. ببلاغتهم يمكنهم التبرير والتدوير. النظام الإيراني الآن يقول إنه لا ينوي أن يبني قوة نووية عسكرية، لأن المرشد الأعلى أفتى بتحريم استخدام السلاح النووي! لا بد أن تكون إيرانيا شيعيا ورعا لتصدق مثل هذه العهود، لكن ليس بإمكان حكومات المنطقة تصديقها. وهنا أستعير المثل الذي استعان به الزميل الأستاذ إياد أبو شقرا في مقاله أول من أمس «إن سوء الظن من أقوى الفطن»، ففتوى المرشد الأعلى تزيدنا تشككا، فالأمر لا يحتاج إلى فتوى، بل إلى فتح المعامل والمفاعلات للمفتشين الدوليين، ونحن سنقبل بحكمهم وضماناتهم. كجيران، لن نطالب بشروط نتنياهو الأربعة من على منبر الأمم المتحدة «وقف تخصيب اليورانيوم، وإخراج المخصب منه من إيران، وتفكيك البنى التحتية التي تسرع إنتاج سلاح نووي مثل منشآت قم ونتناز، ووقف العمل في مفاعل المياه الثقيلة في أراك لإنتاج البلوتونيوم». فتوى المرشد بتحريم السلاح النووي تقع بين الدين والسياسة، فالإسلام يعتبر قتل نفس واحدة بغير حق مثل قتل البشر جميعا، ورأس نووي واحد كاف لإبادة عشرات أو مئات الآلاف الأبرياء. لكن فتوى المرشد هنا لا تزيد على فتاوى بابا الفاتيكان لأتباعه الكاثوليك بتحريم موانع الحمل، فإيران على وشك إنجاب سلاحها المحرم. ما أنفقته وضحّت به في عقد ونصف العقد من أجل مشروعها النووي أضخم من أن يصدق العقل أنه كان بهدف إضاءة شوارع طهران، فقد عرض الغرب على الحكومات الإيرانية المتعاقبة مكافآت وحوافز وبدائل تعوضها للحصول على الطاقة التي تحتاجها، مع هذا رفضت، واستمرت في تنفيذ مشروع يستحيل إلا أن يكون عسكريا. الشرق الأوسط، المنطقة التي ألفت الحروب طويلا، قادرة على خوض أخرى، إنما بعد القضاء على طغاة مثل القذافي وصدام والآن الأسد، زاد الأمل بأن اليوم اقترب لإخلاء المنطقة من الحروب، وأن تتخلى أنظمة مثل إيران عن مشاريعها التوسعية وأحلامها ببناء إمبراطوريات إقليمية، وبدلا منه التفرغ لبناء بلدانها من الداخل. فالخطر على إيران من داخلها وليس من العرب أو إسرائيل، كما يحاول منظّرو الجمهورية الترويج له، لتبرير الشقاء الذي يعيشه الشعب الإيراني في سبيل الحصول على القنبلة المقدسة. والمفارقة أن الأميركيين الذين أنفقوا الكثير من الوقت والجهد لبناء حلف واسع نجح في التضييق على نظام إيران سياسيا واقتصاديا، يقومون بهدمه اليوم. فقد كان هدف الحلف سلميا بإجبار طهران على التخلي عن أحلامها العسكرية، مستخدما المصارف وشركات النفط والسفر والتقنية، إلى جانب وسائله الأمنية والعسكرية. أغلقت بنوك، وعطلت مصالح اقتصادية، ومنعت شركات طيران، وحظر تصدير معظم المنتجات المختلفة إلى إيران، هذا ما دفع القيادة الإيرانية إلى اختيار روحاني صاحب الوجه الباسم، خلفا للعابس نجاد، رئيسا وداعية سلام. نحن الذين نسكن على بعد مرمى حجر من اليابسة الإيرانية عبر الخليج أكثر سعادة من الأميركيين أو الإسرائيليين أن يكون النظام الإيراني حقا راغبا في السلام، ووصل إلى قناعة بالتخلي عن السلاح النووي لأنه سيكلف الحصول عليه أعظم مما يستفيد منه. بكل أسف، لا نلمح في الأفق شيئا من هذا التواضع، بل يبدو لنا مشروع علاقات عامة يهدف إلى دغدغة عواطف البيت الأبيض.  
lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فتوى سياسية ضد القنبلة النووية فتوى سياسية ضد القنبلة النووية



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon