الرئيس العراقي في الرياض

الرئيس العراقي في الرياض

الرئيس العراقي في الرياض

 لبنان اليوم -

الرئيس العراقي في الرياض

عبد الرحمن الراشد
بقلم - عبد الرحمن الراشد

بين العاصمتين تتأرجح التطلعات بين أقصى نقطة في التعاون الشامل، وأدناها بالاكتفاء بالدبلوماسية التقليدية. لهذا؛ يجيء للرياض الرئيس العراقي الجديد، الدكتور برهم صالح، في وقت تنتظر العلاقات تنشيطها، انسجاماً مع تحرك الأوضاع الإقليمية، وحتى العراقية الداخلية. هذه إطلالته الأولى منذ انتخابه من قِبل البرلمان العراقي. الرياض مسك ختام جولته، مع أن أحد مساعديه قال كانت الرياض المحطة الأولى لولا أن الزيارات الملكية لمناطق المملكة كانت قد برمجت. لهذا؛ فهو يصل إلى السعودية ولديه اطلاع مباشر على مواقف الدول في محيط العراق.
الرئاسة العراقية تبدأ عهدها والوقت يدعو للتفاؤل لإكمال رحلة عبور الجسر فوق الهاوية، التي نجحت الرئاسة السابقة في تفادي السقوط فيها، حيث ألغام إيران وسوريا والإرهاب. الرئيس برهم صالح ينشد تضامن دول الجوار مع بلاده، واحترام الجميع لسيادتها وسلامة أراضيها، ولا تكون ممراً للجيوش، ولا ساحة للاحتراب الإقليمي.
وأزمات الصيف المنصرم بينت تنوع التحديات التي تواجه حكومة بغداد الجديدة، عدا عن ميليشيات إيران العابرة للحدود، والعراقية الممولة من إيران، وبقايا تنظيم داعش المنكسر، وفلوله الهاربة من حرب سوريا... عدا عن كل هذه القضايا الخطيرة فقد عصفت بالحكومة السابقة أزمات لا تقل خطورة، انفجر الغضب الشعبي بسبب تلوث المياه وانقطاع الكهرباء. الحكومة الجديدة تواجه الأزمات نفسها؛ العلاقات الملوثة مع طهران مع المياه الملوثة، وستحتاج إلى جهد سياسي كبير لتأمين الأمن والاستقرار والخدمات المعيشية، والبدء في التنمية.
السعودية، بين الدول الست المجاورة، أقدر على مساعدة السلطات العراقية في أن تتحول نحو التنمية الاقتصادية. وقد سمى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في كلمته في مؤتمر الاستثمار الأخير، العراق بين الدول التي تنبأ لها بالنجاح الاقتصادي الإقليمي.
على الأرض وعلى الخريطة، العراق بين جارين متنافسين؛ السعودية وإيران. والعلاقة الثلاثية بين الرياض وبغداد وطهران متشابكة ومعقدة. ويبقى الخيار للمسؤولين في العراق، في أن يقرروا كيف يريدون ترتيبها والتعامل مع الحكومتين. السعودية وإيران، كلتاهما تعتبر العراق امتدادها الجغرافي السياسي، وخطها الدفاعي الأول، ويمكن أن يكون مصدر الاستقرار مثلما يمكن أن يكون مصدر الاضطراب. ورغم التشابه في الرؤى تبقى الفوارق واضحة في تناقض الممارسات. السعودية تريد العراق ممراً إلى سوريا وتركيا ووسط آسيا، تعبر منه حافلات الحجاج والمعتمرين والشاحنات الغذائية والمنتجات الصناعية. أما إيران فتريد استخدام العراق طريقاً سريعة لنقل المقاتلين والسلاح وتمويل حروبها في المنطقة. الرياض تريد العراق بلداً مستقراً وناجحاً مثلما ترى مصر، تستطيع أن تتكئ عليه لتأمين حدودها، وتزدهر التجارة معه. أما نظام إيران فيريد أن يبقي على العراق بقرة حلوباً لتحدي الحصار الاقتصادي الغربي، وتمويل نشاطات «فيلق القدس» و«حزب الله» وغيرهما في سوريا ولبنان. هذه ممارسات نظام المرشد الأعلى في أفغانستان وباكستان، يصدّر إليهما الفوضى والمقاتلين والسلاح.
تستطيع السعودية أن تكون شريكاً اقتصاديا كبيراً، وتساهم في نهضته، وتعزز استقرار سلطته المركزية حتى لا تكون تحت إدارة جنرالات الحرب في إيران. والعراق لاحقاً ربما يستطيع أن يلعب دوراً في مرحلة ما بعد العقوبات الاقتصادية الأميركية، بدفع طهران نحو الاعتدال وليس فتح الحدود لها للتخريب وشن الحروب.
الرئيس برهم صاحب تجربة سياسية وحكومية مميزة، عرفناه رمز العراق الموحد، والعراق الحديث. عاش حياته السياسية نظيفاً بعيداً عن الصراعات الطائفية والعرقية، معظم أفكاره تحولت إلى مشروعات على الأرض في التنمية والتعليم والتعايش. فقد تشرفت بالعمل معه عن قرب، في مجلس أمناء الجامعة الأميركية في كردستان التي فتحت أبوابها لكل العراقيين، أسست ومارست نشاطاتها في أوج مراحل الإرهاب والتنازع المحلي.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرئيس العراقي في الرياض الرئيس العراقي في الرياض



GMT 07:47 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

هل مسلحو سوريا سلفيون؟

GMT 09:50 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

علاقات بشار التي قضت عليه

GMT 06:06 2024 السبت ,19 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل لا تنوي التوقف

GMT 21:33 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

بري رجلُ السَّاعة

GMT 07:06 2024 الأربعاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الصراع الإيراني الإسرائيلي المباشر

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات

GMT 05:00 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أصوات 20 ألف جزائري تحدد مصير جزيرة قرب أستراليا

GMT 21:50 2014 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها "G3"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon