أمَا آن لهذا العالم أن يوقف الحروب

أمَا آن لهذا العالم أن يوقف الحروب؟

أمَا آن لهذا العالم أن يوقف الحروب؟

 لبنان اليوم -

أمَا آن لهذا العالم أن يوقف الحروب

بقلم:جمعة بوكليب

الخبرُ اليتيمُ المفرحُ هذه الأيام وسطَ زحمة أخبار الحروب ما تناولته وسائلُ الإعلام الدولية مؤخراً عن احتمال توقيع اتفاق سلام بين الجزائر والمغرب برعاية أميركية، بعد موافقة المغرب على منح الصحراويين حكماً ذاتياً.

وفي حالة تحقَّق الاتفاق يصل النزاعُ بين الدولتين الجارتين إلى نهايته بعد نحو أربعين عاماً. ونتمنّى أن يتحقَّق السلام فعلياً، ويتوقَّف نزفُ الدماء وهدرُ الأموال فيما لا جدوى منه. لكن في بقية بقاع الأرض تشتعلُ الحروب وتزداد المآسي. كارثةُ المجازر ضد السُّكان المدنيين في مدينة الفاشر بالسودان لطمة أخرى على جبين الإنسانية.

صحيح أنَّ أخبار حرب الإبادة الإسرائيلية في غزّة تراجعت قليلاً عن عناوين نشرات الأخبار بعد دخول قرار وقف النار حيز التنفيذ. لكن، في الوقت ذاته، عادت بسرعة أخبار الحرب الروسية - الأوكرانية إلى الواجهة الإخبارية. تزامن ذلك مع ما حدث في مدينة الفاشر من مجازرَ ضد المدنيين، ثم تتالى أخبار الضربات الجوية الأميركية ضد قوارب مهربي المخدرات، وتصاعد التحشيد العسكري الأميركي في المحيط الهادئ بهدف إسقاط النظام الفنزويلي، وفق المعلقين، وتلتها أخبار تهديدات أطلقها الرئيس الأميركي ترمب بشنّ حرب ضد الإرهابيين الإسلاميين في شمال نيجيريا حماية للمسيحيين، حسب زعمه.

وكالات الأنباء والصحف والقنوات التلفزيونية على اختلافها تنقل، أولاً بأول، آخر ما استجد من تفاصيل عن دفن القتلى المدنيين في مدينة الفاشر في مقابر جماعية سرّية في محاولة لإخفاء الجريمة جنباً لجنب مع أخبار تفاصيل المعارك الجارية في مدينة بوكروفيسك بمنطقة دونيتسك في أوكرانيا. المحللون العسكريون يتوالون بالظهور على شاشات القنوات التلفزيونية للحديث عن تأثيرات وتداعيات سقوطها في أيدي القوات الروسية، وانعكاس ذلك على مجريات الحرب وهي تقترب من عامها الرابع.

ويتفقون جميعاً على أن خطوط الدفاع الأوكرانية تتهاوى أمام شدة الضربات الروسية. لكن لا أحد منهم بادر بالحديث ولو تلميحاً عن فرص حدوث اتفاق سلام بين الدولتين المتحاربتين.

في مؤتمر صحافي عُقد مؤخراً بالبيت الأبيض في واشنطن دي سي، جمع الرئيس الأميركي دونالد ترمب بضيفه الرئيس المجري فيكتور أوربان، بادر الرئيس ترمب بسؤال ضيفه عن إمكانية فوز أوكرانيا بالحرب. وفي رده، قال الرئيس المجري لا يمكن ذلك ما لم تحدث معجزة. فضحك الرئيس ترمب والحاضرون. ومن المؤكد أنَّ الرئيس الأوكراني زيلينسكي تابع أحداث ذلك المؤتمر على شاشة التلفزيون، أو قرأ ما أعدّه مساعدوه من ملخصات أو تقارير، ولم يضحك، بل من المحتمل أنّه توقف كثيراً مفكراً أمام كلمة معجزة، وربَّما تمنّى في قرارة نفسه لو تتحقّق، وتنقلب الموازين.

عقب سقوط مدينة باخموت في عام 2023، تُعد خسارة مدينة بوكروفيسك الخسارة الأكبر للقوات الأوكرانية. وسقوطها في أيدي القوات الروسية يؤذن بسقوط إقليم دونيتسك، ويزيد في إضعاف الموقف التفاوضي الأوكراني، كما يرفع في الوقت ذاته من حدَّة الضغوطات على الرئيس الأوكراني لقبول الشروط الروسية لإنهاء الحرب.

من المحتمل أن يؤدي التقدم العسكري الروسي في بوكروفيسك مؤخراً إلى تصاعد القلق في عواصم الدول الأوروبية، خصوصاً في لندن وباريس وبروكسل، وقد يفضي بقادتها إلى تجاوز التردد في موضوع الاستحواذ غير القانوني على الأموال الروسية المودعة في المصارف الأوروبية، رغم اعتراض بعض دول الاتحاد، حيث اتفق قادة دول الاتحاد وبريطانيا في إجماعهم الأخير على تأجيل أخذ قرار بالخصوص حتى شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، بهدف دفع فواتير شراء أسلحة وتقديمها لأوكرانيا.

قد تتغيّر عناوين النشرات، وتتبدل مسارح الأحداث من غزة إلى السودان إلى أوكرانيا، ومن فنزويلا إلى نيجيريا، لكن ثابتاً واحداً لا يتغير: وهو أن الخبر المفرح الوحيد الذي نتمنّاه - كإبرام اتفاق سلام إقليمي بين الجزائر والمغرب - يبقى نادراً كالجوهرة في محيط من البارود والدم. وكأن جبهات القتال لا المفاوضات هي من يحدد مصير السلام.

أخيراً نقول، وبعد هذه النهضة التكنولوجية الجبارة التي حققها بنو البشر، أما آن لهم أن يسعوا إلى السلام ويعمروا الأرض وينهوا البؤس والفقر والأمراض ويعمروا الصحارى والمساحات الشاسعة من هذه الأرض، ويخففوا الاكتظاظ من المدن، أم أنهم سيواصلون الدمار والخراب والحروب التي ستقضي على كل ما بنوه، وبالتالي تقضي عليهم جميعاً؟!

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أمَا آن لهذا العالم أن يوقف الحروب أمَا آن لهذا العالم أن يوقف الحروب



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 00:05 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 20:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 08:41 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أحمد في ورطة؟

GMT 18:57 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

موديلات عبايات لصيف 2025 ستجعلك تبدين أصغر سناً

GMT 13:03 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

زاهى حواس يكشف طلب الرئيس السادات عندما زار المتحف المصرى

GMT 14:57 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حريق داخل بسطة خضار بداخلها غالونات بنزين ومازوت في بعبدا

GMT 23:57 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

5 نصائح تمكنك من الانسجام والتفاهم مع شريك حياتك

GMT 22:53 2021 الإثنين ,08 آذار/ مارس

انا والكورونا و المرأة في يومها العالمي

GMT 16:11 2022 الجمعة ,20 أيار / مايو

لبنان يوجه ضربة مزدوجة لطهران
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon