بقلم:جمعة بوكليب
إذا سارت الأمورُ عسكرياً على النحو الذي تسير عليه هذه الأيام، فإننا على بُعد خطوات قليلة من بدءِ نهاية الحرب الروسية-الأوكرانية، بل إن هناك من يؤكد أننا نشهدها حالياً.
تقدم القوات الروسية بوتيرة متسارعة على كافة الجبهات، وتراجع القوات الأوكرانية، بالإضافة إلى الهجمات الروسية على المدن الأوكرانية بالصواريخ والطائرات المسيّرة لقصف وتدمير البنى التحتية، أبرزها محطات توليد وتوفير الكهرباء والمياه... كل ذلك مؤشر إلى رغبة القيادة الروسية في تحقيق أهدافها قبل حلول فصل الشتاء، وإجبار حكومة كييف على الجلوس إلى طاولة التفاوض، والتوقيع على ما تريده موسكو من تنازلات.
الإدارة الأميركية، هي الأخرى، بدأت الاستعداد للنهاية المتوقعة قريباً، بتصميمها خطة لإنهاء الحرب والبدء في التفاوض بين موسكو وكييف. الخطة، كما أكدت تقارير إعلامية غربية، أُعدت بالاشتراك مع موسكو، ووفقاً لما تريده الأخيرة.
من الواضح أن رفض الرئيس ترمب مدّ يد المساعدة إلى حكومة كييف كان بغرض تسريع التقدم العسكري الروسي على الجبهات، بحيث لا يبقى أمام الرئيس الأوكراني زيلينسكي سوى الرضوخ، والسير في الطريق المرسومة، والتي تقود مباشرة إلى التسليم بالشروط الروسية.
بنود الخطة المقترحة لوقف الحرب، المُسرّبة لوسائل الإعلام، تتسق تماماً مع نظرة الرئيس ترمب للحرب، كما جاءت في تصريحات وخطب سابقة. أساسها أن أوكرانيا هي من بدأت الحرب، وأنها لا تملك المقومات العسكرية لهزيمة روسيا، وليس بين يديها أي أوراق رابحة على طاولات التفاوض. وليس أمامها سوى التسليم والإذعان بقبول المطالب الروسية، بتعديلات طفيفة، هنا وهناك، حفظاً لماء وجه الرئيس الأوكراني.
وقف الحرب يُعدّ، وفق المعلقين، أقصر الطرق إلى حصول الرئيس ترمب على جائزة «نوبل للسلام». وهذا يعني أن الخطة الجديدة المقترحة لا تتعلق بتحقيق السلام، بقدر ما تنحو إلى تتويج الرئيس ترمب بـ«جائزة نوبل»، وإلى مكافأة موسكو بالموافقة على الاعتراف بحقها في الاستحواذ على ما أحرزته من أراضٍ، وكذلك الموافقة على ما تفرضه من شروط تستبعد نهائياً أي احتمال يهدف إلى تحويل أوكرانيا إلى قاعدة متقدمة لحلف «الناتو» على حدودها الغربية. وبدلاً من ذلك، تتحول الأراضي الأوكرانية المستولى عليها إلى منطقة عازلة، تدعم وتعزز الأمن القومي الروسي.