سبعونَ دقيقة هزَّتِ العالم

سبعونَ دقيقة هزَّتِ العالم

سبعونَ دقيقة هزَّتِ العالم

 لبنان اليوم -

سبعونَ دقيقة هزَّتِ العالم

بقلم:جمعة بوكليب

الوصفُ في العنوانِ أعلاه سمعته يُردَّدُ فِي وسائلِ الإعلام، خلالَ الحديثِ عن العرضِ العسكريّ الصينيّ، يومَ الأربعاء الماضي، الذي استغرقَ سبعينَ دقيقة. العرضُ كانَ احتفالاً بحلول الذكرى الثمانين لهزيمةِ اليابان في الحربِ العالمية الثانية.

الصينُ، استناداً لافتتاحية صحيفة «التايمز» اللندنية، لم تعدْ تطمحُ إلى أن تكونَ دولةً عظمى، بل أضحت دولةً عظمى. الصحيفةُ وصفتِ العرضَ العسكريَّ الصينيَّ بأنّه «واحدٌ من أكبر العروضِ العسكرية المهيبةِ في التاريخ الحديث». ومراسلُها في الصين وصفَ الترسانةَ العسكريةَ الصينية التي عُرضت في بكين بأنّها «أسرعُ ترسانةٍ توسّعاً في العالم من الأسلحة عالية التقنية». في حين أنَّ صحيفة «ذا فاينانشال تايمز» أطلقتْ على العرضِ العسكريّ الصينيّ اسمَ «زئير الصين».

العرض المذكور بُثَّ على الهواء مباشرة. وشاهدته أممُ وحكوماتُ وشعوبُ العالم. وانتهَى بعد سبعين دقيقةً بعودة القواتِ والمعدّات إلى معسكراتِها وقواعِدها ومخازنِها. لكن ما تركه وراءه من أصداء لم ينتهِ بعد، ولا أظنُّ أنَّ موجات تردده ستتوقف في الأجواء الدولية. ربما كانت نيّة الرئيس الصيني أن يكون العرض بمثابة إشهار الصين دولة عظمى. وفي ذات الوقت ربما قُصدَ به أن يكون إعلاناً لنهاية حقبة نظام القطب الواحد، وبدء حقبة نظام القطبين، أو حقبة تأسيس نظام عالمي متعدد الأقطاب.

خطاب الرئيس الصيني شي جينبينغ، يوم العرض، وضع نقاطاً كثيرة على حروف كثيرة، مؤكداً أن الصين اليوم ليست الصين بالأمس. وما حدث للصين في الماضي على أيدي الأوروبيين واليابانيين لن يحدث ثانيةً. وأن لا شيء يوقف الصين بعد اليوم.

العرضُ العسكري الصيني غير المسبوق، وُصفَ من قبل معلقين غربيين بأنّه رسالة للغرب، وفي المقدمة واشنطن. فحوى الرسالة يؤكد أن الصين، اقتصادياً وعسكرياً وتقنيّاً، أضحت تمثل تحدّياً تاريخياً لهيمنة الغرب على العالم. من الممكن كذلك أن تستنتجَ تايوان من بين سطور الرسالة التهديد المحيط بمستقبلها، آخذين في الاعتبار ما صرّح به الرئيس الصيني في فترة سابقة، من حرصه على إعدادِ جيش الشعب الصيني ليكونَ جاهزاً لاستعادة تايوان في عام 2027.

العرضُ العسكري جاءَ عقب اجتماع قمة «منظمة شنغهاي للتعاون»، وهي منظمة أمنية. القمة حضرها خمسةٌ وعشرون من رؤساء الدول والحكومات الآسيوية، أبرزهم الرئيس الروسي ورئيس كوريا الشمالية ورئيس الحكومة الهندية. الأخير يزور الصينَ لأول مرّة بعد سبع سنوات. والتقى بالرئيس الصيني في اجتماع خاص. جاءَ ذلك بعد الضربةِ التي وجهها الرئيس الأميركي للهند مؤخراً برفع الرسوم الجمركية على صادراتها إلى أميركا بنسبة 50 في المائة، بذريعة أنّها تستورد نفطاً رخيصاً من روسيا، علماً بأنَّ الصينَ تستورد كميات أكبر مما تستورده الهند من النفط الروسي وبأسعار منخفضة، ولكن الرئيس الأميركي تجاهل متعمداً تلك الحقيقة. وتبيّن أن السبب وراء ذلك شخصي؛ لأن رئيس الحكومة الهندية، على عكس نظيره الباكستاني، عزف عن كتابة رسالة إلى الرئيس ترمب يشكره فيها على جهوده في إحلال السلام بين الهند وباكستان.

سبعونَ دقيقةً هي كل مدة العرض العسكري الصيني، لكنها كانت أكثر من كافية لتضع العالم على أعتاب مرحلة تاريخية مختلفة، تلعب التقنية العالية فيها دوراً رئيساً. الأسلحة التي عرضتها الصين في الاحتفال تذكّر بالأسلحة التي قرأنا عنها أو شاهدناها في روايات وأفلام الخيال العلمي.

العرضُ العسكريُّ الصيني قد يكون علامة فارقة بين حقبتين: حقبة ما قبل العرض وحقبة ما بعد العرض. الشرق في مواجهة الغرب، سياسياً وعسكرياً وتقنيّاً واقتصادياً وثقافياً وحضارياً. وهناك احتمال أن تكون تايوان نقطة أول مواجهة ساخنة بين القوتين.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان، استناداً إلى آراء معلقين بريطانيين، أكبر الفائزين؛ إذ رغم كونه مطلوباً للمثول أمام محكمة الجنايات الدولية لاتهامه بجرائم حرب، استُقبل خلال أيام قليلة من قبل رئيسَي أكبر دولتين في العالم: أميركا والصين. ووجوده في الاحتفال الصيني أتاح له فرصة اللقاء بنحو عشرين من رؤساء الدول والحكومات، وعلى رأسهم رئيس الحكومة الهندية. هذا الزخم الدولي كسر أطواق العزلة الدولية المضروبة حوله منذ اجتياح قواته لأوكرانيا.

وتبقى مهمةً الإشارة إلى أن قمة «منظمة شنغهاي للتعاون» لم تشر مطلقاً في بيانها النهائي إلى الحرب الدائرة في أوكرانيا، رغم إشارتها إلى حروب أخرى. هذا التجاهل لم يأتِ عرضاً، وأغضب الرئيس الأوكراني وحكومته وحلفاء أوكرانيا الأوروبيين.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سبعونَ دقيقة هزَّتِ العالم سبعونَ دقيقة هزَّتِ العالم



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:53 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

سعد الحريري يتوقع تشكيل حكومته الجديدة مساء الجمعة

GMT 10:29 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمبانزي قادرة على تقييم المخاطر وتحذير أقرانها

GMT 20:51 2019 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

طائرة الجزائر يواجه الكاميرون في الالعاب الأوليمبية 2020
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon