أهوال الحرب بين هوبز وكيسنجر

أهوال الحرب... بين هوبز وكيسنجر

أهوال الحرب... بين هوبز وكيسنجر

 لبنان اليوم -

أهوال الحرب بين هوبز وكيسنجر

بقلم : فهد سليمان الشقيران

تعبّر الحروب عبر التاريخ عن دوافع أساسية قصوى لا بد من خوضها فور استنفاد الخطوات السياسية والدبلوماسية.

المفاوضات علمٌ قائم بذاته في مجال العلوم السياسية. من الصعب إنجاز حلٍّ من دون تنازلات؛ أو فهمٍ كامل للإشكال ومن ثمّ التبويب لحلٍّ ما.

الكارثة أن الذي يجري في الإقليم منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 يعبّر عن عبثٍ محض. بل أعطى المغامرون هدية على طبقٍ من ذهب لإسرائيل، فاستثمرت به ولا تزال.

الفكرة أن القدرة على بدء حدثٍ ما سهلٌ جداً، ولكنَّ إنهاءه ضمن الأهداف المطلوبة يستحيل؛ وآيةُ ذلك تصريحات «حماس» و«حزب الله» الأخيرة التي تعبّر عن الانهيار. التفاوض دائماً عبر التاريخ جزءٌ من جدول الحرب.

قد تكون هذه المغامرات فرصة لتحوّل تنموي في الإقليم. ليس سراً أن غموض الميليشيات واندساسها داخل الدول كان عنصر قلقٍ كبير.

ما كانت السيطرة عليها سهلة، ولكن حين غامرت وتبدّت هزائمها باتت الفرص سانحة نحو ساحة سلامٍ حيويّة، ضمن أفكارٍ حضارية بل وفرصة ثمينة لتمتين وتقوية مفهوم الدولة، والسيطرة على العنف المنفلت، ليكون كل سلاحٍ بيد الدولة من دون مغامرةٍ أو مروق.

كان الفيلسوف توماس هوبز، وهو ممن شهدوا رشقات الدم في الحرب الأهلية الإنجليزية في القرن السابع عشر، حكيماً ومتشائماً في آنٍ معاً. أثّر ذلك الحدث على كل فلسفته وبخاصةٍ على كتابه الأساسي: «اللفياثان».

تنظير هوبز السياسي هو الأشهر في فلسفته، وغَدَت نظريته المنطلقة من مقولتين شهيرتين هما: «لقد أصبح الإنسان ذئباً على أخيه الإنسان»، و«كل شخص عدوٌّ لكل شخص»، أساسية في فهم الطبيعة البشرية، أو ما يسمّيها «الحالة الطبيعية»، أي حالة ما قبل تشكّل الدولة.

لذلك عُدّت فلسفته إحدى أشهر الفلسفات السياسية المعاصرة. ولا عجب أن تُستغل فلسفته وتُضخّ بتأويلات جديدة. حتى عدَّه بعض المؤرخين الأب الروحي للفكر الأنغلو-أميركي والمرجع التسويغي للإمبراطوريتين البريطانية ثم الأميركية. وذلك وفق مبرراتٍ يطرحها هوبز ويجلّيها ستراوس، أبرز شرّاح هوبز.

أطروحة هوبز المركزية حول طبيعة الإنسان بوصفه كائناً حيوانياً مدفوعاً بالخوف من الموت، وبخاصة الموت العنيف الذي يسببه له الآخر كعدو بالقتل، تعد هي الأصل الأنثروبولوجي الذي يعارض الأطروحة الأفلاطونية التي لا تهمل أبداً الأصل الأخلاقي للإنسان.

يعلّق هنري كيسنجر على أطروحة هوبز -التي أعجبت الرئيس نيكسون- قائلاً: «في ممارسته المبكرة عكف سلام وستفاليا على اعتماد عالم هوبزي. كيف من الممكن صناعة توازن القوة الجديد هذا؟ لا بد من التمييز بين توازن القوة بوصفه واقعاً وتوازن القوة بوصفه نظاماً. يتعين على أي نظام دولي -ليكون جديراً بالاسم- أن يصل، عاجلاً أو آجلاً، إلى التعادل، وإلا فسيبقى في حالة حرب متمادية».

الخلاصة؛ أن قرارات الحروب جزء من سياسات الدول لا إرادات الميليشيات. الحرب جزء من السياسة وهي ضرورية في حينها. الخطورة أن تكون الحرب من أجل الحرب، لأهدافٍ عقائدية، أو مذهبية، أو لمبرراتٍ تنزع نحو الكراهية والاستئصال. أفكار الحروب القديمة انتهت. ثمة فرص قويّة للسلام والتفاوض، من دون ذلك فإن المحارب من دون هدف يقذف بنفسه وعن عمدٍ نحو الجحيم.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أهوال الحرب بين هوبز وكيسنجر أهوال الحرب بين هوبز وكيسنجر



GMT 21:26 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

شفافية في المعلومات والأرقام يا حكومة

GMT 21:25 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

معلقات اليمن

GMT 21:24 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

العصا الرقمية... والهشّ على الغنم

GMT 21:23 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

في عشق السلاح...

GMT 21:22 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا المتحدة... وليبيا المُنقسِمة

GMT 21:21 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

في ذكرى استقلال ليبيا... ماذا أبقيتم للأجيال المقبلة؟

GMT 21:20 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

قوات الاستقرار في غزة

GMT 21:19 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بيت لحم... أفراح القلوب المكسورة

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:23 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيا سبورتاج 2026 تحصد لقب "أفضل اختيار للسلامة بلاس" لعام 2025

GMT 00:03 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 18:04 2023 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

اتيكيت مقابلة أهل العريس

GMT 19:07 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

عبير صبري تؤكد إلى أحمد مالك الأخلاق مش بتنفصل عن الفن

GMT 05:24 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

الجماعات الإسلامية" تشن حملة لتشوية الإعلام"

GMT 12:06 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

فيلم «شماريخ» يتصدر شباك التذاكر بـ14 مليوناً و521 ألف جنيه

GMT 12:12 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة وواشنطن تدعمان عائلات متضرري انفجار مرفأ بيروت

GMT 15:19 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل فريدة ومميزة في مجموعة «كروز 2021»

GMT 15:37 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

برج القرد..ذكي واجتماعي ويملك حس النكتة

GMT 00:19 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

فوائد حب الرشاد للشعر وطرق تحضير خلطات منه

GMT 18:56 2022 الإثنين ,03 كانون الثاني / يناير

متزلجو لبنان يستعدون لأولمبياد الصين الشتوي

GMT 06:49 2017 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

تعرف علي توقعات درجات الحرارة المتوقعة في مصر الخميس
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon