جبران باسيل «التوبة» المتأخرة

جبران باسيل... «التوبة» المتأخرة

جبران باسيل... «التوبة» المتأخرة

 لبنان اليوم -

جبران باسيل «التوبة» المتأخرة

بقلم : فهد سليمان الشقيران

منذ أواخر التسعينات بدأ جبران باسيل طموحه السياسي. نشط مع مجايليه وتسلّم مناصب متدرّجة في «التيار الوطني الحر». صاهر رئيس الجمهورية السابق ميشال عون عام 1999 وبزغ نجمه بعد ذلك بفضل حظوته واقتناع رئيسه به.

ورغم خسارته الانتخابات في البترون عامي 2005 و2009 فإنه ببراغماتيته المعروفة غطّى على هزائمه ودرَج نحو الهدف. لم يكن محظوظاً بالفوز في أي انتخابٍ وحتى في رئاسته لـ«التيار الوطني الحر» عام 2015 انتخب بالتزكية. تسبب ذلك الصعود غير المبوّب ديمقراطياً في تصدّع بـ«التيار الوطني الحر» حتى انشقّ عنه جمع من المؤثرين منهم إلياس بوصعب وآلان عون وآخرون.

المهندس باسيل كان من صائغي اتفاقية «مار مخايل» في فبراير (شباط) 2006 وهي اتفاقية مربكة ومركّبة؛ وهدفها الأساسي كما في الصياغة حماية التعايش بين المسلمين والمسيحيين، وهي وثيقة لغوية، ولكن الهدف الأكبر منها ذو جانبٍ سياسي صبّ من دون شك في قناة «حزب الله».

كانت الوثيقة أساسية للدفع نحو «القانون النسبي» كما مثّلت نقطة التشريع «المسيحي» للانبعاث الصاعد لـ«حزب الله» الذي خلتْ له الساحة في الداخل مع ضمور التدخل السوري، ومن ثمّ تعبيد الطريق له للقيام بأعماله الجهنميّة في الخارج وهي معروفة ومشهودة.

هذه الاتفاقية أساسية نحو وصول ميشال عون للرئاسة ولتمدد نفوذ جبران باسيل في الدولة ليكون من أهم المقرّرين في الحكومات المتعاقبة منذ توليه أولى الوزارات عام 2008.

رحلة غير قصيرة من تولّي الوزارات والجدل حول النتائج والأداء. الصدمة الكبرى حين فُرضت عليه عقوبات من وزارة الخزانة الأميركية في إطار قانون «ماغنيتسكي» في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

اتسمت علاقاته وتياره مع الأحزاب المسيحية بالكثير من الجفاء حتى مع المسيحيين المناصرين لـ«حزب الله» مثل «تيار المردة». البعض يعيد ذلك إلى شخصيّته المركّبة بدليل أن الشارع في حراكه ينسى المسؤولين الآخرين ويركّز عليه وكأنه وزير القرية الوحيد.

بعد العقوبات الأميركية صرّح باسيل أكثر من مرة برأيه حول الصراع مع إسرائيل. تصريحاتٌ لم تعجب «حزب الله» آنذاك، فكلّ تصريحٍ يعقبه توضيح أو إعادة صياغة، أو زيارة للأمين العام. «حزب الله» لم يكن متسرّعاً في المحاسبة. ولكن بعد التحوّل الإقليمي الكبير ثمة مواقف عديدة برزت على الساحة حول المستقبل المنشود للبنان. رئيس مجلس النواب نبيه برّي يتجه نحو بسط يد الدولة، وكذلك «تيار المردة» كما في تصريحات رئيسه حول السلاح، وأخيراً «التيار الوطني الحرّ».

بالتزامن مع زيارة الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني أعلن جبران باسيل عن انقلاب شبه كامل على الخطّ الذي سار عليه طوال عشرين عاماً.

لقد نقض اتفاقية «مار مخايل»، بل اعتبر أي سلاح خارج الدولة غير شرعي، وأن وظيفة سلاح «حزب الله» الردعية سقطت بعد مشاركته الأحادية في الحرب الأخيرة، وأن بقاء السلاح خارج سلطة الدولة بات يشكل مصدر تهديد وخطر على لبنان. يقول بالنص: «انطلاقاً من أن التعريف القانوني للدولة هو أنها تحتكر استخدام القوة للدفاع عن البلاد، فإن أي سلاح خارج الدولة غير شرعي، إلا في حال الدفاع عن النفس وتحرير الأرض وإذا أذنت به الدولة بحسب دستورها وقوانينها، وهو ما كان قائماً منذ 1990 حتى 2025».

الخلاصة أن «توبة» جبران باسيل من اتفاقه مع «حزب الله» لن تضيف أي جديدٍ إلى المشهد، إنها براغماتية فاقعة، وقفز متأخّر من السفينة، والذهاب نحو خياراتٍ معيّنة لأسبابٍ انتخابيّة لن يغيّر من تاريخ التخبّط السياسي الأوّل الذي سببتْه الأفكار المتعالية على الواقع. نعم ثمة رمال متحركة في الإقليم لن يصدّها تراجع أو بيان. المرحلة بحاجة إلى رجالات دولة يتهجون نحو الخيارات الصعبة المؤثرة في حينها وفي أوانها، أما إعلان البطولات بعد هزيمة الحليف أو موته فهو أقرب إلى «التوبة» منه إلى «الشجاعة».

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جبران باسيل «التوبة» المتأخرة جبران باسيل «التوبة» المتأخرة



GMT 19:39 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

«حزب الله» خسر الحرب ويريد الربح في السياسة!

GMT 19:38 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

«الست»

GMT 19:37 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

«الانتقالي» فتح عشَّ الانفصاليين

GMT 19:37 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

عذابات الملياردير الرقمي!

GMT 19:36 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

صهيونيّتان وإسرائيلان؟!

GMT 19:35 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

عن توقيت المعارك

GMT 19:34 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

السردية الإسرائيلية التي دحضها أحمد الأحمد

GMT 19:33 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

التجاهل والتعامي بوصفهما حرفةً

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 20:40 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

الفلفل الحار وتأثيره على صحة البروستاتا
 لبنان اليوم - الفلفل الحار وتأثيره على صحة البروستاتا

GMT 20:31 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

تسلا تكشف عن روبوتها الشبيه بالبشر اوبتيموس في برلين
 لبنان اليوم - تسلا تكشف عن روبوتها الشبيه بالبشر اوبتيموس في برلين

GMT 09:53 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 08:52 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

ديكورات تمنح منزلك الدفء وتجعله أكثر راحة

GMT 21:19 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة الطليعة" تعاقب اللاعبين بعد تدهور النتائج"

GMT 02:55 2016 الأربعاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أندية الأردن في أزمة كبيرة بسبب ملاعب التدريب

GMT 07:25 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

توقعات برج العقرب لعام 2024 من ماغي فرح

GMT 17:55 2023 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

الباركيه في غرف النوم يمنحها الدفء والجاذبية

GMT 17:06 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

جنيفر ميتكالف ترتدي جاكت دون ملابس داخليه

GMT 15:16 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

قرداحي استقبل السفير التونسي وجرى البحث في الاوضاع العامة

GMT 17:29 2020 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تصميمات Lanvin من وحي الخيال

GMT 11:27 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

جاستين بيبر يستقبل عام 2021 بتحوله لـ"ملاكم" في كليب "Anyone"

GMT 05:03 2016 الخميس ,01 كانون الأول / ديسمبر

"Roberto Cavalli" تطرح مجموعة من المجوهرات لعام 2017

GMT 06:30 2013 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

العمل مع "الزعيم" شرف كبير وأنا لست إعلاميًا

GMT 14:20 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

اجتماع لوزراء الصحة الأفارقة حول لقاح كوفيد ـ 19

GMT 14:47 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

النفط يبلغ أعلى مستوى منذ شهور وخام برنت 53.17 دولار للبرميل

GMT 03:53 2015 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

جزيرة فوليجاندروس أجمل مكان لمشاهدة غروب الشمس
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon