هل من فرصة لشرق أوسط متوازن

هل من فرصة لشرق أوسط متوازن؟

هل من فرصة لشرق أوسط متوازن؟

 لبنان اليوم -

هل من فرصة لشرق أوسط متوازن

بقلم:حنا صالح

في زيارته الأولى إلى الخارج، التي كانت المملكة العربية السعودية محطتها الأبرز، ألقى الرئيس ترمب خطاباً تجاوز 5 آلاف كلمة، كرّر فيه مراراً كلمات من نوع الاستثمار، والازدهار الاقتصادي، والحداثة، ومستوى أفضل من المعيشة، مع زمن يسوده الأمن والرخاء.

في ذروة الحرب الإسرائيلية على إيران وبروز عجز تل أبيب عن تدمير المفاعلات النووية الإيرانية، ولا سيما «فوردو»، بدت الحاجة ماسّة لتدخلٍ عسكري أميركي لأن «البنتاغون» وحده من يمتلك الأصول العسكرية القادرة على إنجاز هذه المهمة. وحدثت الضربة الأميركية فجر 23 يونيو (حزيران)، بعدما ماطلت طهران 60 يوماً ولم تلتقط العرض الأميركي الذي حمله ستيف ويتكوف بالسماح لطهران بتخصيب اليورانيوم، وفق اتفاقية فيينا، على مستوى 3.67. وللوهلة الأولى، بدا وكأن الضغط الإسرائيلي ودور اللوبي اليهودي في أميركا من جهة، وبالمقابل المكابرة الإيرانية، قد أخذتا الرئيس ترمب إلى موقع مغاير لما طرحه في خطاب الرياض أمام أكبر مؤتمر استثماري أميركي سعودي عالمي.

الأمر الأكيد أن خطوط التواصل الأميركي الإيراني كانت مفتوحة. الموفد الرئاسي ويتكوف أبلغ عراقجي أنها «ضربة لمرة واحدة فقط ضد المشروع النووي». وطُرحت الأسئلة عن أبعاد إعلان ترمب: «المهمة أنجزت» إلى «السلام الآن»، فيما كانت سحب الدخان تتصاعد من «نطنز» و«أصفهان» و«فوردو».

لكن أبرز معاوني ترمب، نائب الرئيس جي دي فانس، ووزير الخارجية روبيو، تناوبا على التأكيد: «لم نهاجم أهدافاً مدنية ولم نهاجم أهدافاً عسكرية»، ما قمنا به «اقتصر على منشآت الأسلحة النووية». والأكيد أيضاً أن خطوط التواصل المفتوحة راعت مطلب طهران «حفظ ماء الوجه» في إحياء للعمل «المدوزن» مع واشنطن إثر قتل قاسم سليماني، يومها نسق مع طهران لتقصف قاعدة عين الأسد، وأعطيت طهران مجدداً فرصة لقصف قاعدة العديد في قطر، بعدما أحيطت كل الجهات المعنية علماً، فجاء الردّ الإيراني منسقاً نظيفاً وهشّاً خالياً من الأخطاء العسكرية ليُظهر المشهد أن كل طرفٍ حقق شيئاً ما، فيعلن الرئيس الأميركي وقفاً لإطلاق النار في زمن قياسي، ويبارك إيران وإسرائيل ويقول إن الرابح هو العالم وكل الشرق الأوسط!

بالتأكيد، لن يكون هناك مشروع نووي عسكري في إيران خلال الحقبة المقبلة، وهذا الأمر مريح لإسرائيل صاحبة اليد الطويلة عسكرياً التي ستدّعي أنها ضربت التهديد المزدوج النووي والباليستي، لكنها ستقلق إن تم وضع النووي الإيراني بعهدة الروس أو حتى أوروبا. أما إيران فحققت آنياً ما يتجاوز «الحفاظ على ماء الوجه». لقد ظهرت واشنطن غير معنية بتغيير النظام الإيراني، كما سجّلت طهران أنها قادرة على توسيع المواجهة العسكرية، وربما توريط كل المنطقة وتهديد الاقتصاد العالمي، ما حثّ على وضع الرئيس ترمب كل الثقل الأميركي لفرض وقف للنار يراعي بعض الشروط الإسرائيلية والأميركية. ودعونا نتذكر أنه في حروب المنطقة كان التوصل إلى وقف النار يستغرق الكثير!

ستكون لهذه الحرب تداعيات كبرى، والأمر الثابت أن إسرائيل نتنياهو نجحت في تهديم معالم بنيان سياسي معين، أما معالم الشرق الأوسط الجديد فهو مهمة أكبر بكثير من قدرات نتنياهو وطموحه. وقد تكون المنطقة على أبواب مرحلة توازن مغاير لكل ما عرفته، ويمكن توقع الذهاب بعيداً عن عنجهية القوة، والأحلام الإمبراطورية القائمة على الأذرع العسكرية.

لن يتأخر ظهور التداعيات في إسرائيل التي عزّزت وجودها. مواقف لابيد وليبرمان اتهامية، وتؤشر إلى تجديد محاصرة نتنياهو بعد وقف النار لأكثر من سبب. فيما تداعيات أكبر ستشهدها إيران مع مجتمع لم يعرف أي انسجام، فضلاً عن صراعات مكبوتة. لكن إن تمكن «الحرس الثوري» من الحفاظ على بعض قدراته، يمكن عندها الحديث عن استقرار مشروط!

إنها فرصة كبيرة أمام المنطقة لبدء مسارٍ مغاير بعدما كانت على شفير حرب إقليمية واسعة، وفرصة للبنان يخشى أن يضيعها تسلط المنظومة إيّاها، حيث المراوحة في جمع السلاح اللاشرعي وتغييب المحاسبة.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل من فرصة لشرق أوسط متوازن هل من فرصة لشرق أوسط متوازن



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات

GMT 05:00 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أصوات 20 ألف جزائري تحدد مصير جزيرة قرب أستراليا

GMT 21:50 2014 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها "G3"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon