لا لتفويت فرصة الإنقاذ

لا لتفويت فرصة الإنقاذ!

لا لتفويت فرصة الإنقاذ!

 لبنان اليوم -

لا لتفويت فرصة الإنقاذ

حنا صالح
بقلم - حنا صالح

شهد شهر يناير (كانون الثاني) الحالي انقلاباً بكل المقاييس تماهى مع الزلزال اللبناني والزلزال السوري الذي أخرج الوجود الإيراني. فأطلق ذلك آمالاً كباراً بولوج زمن الإصلاح والتغيير المرتجى، انتخب جوزيف عون رئيساً يوم 9 يناير، وكُلّف نواف سلام تشكيل حكومة العهد الأولى في 13 منه. انصب الاهتمام على الحكومة المأمول تشكيلها، استناداً إلى الزخم الشعبي الذي فرض تكليف سلام والاحتضان الخارجي لشخصيته الآتية من رئاسة محكمة العدل الدولية. بدا بوضوح أن الممر الإجباري للإصلاح الحقيقي الاقتصادي المالي القضائي والسياسي، يفترض وزراء أكفاء، ليكون بوسعهم استعادة ثقة الداخل بالحكومة واحترام الخارج لها. هذا ليس تفصيلاً فالبلد شاهد أن حكومات «حزب الله» لتأديب اللبنانيين ما بعد ثورة «17 تشرين»، لم تنل لا الثقة ولا الاحترام، بل اشتراطات علنية للخارج أن المساعدات التي قدمت للبنان ممنوع أن تمر بالقنوات الرسمية للسلطة!

بين خطابي القسم والتكليف، ارتسمت معالم لإمكانية استعادة مستقبل لبنان بالحفاظ على الهوية والدور بعد وصد الأبواب أمام ما كان من دور ميليشياوي ساهم بزعزعة استقرار المنطقة. وتبلور معطى بأن أكثرية شعبية، توحدت موضوعياً حول مشروع استعادة الدولة، وأنه مع حكومة تحمل آمال الناس يمكن تغيير الوضع الراهن المأزوم جذرياً. وتأكد أن مفتاح التغيير مرتبط بتثبيت وقف النار وتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته بدءاً من جنوب الليطاني، وما من مجال مطلقاً لبقاء أي بنية عسكرية تحتية لـ«حزب الله» الذي طالما استقوى على البلد. وبدا جلياً أن شرط الانتقال المطلوب ممره أولاً إنهاء زمن «الثلث المعطل» الذي حكّم الأقلية بالأكثرية، وثانياً إنهاء حصرية التمثيل الطائفي، وثالثاً الخروج من الامتيازات بتحرير وزارة المال من ترهة لا سند لها في الدستور، تقول بـ«حق» حصر «التوقيع الثالث»، بالطائفة الشيعية، واستطراداً بـ«الثنائي المذهبي» المتسلط على هذه الطائفة، «حركة أمل» و«حزب الله».

وزارة المال هي مفتاح الإصلاح. من مسؤولية حامل هذه الحقيبة وضع «باراف» على القرارات، وإن امتنع يتعطل القرار الحكومي لأنه لا شيء في الدستور يلزم الوزير بمهلة، فيما هناك اشتراط دستوري على رئيس الجمهورية البت بالقرارات والقوانين خلال 15 يوماً فقط. وتظهر التجربة منذ عام 2014 أن استئثار جهة حزبية طائفية (حركة أمل) بوزارة المال، سرّع الانهيار عندما امتلكت هذه الجهة «فيتو» على الدولة. الوزير علي حسن خليل المدعى عليه بجناية «القصد الاحتمالي» بالقتل في تفجير المرفأ، فُرضت عليه العقوبات الأميركية؛ لأنه بين الارتكابات المنسوبة إليه اتفاقات بـ«التراضي» مع واجهات لـ«حزب الله»، وفّرت تمويلاً للدويلة من المال العام. فيما خلفه غازي وزني الذي أُرغم على إحباط خطة «لازارد»؛ لأنها حملت معالم مساءلة وإنقاذ. أما الحالي يوسف خليل فاحتجز قرار استكمال هيئة محكمة التمييز أعلى هيئة قضائية، ليعطل عمداً التحقيق في جريمة المرفأ، ما منع العدالة عن الضحايا وبيروت.

والأكيد إن بقيت هذه الوزارة مع الجهة عينها، فسينبغي طي صفحة المساءلة والمحاسبة، وتناسي الشفافية في الإصلاحات المالية وهيكلة القطاع المصرفي، كما في تعيينات كبار الموظفين كقائد الجيش وحاكم المصرف المركزي ورئيس مجلس القضاء وكبار المديرين والسفراء وغيرهم بعد سنوات من تفريغ المؤسسات!

وما عراضة الدراجات النارية الاستفزازية الأحد، المشتركة بين «الثنائي المذهبي» التي أظهرت عجز الجهتين عن مراجعة أدائهما رغم المتغيرات، سوى رسالة بفرض الإملاءات في تأليف الحكومة أو أن الشارع سيكون وسيلة تطويق العهد وتحجيم انطلاقته. ما حدث من تضليلات واحتكاكات خطرة ما كان ليتم لولا أمران؛ أولهما تنكر وزارة الداخلية لمسؤوليتها عن الأمن، وثانيهما - وهو الأخطر - التواطؤ الذي حدث؛ إذ أرجئت إلى ما بعد منتصف الليل الموافقة على بقاء الاحتلال حتى 18 فبراير (شباط)، لإفساح المجال لتلك العراضة، التي أُريد منها فرض وقائع أو دفع سلام إلى الاعتذار!

«7 أيار» 2008، وبعدها «الدوحة» مستحيل تكرارهما وسط هذا النهوض الشعبي، والثنائي عون - سلام، وقد حصلا على أوسع تأييد لهما أمام التحدي. حكومة محاصصة من القوى السياسية إيّاها لن تكون حكومة الناس، ولا الحلول وإعادة البناء ولا لبنان التواق لاستعادة مكانته، ولن تبدل من المسارات الكارثية الحالية.

كل تعاطٍ وكأنه مكتوب للبلد أن قدره تفويت الفرص، سيبقي لبنان أسيرَ أزماته وأسير زمن «الإفلات من العقاب». وبعبارة واضحة، المهزوم لا يكافأ، فكيف إن تسبب في هزيمة البلد واستدرج مجدداً الاحتلال، وعاد لسرديات عن مقاولة ثبت عقمها. لن يتأخر ظهور النتائج، لبنان بأمس الحاجة لحكومة تضمن الاستقرار لتجلب الاستثمارات، وما قرار المستثمر الإماراتي خلف الحبتور الخروج من لبنان إلا أول الغيث فاحذروا!

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا لتفويت فرصة الإنقاذ لا لتفويت فرصة الإنقاذ



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:53 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

سعد الحريري يتوقع تشكيل حكومته الجديدة مساء الجمعة

GMT 10:29 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمبانزي قادرة على تقييم المخاطر وتحذير أقرانها

GMT 20:51 2019 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

طائرة الجزائر يواجه الكاميرون في الالعاب الأوليمبية 2020
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon