شهر «أغسطس اللهاب» في الشرق الأوسط

شهر «أغسطس اللهاب» في الشرق الأوسط

شهر «أغسطس اللهاب» في الشرق الأوسط

 لبنان اليوم -

شهر «أغسطس اللهاب» في الشرق الأوسط

بقلم :ناصيف حتّي*

يكثر الحديث فى مطلع هذا الشهر عن «أغسطس اللهاب»، والمقصود ليس ما يتعلق بطبيعة المناخ وسخونته فى هذا الشهر من العام فى الشرق الأوسط، وهو أمر طبيعى وغير مفاجئ. ولكن المقصود فى التصريحات والتعليقات المتعددة بهذا الخصوص هو المناخ السياسى الأمنى العسكرى مع وجود عدد من النقاط النزاعية الساخنة والتى تزداد سخونة. وهنالك احتمال مرتفع، كما نسمع من تصريحات ونشهد ما يحدث على أرض الواقع، لتحول هذه السخونة فى بعضها أو كلها إلى حرائق أو تصعيد مفتوح فى حروب قائمة حاليا بمستوى منخفض نسبيا أو أخرى عائدة أو قادمة. ما نشهده اليوم هو هدن هشة أو متقطعة. وهنالك ترابط غير مباشر بشكل عام بين النقاط الساخنة، ولو اختلفت درجة سخونتها، فى استراتيجيات القوى الأساسية المنخرطة بشكل أو بآخر فى هذه الحروب التى تشهد أيضا تصعيدا فى المواقف والمطالب المتواجهة. يحصل ذلك فى ظل ازدياد حدة الخطاب حول شرق أوسط جديد تجرى إقامته، خاصة مع التغيير الذى شهدته سوريا والذى لم يستقر بعد كليا، دون أن تتضح بعد ما هى قواعد وسمات العلاقات التى ستطبع النظام الإقليمى الذى يجرى الحديث عن العمل على بلورته.


«النقطة الأولى» تتعلق بحرب الإبادة فى غزة والسقف المرتفع للأهداف الإسرائيلية فى القطاع التى صرنا نسمع أن من بينها العودة إلى إقامة «حزام عسكرى» إسرائيلى لخنق القطاع وإخضاعه كليا ما دامت حرب الإلغاء التى تقوم بها إسرائيل عبر سياسة المجازر والتجويع لم تعط النتيجة المطلوبة التى تذكرنا بها كل يوم تقريبا التصريحات الإسرائيلية. نشهد تصعيدا مزدوجا فى القوة النارية وأيضا فى الجغرافيا مع ازدياد أعمال العنف الإسرائيلية فى الضفة الغربية بهدف تسريع عملية الضم عبر سياسة ناشطة لخلق وضع على الأرض ضاغط وطارد للشعب الفلسطينى. جزء من هذه الاستراتيجية يندرج فى سياسة استباقية لنسف كل الأسس لإمكانية إقامة الدولة الفلسطينية المنشودة فى المستقبل والتى عادت على جدول الأعمال الدولى مع مؤتمر حل الدولتين الذى انعقد فى نيويورك مؤخرا. المؤتمر الذى يعد لإطلاق مسار ليس بالسهل ولكنه بالضرورى للتسوية السلمية الشاملة لهذا النزاع التاريخى. القوى الدولية الفاعلة والمؤثرة فى هذا النزاع تعمل حتى الآن تحت سقف منطق الهدن والتسويات الجزئية المؤقتة. الأمر الذى يهدد بحدوث انفجار كبير يزيد بقوة من تعقيدات ولوج مسار التسوية المطلوبة وينعكس بالطبع على الاستقرار والأمن فى الإقليم.
النقطة الثانية تتعلق بالوضع فى لبنان فيما يتعلق باستكمال الانسحاب الإسرائيلى من النقاط الخمس بداية والإفراج عن الأسرى واستكمال الانسحاب نحو الحدود الدولية للبنان وفق اتفاقية الهدنة للعام ١٩٤٩ الذى يطالب لبنان بالعودة إليها. يقابل ذلك إطلاق مسار تدريجى ولكن حازم فى تحقيق هدف حصرية السلاح، وبالتالى قرار الحرب والسلم، فى يد الدولة اللبنانية. مسار كما نرى أمامه الكثير من العوائق. نشهد «أوراقا» أمريكية تحمل مقترحات أو شروط إسرائيلية بشكل خاص وردود تحمل مقترحات لبنانية. البعض «الدولى» يتحدث عن ضرورة تلازم المسارين (أى تنفيذ ما هو التزامات لإنجاح اتفاق وقف إطلاق الإطار بشكلٍ مواز بين الطرفين). البعض الآخر، وبالطبع الموقف اللبنانى الرسمى، يقول بأنه يجب أن يسبق المسار الإسرائيلى، أى تنفيذ ما هو التزامات إسرائيلية، المسار اللبنانى ليس بشكل كلى بالضرورة ولكن بشكل أساسى وتدريجى كما نسمع أيضا. الواضح أننا ما زلنا فى حقيقة الأمر فى مرحلة تربيع الدوائر كما يقال. يحصل ذلك فيما تستمر إسرائيل فى حرب الاستنزاف (ما يعرف تحديدا بحرب محدودة) ضد ما تعتبره أهدافا استراتيجية. لكن إذا استمر الوضع على ما هو عليه، مع غياب أى ضغط دولى ضرورى لدفع إسرائيل للبدء بتنفيذ الاتفاق ضمن سلة متكاملة ولو تدريجية فإن احتمال عودة إسرائيل إلى حرب مفتوحة، بقوة نيرانها وتوسع أهدافها وأفقها الزمنى، ضد لبنان يبقى أمرا غير مستبعد، دون أن يعنى ذلك بالضرورة اجتياح واحتلال من جديد. الأمر الذى يعيد لبنان إلى «المربع الأول» أى إلى الأوضاع الذى كان فيها لبنان قبل وقف إطلاق النار. لا توجد أى مؤشرات جدية حتى الآن تدل على أن «قطار» إحياء اتفاقية الهدنة لعام ١٩٤٩ قد انطلق فعليا. لبنان ما زال على مفترق طرق وعلى صفيح ساخن بانتظار انطلاق «قطار الحل» المشار إليه.
النقطة الثالثة تتعلق باحتمال انتهاء التهدئة على الجبهة الإسرائيلية الأمريكية مع إيران بشأن النووى الإيرانى، بشكل خاص، وانسداد أفق العودة الجدية إلى المفاوضات فى الجولة السادسة المنتظرة ما دام الطرح الأمريكى ما زال يصر على صفر تخصيب نووى لإيران على الأراضى الإيرانية. موقف أمريكى يلاقى الموقف الإسرائيلى القائم منذ إنشاء دولة إسرائيل على حصرية امتلاك إسرائيل للعامل النووى. موقف ترفضه إيران كليا وتعتبره خروجا عن الاتفاقية النووية لعام ٢٠١٥ (خطة العمل الشاملة المشتركة) التى انسحبت منها إدارة ترامب الأولى فى العام ٢٠١٨. البعض يقول إن العودة إلى المفاوضات هذه قد يستدعى إدراجها إلى جانب قضايا أخرى تتعلق بمقاربة شاملة للعلاقات الغربية الإيرانية. سؤال يبقى قائما دون أن يكون هنالك فى المدى المنظور جواب عليه.
هل ستتجه هذه الأزمات نحو الانفجار أو التصعيد المقيد أو تأخذ منحى التهدئة والاحتواء وخفض التوتر نحو حلول ممكنة. سؤال ستجيب عنه الأيام القادمة.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شهر «أغسطس اللهاب» في الشرق الأوسط شهر «أغسطس اللهاب» في الشرق الأوسط



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات

GMT 05:00 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أصوات 20 ألف جزائري تحدد مصير جزيرة قرب أستراليا

GMT 21:50 2014 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها "G3"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon