لو قبل الفلسطينيون لاخترع الشرط الحادي عشر

لو قبل الفلسطينيون لاخترع الشرط الحادي عشر

لو قبل الفلسطينيون لاخترع الشرط الحادي عشر

 لبنان اليوم -

لو قبل الفلسطينيون لاخترع الشرط الحادي عشر

أكرم عطا الله
بقلم : أكرم عطا الله

لم يفاجئنا بنيامين نتنياهو في مقابلته الأخيرة مع صحيفة "إسرائيل اليوم" التي ذهب فيها مسدلاً الستار على محاولة أكثر من ربع قرن لإنهاء صراع تاريخي وهو ما بدا ممكناً عندما ألقى المتحاربون من الطرفين سلاحهم جانباً أو بدا كذلك أمام عدسات كانت تنقل من ساحة البيت الأبيض صورة مصافحة تاريخية بين ألد الأعداء.من يعرف بنيامين نتنياهو لا يصاب بصدمة ومن قرأ كتابه "مكان بين الأمم" يدرك تماماً عمق البعد القومي الديني المسكون به الرجل. فليس من المصادفة أن يتجاوز اسحق شامير صاحب نظرية المفاوضات الى ما لا نهاية كل قادة "الليكود" آنذاك وزعمائه التاريخيين ويستدعي ذلك الشاب الأربعيني، ممثل إسرائيل في الأمم المتحدة "بنيامين نتنياهو" ليسلمه مفاتيح وزعامة الحزب اليميني التاريخي.

من يعرف سيرة بنتسيون نتنياهو، والد بنيامين نتنياهو ومعلمه الأيديولوجي يجب ألا يصاب بدهشة ما يقول وما يفعل نتنياهو الصغير، خاصة حين يمتلك أدوات القوة وحين تتوفر له كل الشروط لكشف سياساته الأيديولوجية من تسيد للنظام السياسي وواقع عربي هزيل وبيت أبيض نذر نفسه للتخريب بلا خجل أو شعور بالعار مما يفعل في عصر الحريات وانتهاء زمن عصور الاستعمار وأزمنة استعباد الشعوب.عشرة شروط على الفلسطينيين أن يوافقوا عليها حتى يسمح لهم بإقامة كيان في الأرخبيلات التي وفرها ما فاض عن الشهية الاسرائيلية المفتوحة للأرض التي ابتلعت الضفة الغربية، تبقت جزر معزولة يعيش عليها "رعايا" كما يقول في تلك المقابلة، رعايا بحكم هويتهم الفلسطينية ولأنه لا يريد أن يضم هؤلاء الرعايا لأن الهاجس الديمغرافي الذي يسكن الدولة يجعل من تنازل نتنياهو عن الأرض التي يقيم عليها "الرعايا" في غاية السخاء وتلك الأرخبيلات بعد أن يقدم الفلسطيني فروض الطاعة متنازلاً عن كل ما قامت عليه أسس التسوية وحل الدولتين يسمح نتنياهو بأن يقيم الفلسطينيون "دولة".
ولكنه يسقط في المقابلة معترفاً بأنه لن تكون دولة حتى على تلك الجزر. حين سئل عن مواطني أريحا وماذا سيفعل بهم؟ "أجاب"، هم رعايا بحكم الهوية، ولم يقل إنهم جزء من دولتهم الفلسطينية ولم يذكرها، فالذي يعرف نتنياهو ويعرف وعده لوالده منذ خطاب بار ايلان وتذاكيه المكشوف يعرف أنه لن يسمح بإقامة دولة حتى ولو على مساحة عشرة كيلومترات.
والد نتنياهو، أستاذ التاريخ، صاحب مقولة، إن هذه الأرض لا تتسع لدولتين. وحين غضب الأب من الابن الذي تجرع اسم "الدولة الفلسطينية" في بار ايلان قبل أكثر من عقد، قال الابن، إنه اعترف ولكنه رفع سقف الشروط التي لن يقبلها أي فلسطيني وبالتالي لن تكون هناك دولة، وتلك أصبحت مناورة في غاية الانكشاف ولا يضيف تكرارها أي جديد.
هي عشرة شروط ولو وافق عليها الفلسطينيون لأخرج نتنياهو من قبعته الشرط الحادي عشر الذي سيرفضه الفلسطينيون. وهكذا تبدو لعبته السياسية التي يلعبها أمام جمهور السياسة المتفرج من قادة العالم الذين أرهقوا شعوبهم بتمويل حل الدولتين، هذا الجمهور الذي يرتكب أمامه نتنياهو كل المخالفات دون أن يجرؤ أي منهم على استخدام صفارته وبطاقاته الصفراء أو الحمراء جبناً.
لا يمكن وصف تلك المقابلة إلا بالبلطجة السياسية والعسكرية يمارسها أزعر الحي ضد كل الذين أصيبوا بعقدة الخوف على حكمهم ومصالحهم في عواصم جردت نفسها من كل الأوراق السياسية.
لكن حين نلتفت للوراء وفي عصر التيه السياسي والعربدة وصمت الضمير العالمي تنتصب أمامنا تراجيديا وجع الانقسام وألمه الممتد على مساحة الأرض المسروقة والتي تنتظر، كيف فعلنا بأنفسنا كل هذا؟ على ماذا تقاتلنا، فلم تكن هناك غنيمة ولا حتى فزنا بالإياب بل عدنا مصابين ننزف دماً وأرضاً ومستقبلاً.
كم كنا قساة، ونحن نتربص ببعضنا بلا رحمة وكأن لم يعد يشغلنا سوى الحكم والانتخابات والمواقع، وتصرفنا كأننا دولة ولم نكن ندري أن كل ذلك كان مجرد وَهَم، والحقيقة الوحيدة فيه هو الصراع الفعلي على الوهم لنعرف الآن ما كان واقعاً يتجسد أمامنا طيلة السنوات الماضية بأن حل الدولتين كان يتآكل كل يوم، وأن الأرض تنحسر كل يوم وأن الصراع بيننا مستعر كل يوم.
كم كنا قساة، ونحن ندير ما هو أكبر من خلاف بكل ما يملك كل منا من قوة ورباط خيل داست سنابكها كل أحلام البسطاء والحالمين بوطن، وكل الذين أفاقوا من حلمهم على كابوس المسار بكل أدواته من قتال ومفاوضات ومحاولات كلها الآن تقف صامتة أمام عنجهية تنفرد على صفحات الجريدة بلا حساب وبغرور لا مثيل له.
على الفلسطيني أن يقبل بالتخلي عن كل أحلامه وحريته وعن أرضه مقابل أن يحكم شعبه في المعازل، هذه هي المعادلة التي يقولها أرأيتم هذا البؤس "الأرض مقابل الحكم" فمن رأى صراعاتنا التي تجسدت في العقد ونصف العقد الأخيرين له أن يستنتج أن الحكم هو أولويتنا، لذا يقدمه نتنياهو للفلسطينيين كجزرة الإغراء.
كم كنا قساة، في صراعاتنا ولغتنا وعدوانيتنا تجاه بعضنا، وكم سخرنا من إمكانيات ضد الأخ اللدود وكم تشتتنا وتمزقنا وتمزقت صورتنا لدى الصديق قبل العدو، تلك الصورة التي كان يعلقها العربي وساماً في صالون بيته.
الحقيقة أن نتنياهو يعيد قراءة تجربة الهنود الحمر ويريدنا كذلك ونحن في هذه اللحظة أمام الاختبار الأخير: هل نحن الهنود الحمر الجدد أم أننا شعب أراد الحياة ليستجيب له القدر؟ الأمر يبدأ وعلى عجل بترميم البيت وإلا فمن حق نتنياهو أن يقول وأن يفعل ما يشاء، وليس لنا إلا البكاء على الماضي وعلى التضحيات ..!!!

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لو قبل الفلسطينيون لاخترع الشرط الحادي عشر لو قبل الفلسطينيون لاخترع الشرط الحادي عشر



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات

GMT 05:00 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أصوات 20 ألف جزائري تحدد مصير جزيرة قرب أستراليا

GMT 21:50 2014 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها "G3"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon