عن مصير السلطة بعد الضمّ

عن مصير السلطة بعد الضمّ...!

عن مصير السلطة بعد الضمّ...!

 لبنان اليوم -

عن مصير السلطة بعد الضمّ

أكرم عطا الله
بقلم : أكرم عطا الله

تفصلنا سبعة أسابيع عن الموعد المحدد لما سيقوم به بنيامين نتنياهو من إجراءات ضم مناطق أو كل الضفة «حسب الممكن» بالاتفاق مع البيت الأبيض. والأمر على قدر كبير من الجدية، فلأول مرة تحدد حكومة إسرائيلية موعداً زمنياً محدداً لتنفيذ خطوة سياسية في الأول من تموز المقبل وفق برنامج الائتلاف الذي تشكلت على أساسه.ويتم التنفيذ والعالم مشغول بالجائحة، لكن حسابات اليمين الإسرائيلي مختلفة، فهو يسابق الزمن لتنفيذ ضربته الكبرى بعد أن تم نشر خارطة الطريق نهاية كانون الثاني الماضي، والتي اختزلت كل الأحلام الاستيلائية الإسرائيلية في خطة واحدة وفي زمن قياسي، استغلالاً لظرف أو لظروف إقليمية وأميركية حملت رئيساً على هذه الدرجة من الجهل للبيت الأبيض قادماً من عالم التجارة والمصالح ويرى أن مصلحته فوق كل اعتبار.

فترامب يدير سياسة تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تنبع من دين يجب تسديده لنتنياهو الذي ساعده في الانتخابات والوصول للبيت الأبيض، وهو ما كشفت عنه مؤخراً صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية بأن الوزير «تساحي هنغبي» كان ينسق مع «روجر ستون» المستشار السابق لترامب. فقد عمل نتنياهو كل ما يستطيع من أجل فوز ترامب وإسقاط هيلاري كلينتون للتخلص من إرث الديمقراطيين كامتداد لباراك أوباما، لذا فإن ترامب لا يتورع حتى عن مخالفة السياسة الأميركية التقليدية والقانون الدولي والأخلاق في سبيل مساعدة صديقه.

قد لا تكون هذه التفاصيل مهمة، فنحن أمام واقع بات يتدهور بسرعة كبيرة نحو الانقلاب الميداني على أي أفق للفلسطينيين، بل ويطيح بكل الأحلام التي تشكلت في ربع القرن الأخير ليعيدهم إلى نقطة الصفر بعد فقدان كل شيء، بل يحشرهم في خيارين شديدَي الإحباط والقسوة.
نحن أمام عملية ضم فعلية، وهذا حلم نتنياهو واليمين الإسرائيلي الذي يطالب بتسريع العملية، في حين أن رئيس الوزراء الإسرائيلي أكثر استعجالاً وأكثر مرونة في توسيع حلمه من ضم الكتل الاستيطانية كما كان يقول، إلى ضم الضفة الغربية، وتلك الفرصة التي وفرها وصول ترامب وترافقت مع تخلي نتنياهو عن مصطلح «الكتل الاستيطانية»، نتنياهو ربما يعتقد أن هذه الولاية هي ولايته الأخيرة، فقط سيحكم لعام ونصف العام، ولا يريد أن يترك الأمر لوصيفه الذي يبدو متراخياً بنظر اليمين ويظل يتحدث عن التوافق الأميركي والدولي، في حين أن نتنياهو يركل كل هذا العالم بقدمه ويتقدم بلا مبالاة لما يقوله كل سياسيي العالم وأوروبا.
وعلى الجانب الآخر، فإن الفرصة التي وفرها التاريخ باستدعاء رجل جاهل سياسياً للبيت الأبيض مدين لإسرائيل، نذر دورته الرئاسية لخدمها باعترافه كما يقول مفاخراً، هذه الفرصة ربما لن تتكرر. وإذا كان وضع ترامب مطمئناً لنتنياهو في السنوات الثلاث الأولى من الحكم، فإنه في الأسابيع الأخيرة يشهد وضعه انتكاسة في غير صالحه؛ حيث إن وجود 30 مليون عاطل عن العمل أدى إلى تراجع شعبيته، ما يعني إمكانية خسارته الانتخابية، وهو أمر يضعه نتنياهو كواحد من السيناريوهات.
وهذا ما يفسر التسارع المذهل أميركياً وإسرائيلياً لإنهاء الملف الفلسطيني وطيّ صفحته. فتصريحات وزير الخارجية الأميركي بومبيو الذي سيزور إسرائيل هذا الأسبوع، وكذلك تصريحات سفيره ديفيد فريدمان المرتبطة بتشجيع إسرائيلي لعملية الضم وحثها على الإسراع، «هي أكثر من التصريحات التي تتعلق بوباء اجتاح البشرية وانحسرت كل التصريحات حوله.
إسرائيل وخلفها الولايات المتحدة ماضية في العملية بلا فرامل. وستفرض عملية الضم وقائعها بمعزل عن المؤسسات الدولية والقانون الدولي الذي سيسلم بالأمر الواقع، فإسرائيل نفسها تم إعلانها بقرار دولي، وعندما تجاوزت ما نص عليه القرار تعاطى العالم سواء الأمم متحدة أو مجلس الأمن مع إسرائيل الأمر الواقع وليست القانونية. وتعرف إسرائيل أن تلك المؤسسات لم تعد ذات وزن، خصوصاً أن من يقف خلف مشروعها الجديد هي الولايات المتحدة صاحبة النفوذ الأكبر في تلك المؤسسات، وهي من يحوّل أي اجتماع بها إلى مجرد جلسة من الثرثرة لا أكثر، وهذا الأمر الذي بات الفلسطينيون يتعلقون به وهو ما يعكس أزمة الخيارات في الحقيقة.
الفلسطينيون، وبالتحديد السلطة الوطنية التي تعيش أسوأ مراحلها، سواء المالية من خلال القرض الإسرائيلي الذي سيسرى مفعوله أثناء عملية الضم تكون السلطة في أمس الحاجة لإسرائيل، أو على صعيد أزمة التشريعات التي رأينا إقرارها والتراجع عنها، لكن سيكون أمامها خياران لا أحد يعتقد أن هناك ثالثاً لهما.
الخيار الأول، وهو انتهاء الدور الوظيفي للسلطة كمؤسسة قامت من أجل التفاوض مع إسرائيل لإقامة الدولة في إطار حل الدولتين، وبالتالي مع انتفاء هذا الهدف وإعدامه ميدانياً ينتهي دور السلطة الوطنية، وبالتالي يقدم الفلسطينيون على حلها وتحميل المسؤولية لإسرائيل ليصبح خيار الضم عبئاً على إسرائيل بالمعنى الديموغرافي أو بمعنى السيناريوهات الإستراتيجية المتعلقة بيهودية الدولة، وهو ما لا يمكن الحفاظ عليه على المدى البعيد في حال الضم.
الخيار الثاني، أن يقبل الفلسطينيون أو المنظمة ببقاء السلطة تحت الحكم الإسرائيلي مع التسليم بانتهاء الطموحات الوطنية، أي نظام حكم داخلي على نمط حكم ذاتي، وتلك مهمة يصعب الاستمرار فيها؛ مع غياب الأفق السياسي، وهذا البقاء الذي سيطرح أسئلة كثيرة حول قبول هذا الواقع ليس فقط من قبل النخب الفلسطينية بل من قبل المواطن الفلسطيني نفسه.
هذا الخيار هو الذي تريده إسرائيل والتي باتت تتعامل مع تهديدات السلطة بلا جدية لكثرة ما تكررت بلا فعل ولم تنفذ ولن تنفذ أيضاً، والمثال الذي تتداوله الصحافة الإسرائيلية، عندما تم نقل السفارة الأميركية وفرض القانون الإسرائيلي على الضفة، أن كل شيء بقي كما هو، لذا فهي مطمئنة بل وتساهم بالحفاظ على الوضع الراهن حتى حين تتعرض السلطة لأزمة مالية، وهو ما يجب أن يقرأه الفلسطينيون جيداً للبحث عن الخيار الأمثل... إسرائيل ماضية في الضمّ، فـ»ماذا أعد الفلسطينيون؟» هو

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن مصير السلطة بعد الضمّ عن مصير السلطة بعد الضمّ



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 00:05 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 20:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 08:41 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أحمد في ورطة؟

GMT 18:57 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

موديلات عبايات لصيف 2025 ستجعلك تبدين أصغر سناً

GMT 13:03 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

زاهى حواس يكشف طلب الرئيس السادات عندما زار المتحف المصرى

GMT 14:57 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حريق داخل بسطة خضار بداخلها غالونات بنزين ومازوت في بعبدا

GMT 23:57 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

5 نصائح تمكنك من الانسجام والتفاهم مع شريك حياتك

GMT 22:53 2021 الإثنين ,08 آذار/ مارس

انا والكورونا و المرأة في يومها العالمي

GMT 16:11 2022 الجمعة ,20 أيار / مايو

لبنان يوجه ضربة مزدوجة لطهران
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon