هل وصلنا إلى حال التعايش مع الانقسام

هل وصلنا إلى حال التعايش مع الانقسام

هل وصلنا إلى حال التعايش مع الانقسام

 لبنان اليوم -

هل وصلنا إلى حال التعايش مع الانقسام

صادق الشافعي
بقلم : صادق الشافعي

لا شيء في موضوع الانقسام يتحرك الى الأمام ولو خطوة صغيرة.. هل وصلنا الى حال من التبلد والرضا بالانقسام والتعايش معه بسلام وسكون كالعدم؟ هل استسلمنا له كأمر واقع وكأنه قدر لا حول لنا معه ولا قوة. حتى اللقاءات الروتينية التقليدية توقفت، وهي التي في الغالب الأعم لا يخرج عنها شيء مهم ولا تفعل سوى قطع السلام والسكون بقليل من الحركة لوقت محدود. هل ان أمورنا الوطنية العامة هي في «اللوج»: مستقرة وهادئة وطبيعية ومرتاحة بحيث لا تبقى من ضرورة للقاءات وطنية لمعالجة أي شيء فيها، ولا ما يحزنون؟ لا احتلال وتوسع وقهر ولا أسرى، ولا هدم بيوت بأيدي أصحابها، ولا صفقة قرن قاتلة، ولا وباء كورونا يحصد الحياة، ولا قرار احتلالي بالضم لثلث ضفتنا الغربية تقريبا وإعلان السيادة على مستوطنات تأكل من لحمنا. ولا مباحثات لتبادل أسرى وخروج أرواح لنا الى فضاء الحرية ودفء الوطن والبيت والعائلة وهي القضية الوطنية العامة بامتياز، الكل من أهل الوطن وقواه السياسية والمجتمعية معني بها وبتفاصيلها وبأثمانها المباشرة وغير المباشرة، ولا.. ولا.. أم ان الكل مرتاح للوضع القائم، وراض ومقتنع بالسير على مبدأ «حارة كل من إيده إله» سواء كانت الحارة قائمة على وهم السعة والراحة والاستقرار، او كانت مجرد مساحة ضيقة للصراخ والإعلان بلا أي تأثير.

آخر محاولة للقاء وطني هي التي حصلت بعد الاتصال الهاتفي الذي بادر له الأخ هنية مع الرئيس بعد إعلان الرئيس ترامب عن صفقة القرن. فقد ذهب وفد من قيادة حركة فتح كان مكلفا من الرئيس الى غزة لإجراء لقاءات وحوارات وحدوية مع التنظيمات الوطنية فيها، ومع حركة حماس بشكل خاص. لم ينجح الوفد بعقد أي لقاء سياسي بأفق توحيدي: لا بشكل فردي مع حركة حماس وهو المتجه أساسا للقاء معها، ولا أي لقاء رسمي منفرد مع أي تنظيم آخر، ولا لقاء جماعي مع عدد من التنظيمات، ولا مع كلها. ولا نجح حتى بلقاء مع شخصيات مجتمعية معروفة اتصلت لترتب موعد لقاء ثم عادت واعتذرت عنه. وعاد الوفد بخفي حنين. الوفد، في بيان توضيحي أصدره الأخ روحي فتوح ألقى باللوم والمسؤولية صراحة على حركة حماس، سواء برفض اللقاء المنفرد معهم كـ»حماس» وحدها، أو بـ»المونة» على التنظيمات الأخرى والشخصيات المجتمعية. بعد ذلك لم تجر أي محاولة للقاءات: لا مباشرة، ولا عبر وسطاء فلسطينيين او أشقاء عرب، ولا عبر غيرهم.

لكن ديناميكية الانقسام واستمراره لا يمكن لها ان تتعايش مع السكون والسكينة. فبالإضافة الى استمرار آليات الانقسام ومظاهره وتعبيراته بالتحرك تجاه التكرس والتعمق، لا بد ان تظهر على السطح بين فترة وأخرى مشكلات متفجرة بأكثر من شكل ونوع. تظهر كنتائج أكيدة للانقسام، وان اختلفت درجة ووضوح مباشرتها. في الأيام الأخيرة ظهرت الى السطح مشكلتان: الأولى، وهي بالتأكيد، من نتائج الانقسام وتعقيداته وتأثيره المباشر على القواعد التي تحكم العلاقات بين مكونات الصف الوطني والمبادئ والأسس التي تدير شؤونه، وبحيث تحفظ لكل مكون من مكوناته حقوقه ودوره الطبيعيين.

المشكلة حصلت بين تنظيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وبين قيادة منظمة التحرير والسلطة الوطنية ممثلتين في موقع الرئاسة. عنوان المشكلة كان ماليا، وحول الحقوق في نفس الوقت. والمشكلة خرجت الى العلن عبر بيانات متبادلة لا يمكن إلا ان تضيف الى جرح الانقسام المفتوح عمقا جديدا، مهما كانت النوايا، وكانت إيجابية وحرص وتوازن الصياغات والمطالبات والردود.المشكلة الثانية، جاءت حول وزارة الشؤون الاجتماعية، في غزة تحديدا، والخلاف في رأس إدارتها حول الصلاحيات والمسؤوليات والموظفين والعلاقة مع مركز الوزارة في رام الله. المشكلة أخذت طابعا تنظيميا بين حركة حماس والسلطة، ممثلة بالوزارة المعنية وخرجت الى العلن عبر وسائل الإعلام. خصوصية هذه المشكلة هي علاقتها المباشرة بشؤون الناس وحياتهم واحتياجاتهم والمساعدات التي يمكن ان تقدم لهم.

لا أحد يضمن عدم تفجر مشاكل من أي نوع في أي وقت وعلى أي مستوى طالما استمر الانقسام قائما يتمدد ويتعمق. ولا يمكن القبول باستمرار الانقسام ورؤيته يتمدد ويتعمق ويكتسب مفاعيل وارتباطات جديدة في كل يوم.
وإذا كانت التنظيمات تعلن، بحقائق الأمر الواقع وبالممارسة اليومية ودونما حاجة الى تصريحات وبيانات، تعلن استقالتها من واجب إنهاء الانقسام، وتعايشها مع الواقع الذي فرضه بكل حقائقه وخلفياته ومراميه وإمكانيات تعمقه فلماذا لا يكون المجتمع المدني وقواه، على تنوعها، هو المحرك لتنفيذ هذا الواجب حتى لو تطلب ذلك تجاوزا للتنظيمات او بعضها.
إنها دعوة تتكرر أمام كل أمر عظيم، وهل هناك أمر أعظم من الانقسام.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل وصلنا إلى حال التعايش مع الانقسام هل وصلنا إلى حال التعايش مع الانقسام



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:53 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

سعد الحريري يتوقع تشكيل حكومته الجديدة مساء الجمعة

GMT 10:29 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمبانزي قادرة على تقييم المخاطر وتحذير أقرانها

GMT 20:51 2019 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

طائرة الجزائر يواجه الكاميرون في الالعاب الأوليمبية 2020
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon