أزمة «كورونا» وضرورة البحث عن آلية جديدة للحماية الاجتماعية

أزمة «كورونا» وضرورة البحث عن آلية جديدة للحماية الاجتماعية

أزمة «كورونا» وضرورة البحث عن آلية جديدة للحماية الاجتماعية

 لبنان اليوم -

أزمة «كورونا» وضرورة البحث عن آلية جديدة للحماية الاجتماعية

عقل أبو قرع
بقلم : عقل أبو قرع

يتواصل الانتقاد وتحميل المسؤولية ومحاولة إيجاد المبررات، لعدم تحقيق صندوق «وقفة عز» أهدافه حتى الآن، والذي تم الإعلان عن تكوينه كرد فعل على أزمة فيروس كورونا، بهدف جمع مبلغ حوالي 28 مليون دولار من التبرعات المختلفة، ولكن لم يتم تحقيق حتى الآن، إلا حوالي 15 مليون دولار أو اقل، حسب تصريحات المسؤولين عن الصندوق، وسواء أكان ما تم جمعه على شكل أموال نقدية أو مساعدات عينية، فالهدف هو إيصال هذه المساعدات الى من يحتاجها أو من يستحقها، وبالتحديد من المتضررين من تداعيات أزمة كورونا، أو ممن هم يتعاملون مع هذه التداعيات في محاولة للحد من الأضرار ومنع تفشي الفيروس، وبالتحديد وزارة الصحة والعيادات والمستشفيات.

ومن الواضح أن إنشاء مثل صندوق كهذا، رغم أنه أمر إيجابي ومرحب به، إلا أنه جاء بسبب عدم وجود آلية اجتماعية حاليا تتعامل مع مثل أزمات كهذه، سواء أكانت هذه الأزمات بفعل وباء أو كارثة طبيعية أو بفعل البشر، وهذا موضوع من المفترض أن يتم فيه نقاش مستفيض وموضوعي، يتم من خلاله الإجابة عن أسئلة الناس حول عدم وجود آلية للحماية الاجتماعية تعمل على تقليل الأضرار وبشكل محترم ولفترة زمنية قصيرة، لا تتعدى الأسابيع أو الأشهر، وإذا كانت هناك عقبات، كيف من الممكن التغلب عليها أو تذليلها، وما هي الآلية العملية لإنشاء مثل نظام حماية كهذا، بحيث يستطيع حماية العامل العاطل عن العمل لأسباب ليست بإرادته، والمزارع الذي لا يستطيع الوصول الى أرضه أو تسويق محصوله، والسائق الذي فقد قوت يومه، وصاحب المصلحة التجارية، ومنهم لا يستطيع تأمين قوته وقوت أفراد عائلته، ان لم يعمل أياما أو أسابيع، وهذا هو الذي حدث ويحدث في بلادنا هذه الأيام، بعد الإجراءات المتعلقة بفيروس كورونا.

وصحيح اننا لسنا بدولة قائمة بكافة المؤسسات المتعارف عليها في الدول الأخرى، وبالأخص لا نملك بنكا مركزيا يستطيع أن يطبع ويضخ الأموال في السوق وللناس، وهذا ما قامت وتقوم به البنوك المركزية في الدول، مثل ما قام به «الفيدرالي الأميركي» الذي ضخ التريليونات من الدولارات في الأسواق ولأصحاب الأعمال والمؤسسات والهيئات، أو البنك المركزي الأوروبي أو الياباني أو الصيني أو غيرها، وصحيح اننا لا نملك الإمكانيات الهائلة والأصول والودائع والسندات والصناديق السيادية الضخمة، التي تملكها دول عديدة والتي مكنتها حتى من إرسال الشيكات للأفراد بالإضافة الى أصحاب الأموال، وصحيح أننا لا ندفع النسبة الكبيرة من الضرائب التي تدفعها شعوب بعض الدول الأوروبية وكندا مثلا، والتي قد تصل الى نسبة الـ 50% من الدخل، وبالتالي تضمن لهم حماية صحية واجتماعية على مدى الحياة، ولكننا من الممكن إنشاء آلية اجتماعية متواضعة تقاس على مقدارنا وحسب إمكانياتنا، تستطيع التعامل مع أزمات مثل الأزمة الحالية لفترة زمنية قد تمتد لعدة أسابيع أو أشهر، دون البحث عن التبرعات من هنا أو من هناك.

وهذه الآلية من الممكن أن تكون مستقلة تماما عن الهيئات الحكومية أو عن القطاع الخاص، تملك جسما أو هيئة مستقلة قائمة طول الوقت، تعمل على جمع وإدارة واستثمار أموال يتم جنيها أو الحصول عليها من الناس أو من المجتمع وبكافة أطيافه، سواء من خلال آلية إلزامية مثلا، بخصم 2-5% من رواتب القطاع العام، أو ممن رواتبهم تزيد على مبلغ معين وبآلية تصاعدية، ولِم لا وماذا سيحدث ان تم خصم 5% من راتب من يتقاضى الـ 5 آلاف شيكل مثلا، أي مبلغ الـ 250 شيكلا وهكذا، ويتم الحصول عليها من الأرباح الصافية، وليس من الدخل، من شركات القطاع الخاص التي تقوم سنويا بتوزيع مئات الملايين من الدولارات، أي ماذا لو تم الحصول على نسبة الـ 3% مثلا من مجمل هذه الأرباح للصالح العام، فإنها لا تحدث بالأثر الكبير ولكنها مبلغ كبير للحماية الاجتماعية المستقبلية، ومن أموال المؤسسات الأهلية والعامة ومنظمات المجتمع المدني وغيرها، بحيث يتم جمع هذه الأموال بشكل شفاف وخاضع للرقابة، وتتم إدارته واستثماره وتحقيق عائد مستدام يضاف الى الأموال، من خلال لجنة مستقلة موضوعية تنال ثقة الناس بمختلف أطيافهم.

ورغم أن أزمة كورونا الحالية، قد كشفت عن النواقص ونقاط الضعف عندنا، سواء فيما يتعلق بالأمور الصحية أو التعليم عن بعد أو غياب آلية الحماية الاجتماعية المحترمة التي تلبي الاحتياجات دون انتظار التبرع من هنا أو من هناك، او المناشدة من هنا أو من هناك، إلا أن هذا الانكشاف ربما يكون الحافز لنا لكي نعمل وبشكل فوري وجدي وبآلية جديدة، من أجل الاستثمار أكثر في الصحة وفي التعليم وفي أنظمة الحماية الاجتماعية المستدامة، حتى لو تم اقتطاع نسبة معينة من دخل معظم القطاعات، وحتى لو تم اقتطاع نسبة معينة من نفقات جارية غير ضرورية للحكومة، لأنه ورغم التكاتف الاجتماعي والتضامن الذي يزخر به مجتمعنا مقارنة مع مجتمعات أخرى، فإنه لا يوجد أي ضامن بأن الأزمة الحالية لن تتكرر، وربما في القريب العاجل، وربما بشكل آخر وبتداعيات أكثر إيلاما.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أزمة «كورونا» وضرورة البحث عن آلية جديدة للحماية الاجتماعية أزمة «كورونا» وضرورة البحث عن آلية جديدة للحماية الاجتماعية



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 00:05 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 20:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 08:41 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أحمد في ورطة؟

GMT 18:57 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

موديلات عبايات لصيف 2025 ستجعلك تبدين أصغر سناً

GMT 13:03 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

زاهى حواس يكشف طلب الرئيس السادات عندما زار المتحف المصرى

GMT 14:57 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حريق داخل بسطة خضار بداخلها غالونات بنزين ومازوت في بعبدا

GMT 23:57 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

5 نصائح تمكنك من الانسجام والتفاهم مع شريك حياتك

GMT 22:53 2021 الإثنين ,08 آذار/ مارس

انا والكورونا و المرأة في يومها العالمي

GMT 16:11 2022 الجمعة ,20 أيار / مايو

لبنان يوجه ضربة مزدوجة لطهران
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon