الحرب التي لا تموت أبداً بالحرب

الحرب التي لا تموت أبداً بالحرب

الحرب التي لا تموت أبداً بالحرب

 لبنان اليوم -

الحرب التي لا تموت أبداً بالحرب

زياد خدّاش
بقلم : زياد خدّاش

(1)
ألقمها ورداً وكتباً وصمتاً وموسيقى ومساءات، فتشبع وترضى عني مقعية وغافية جانبي بسلام كلبة. أدربها على القفز في حضني عاضاً كتفها بطيبة وحماسة جدّ تسعيني، تنسى وصاياي، (إياكِ وقلبي يا كلبتي الحلوة) وتخونها، وتنقر جمر قلبي بمنقارها المدلل، فتموت احتراقاً هي فوراً وأنفجر أنا رماداً ومدناً وحروباً.
طائر جميل وأحمق هي عزلتي.
(2)
أن تمدّدي يأسك فوق يأسي، باطن قدم على باطن قدم، شهقة شريدة تعثر على غرفتها، وضياعاً يكتشف إقامته، ثم نستدعي مساءً حزيناً لنتزوجه؛ لننجب منه عتمتنا الصغيرة البهية، وبصفاء عيون النمور المتوحشة نغادر بلا عودة العالم الشمسي المليء بالعمى والنمش والنظريات.
(3)
عذراً أصدقائي المبنى اللغوي لهذا النص غير طبيعي فقد قصفته الحرب.
كانت المرأة التي مات زوجها في الحرب تمشي في الشارع، وكان الرجل الذي ماتت شقيقته في الحرب يبيع الترمس في الشارع، وكانت البنت التي مات شقيقها في الحرب تحبّ حبيبها في المكتبة، وكان الجد الذي مات حفيده في الحرب يشتري البقدونس من بائعات الرصيف المسنات، وكان الولد الذي مات أبوه في الحرب يذهب إلى المدرسة، وكانت البنت التي مات خالها في الحرب تبكي خوفاً لأن دماً مفاجئاً داهم صباحها، وكان الشاب الذي مات عمه في الحرب يشرب البيرة مع صديقته، وكانت الأم التي لم يمت ابنها في الحرب تخون زوجها الذي مات في الحرب، وكان الزوج يموت في الحرب في اللحظة التي ولد فيها ابنه الوحيد، وكان الابن الوحيد سيموت في الحرب، وكان العجوز الذي كان على وشك الموت في الحرب يفكر بحياته التي هي سلسلة من الحروب، وكان الصديق الذي مات صديقه في الحرب يفكر بالموت في الحرب، وكان الرجل الذي مات جاره في الحرب ما زال مرعوباً من الحرب، وكانت المعلمة التي ماتت زميلتها في الحرب ما زالت تعلّم الطلاب بنفس المدرسة التي هدمت الحرب نصفها، وكان الشعب كله يعيش في الحرب، وكان الوطن الذي مات في الحرب لا يزال يموت في الحرب، وكان الكل (من مات ومن ينتظر) يتساءل: لماذا تعيش فقط في بلادنا الحرب؟ ألا تسافر الحرب؟ أليس لها أبناء في البلاد الأخرى تزورهم؟ يا لهذه الحرب التي لا تموت أبداً بالحرب!
وكان الجواب حرباً منفجرة في فم حرب: الحرب الجميلة لا تحدث أبداً في البلاد غير الجميلة.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحرب التي لا تموت أبداً بالحرب الحرب التي لا تموت أبداً بالحرب



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات

GMT 05:00 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أصوات 20 ألف جزائري تحدد مصير جزيرة قرب أستراليا

GMT 21:50 2014 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها "G3"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon