لبنان كورونا أمامه، والإفلاس وراءه

لبنان: كورونا أمامه، والإفلاس وراءه

لبنان: كورونا أمامه، والإفلاس وراءه

 لبنان اليوم -

لبنان كورونا أمامه، والإفلاس وراءه

عبير بشير
بقلم - عبير بشير

أشعل وباء كورونا المعارك في لبنان على كل الجبهات، فلبنان سيكون لأسابيع أو حتى أشهر مسرحاً لحالة من الشلل والجمود على مختلف الصعد الحياتية والاقتصادية والمالية والاجتماعية والصحية، مع إعلان حكومة حسان دياب التعبئة العامة وحالة الطوارئ الطبية بسبب خطر فيروس كورونا، والتأكيد على وجوب التزام المواطنين منازلهم وعدم الخروج منها إلا للضرورة، وإقفال مطار رفيق الحريري الدولي، وجميع المرافئ البحرية، وجميع المعابر البرية ابتداء من الغد وحتى 29 آذار. كما تقرر إقفال الإدارات والمؤسسات العامة والمدارس الرسمية والخاصة والبلديات، واستثنيت من قرار الإقفال المؤسسات الصحية والأمنية، والمديرية العامة للنفط، وذلك بعد أن تفشى الوباء في لبنان، وفاقت الإصابات عتبة المائة، حسب الإحصائيات الرسمية.

 وقد تم التوافق حول إعلان التعبئة العامة بدلاً من إعلان حالة الطوارئ، بسبب ما يقال حول رفض حزب الله تسلم الجيش للبلد.
لقد أُضيف إلى بنك الأزمات اللبنانية - السياسية والاقتصادية – المالية- أزمة الانهيار الصحي، فقد كشف «كورونا» هشاشة النظام الصحي اللبناني، وضعف تجهيز البنى الصحية المطلوبة لمواجهة أي انتشار محتمل للفيروسات، في بلد مفلس حيث لا توجد فيه استعدادات طبية أو تجهيزات كافية في المستشفيات لاستقبال المصابين وإغاثتهم.
ورغم اجتياح فيروس كورونا لبنان كغيرها من دول العالم، إلا أن الاستثناء اللبناني هو في تزامن هذه الأزمات، وتشابكها، لقد حل وباء كورونا في لبنان في توقيت مالي واقتصادي حرج، وضاعفت كلفة الفاتورة المالية والاقتصادية لهذا الوباء، من أزمات البلد الذي يواجه انهياراً اقتصادياً وأزمةً نقديةً غير مسبوقة في تاريخه. وضرب الوباء قطاعات مختلفة لا سيّما قطاعي السياحة والسفر، نتيجة تأجيل أو تجميد الرحلات الجوية وحركة النقل البري والبحري والترانزيت، وإلغاء حجوزات الفنادق، وإقفال المطاعم والمقاهي ودور السينما ومراكز التسوق، ما جعل المواطن العادي يشعر أن وطنه تحول إلى مساحة جغرافية مأهولة ومتنافرة، ولا تتمتع بأي من مواصفات الدولة التي تدير أموره، وترعى مصالح الناس وأحوالهم.
فقد بدا واضحاً للعيان، عجز الحكومة اللبنانية وعدم قدرتها على اتخاذ قرارات إلا عندما يسمح لها أوصياؤها السياسيون- حزب الله-. وكشفت قضية فيروس كورونا، مدى سطوة حزب الله على قرارات الحكومة، وإحكام قبضته على «مطار رفيق الحريري» الدولي، بحيث إن الحكومة عجزت لشهر كامل بعد وصول الفيروس إلى لبنان، عن وقف الرحلات الجوية من إيران التي يتفشى بها الوباء، وإغلاق المنافذ والمعابر الحدودية مع سورية، التي بقيت مفتوحة لتدفق الإيرانيين وسط إجراءات صحية ضعيفة وبدائية، لا ترقى إلى ما هو مطلوب في زمن تفشي الأوبئة.
لقد رفض حزب الله منذ البداية، فكرة إغلاق المطار الدولي، والمعابر والموانئ، لمواجهة خطر كورونا- إلى أن اضطر أخيراً للموافقة تحت الضغط الشعبي-، وذلك للحفاظ على مكاسبه ومداخيله، من خلال الإبقاء على المعابر الحدودية مشرعة أمام نشاطاته، ومن خلال حماية عمليات التهرب الجمركي التي تحصل عبر المرافئ البحرية والجوية، والتي تفوّت على خزينة الدولة إيراداتٍ مالية تقدّر بمليارات الدولارات، وهو ما يعرف بالاقتصاد الأسود أو الاقتصاد الموازي الذي أنشأه حزب الله ويتحكم بخط «تسهيلات» خاص في المرفأ والمطار، وأكثر من 130 معبراً برياً مع سورية. وطبعاً مع الأهمية التي يوليها حزب الله لإبقاء الجسور الجوية والبرية مع إيران مفتوحة لاستمرار تدفق المال والسلاح والمقاتلين.
ورغم كل ذلك، أقر حسن نصر الله في خطابه الأخير قبل أيام بحجم المأزق اللبناني المتأتي من خطر «كورونا»، المتابعون لخطابه لاحظوا من نبرة الخطاب، ومن سياقه العام الارتباك والخوف من تفشي فيروس “كورونا” في المناطق الشيعية، الى درجة كبيرة دفعت بنصرالله، الى رفع مستوى المواجهة مع “كورونا” الى مصاف “الحرب المقدسة” التي خاضها مع العدو الإسرائيلي جنوباً، والمعارك الدائرة في سورية.
لقد دخل لبنان في مرحلة جديدة من الطوارئ على كل المستويات. المعركة الأولى للبنانيين بالرغم من أزماتهم المعيشية والحياتية وكل ما يعانون منه، هي اليوم لمكافحة الوباء أو على الأقل منعه من الانتشار الواسع.
وليس خافياً أن السياسة الحكومية الرسمية، تنحو بلبنان نحو مزيد من العزلة- غير عزلة كورونا-، تلك العزلة التي تهدد وجود لبنان الدولة، بعد أن أنهت سلطة الأمر الواقع – حزب الله - دور لبنان كمساحة تفاعل في محيطه العربي والدولي، وكمركز مالي واقتصادي، ومساحة إعلام حر، وعزلة لبنان هذه يمكن تلمسها في دوائر اجتماعية واقتصادية وثقافية وسياسية، طالما كانت في عقود سابقة دوائر ناشطة وفاعلة في المحيط العربي والدولي.
وإذا كان الكورونا صار الشغل الشاغل للجهات الرسمية كما للمواطنين، فانه لا يلغي مفاعيل قرار الحكومة اللبنانية الامتناع عن دفع ديونها من سندات «اليوروبوندز»، في الأسبوع الماضي، فيما يشبه إعلاناً للإفلاس-. بعدما وصل الاحتياط النقدي إلى مستوى حرج يهدد قدرة لبنان على استيراد حاجاته الأساسية من غذاء ودواء- ومع انتهاء مهلة السماح المتاحة للحكومة لإطلاق المفاوضات مع الدائنين في شأن إعادة هيكلة السندات التي استحقت في التاسع من آذار الجاري، لم يعد في إمكان الحكومة الاستمرار في قرار تعليق الدفع، بل عليها ان تحسم أمرها في الدفع من عدمه. والأكيد ان لبنان قرر عدم السداد، في ظل تخبط وغموض حول المفاوضات مع الدائنين.. ويتجه لبنان إلى إعلان التخلف غير المنظم عن الدفع، بمعنى أنه سيكون شبه مُغلق أمام أي تدفق نقدي من الخارج، وسيستمر النزف في الداخل، لجهة استمرار سحب الأموال من المصارف، سواء للتخزين في المنازل أو للإنفاق المعيشي. كذلك، سيستمر تمويل الدولة من الاحتياطي في مصرف لبنان، والذي اتضح انّه أصبح حوالى 22 مليار دولار. ومع إقفال ألوف المؤسسات الخاصة والمحلات في لبنان بسبب الأزمة المالية الخانقة وكورونا، سيتضاعف عدد العاطلين عن العمل. وكلها مؤشرات تضيف إلى تعقيدات المشهد اللبناني الذي يبدو بحاجة إلى اجتراح معجزة سياسية وطنية لإنقاذ اقتصاده

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان كورونا أمامه، والإفلاس وراءه لبنان كورونا أمامه، والإفلاس وراءه



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:53 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

سعد الحريري يتوقع تشكيل حكومته الجديدة مساء الجمعة

GMT 10:29 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمبانزي قادرة على تقييم المخاطر وتحذير أقرانها

GMT 20:51 2019 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

طائرة الجزائر يواجه الكاميرون في الالعاب الأوليمبية 2020
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon