الفشل لا يغير الهدف المركزي بل يعيد بناءه

الفشل لا يغير الهدف المركزي بل يعيد بناءه

الفشل لا يغير الهدف المركزي بل يعيد بناءه

 لبنان اليوم -

الفشل لا يغير الهدف المركزي بل يعيد بناءه

مهند عبد الحميد
بقلم : مهند عبد الحميد

انضم د. أسعد غانم مشكوراً للنقاش الذي بدأ به الصحافي وداعية حقوق الإنسان الإسرائيلي جدعون ليفي، وردي عليه بمقال نشر الأسبوع الماضي بعنوان «لوين رايح يا جدعون ليفي» وجاءت مساهمة د. أسعد لتفتح النقاش على أفكار لم تكن مثارة في المقالين المذكورين، والتي يمكن تلخيصها بالآتي:

• الفرق النوعي بين إنهاء المشروع الكولونيالي الاستيطاني في كل فلسطين، او في جزء منها ( الأراضي المحتلة عام 1967 ).
• إقامة دولة فلسطينية في أراضي 67 يعني التسليم بدولة يهودية في باقي فلسطين.
• دولة  فلسطينية في الـ 67 تعني تقسيم الشعب الفلسطيني وأرضه  ودولة واحدة تعني ان الشعب واحد والأرض واحدة..
• حل الدولتين جُرب وانتهى، فلماذا لا ننظر الى الأفق البعيد المدى الممكن وهو حل الدولة الديمقراطية الواحدة الذي لم يجرب وهو ممكن.
• أنصار الدولة في الـ 67 يغلقون على النضال الفلسطيني، بينما أنصار الدولة الواحدة يفتحون الباب لنضال طويل.
• إسرائيل ترفض الدولة الفلسطينية وتفتح بأعمالها العدوانية أفق النضال للمستقبل الديمقراطي في فلسطين التاريخية. 

إنهاء المشروع الكولونيالي الاستيطاني الذي تجسده دولة إسرائيل، هدف استراتيجي مشروع  يلبي مصلحة المجتمع الإسرائيلي الذي ينتمي لفكر التحرر ويرغب في الانتماء لبلد ديمقراطي حر غير كولونيالي وعنصري، وصديق للشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة العربية وغير العربية. حاجة موضوعية لكل اسرائيلي حر في الوقت الحاضر ومستقبلا، ولكل يهود العالم الذين ينتمون لشعوب وأمم اخرى، وحاجة موضوعية للشعوب العربية التي تتوق للانعتاق من علاقات التبعية للامبريالية ومن أنظمة الاستبداد الأليغورشية والثيوقراطية. وبالتأكيد فإن إنهاء المشروع الكولونيالي يلبي مصلحة الشعب الفلسطيني في مختلف أماكن تواجده وأكثر من اي طرف آخر. ومن الطبيعي ان تتضافر كل الجهود والنضالات والأعمال الصغيرة والكبيرة للأطراف المتعددة لإقصاء الكولونيالية والعنصرية ودورها الإقليمي المعيق للتحرر والتطور والبناء. اي أن هذه المهمة التاريخية لا تقتصر على الشعب الفلسطيني والإسرائيليين، وإنما على شعوب وقوى تحرر وطني واجتماعي. فهذا المشروع الكولونيالي هو جزء لا يتجزأ من مشروع الهيمنة الإمبريالية على موارد شعوب المنطقة، وهو جزء لا يتجزأ من ترسانتها العسكرية الضخمة.

ونظراً للاختلال الفادح في ميزان القوى الذي يصار الى استمراره ومفاقمته لمصلحة قوى الهيمنة. فان أي تغيير في الأدوار الكولونيالية للمشروع يعتمد على التحولات الديمقراطية التحررية لدى الاطراف التي لها مصلحة من الأطراف المذكورة. وتحديداً التحول داخل المجتمع الاسرائيلي، وبإعادة بناء مكونات الشعب الفلسطيني على اسس التحرر والخروج من المعادلات التي فرضتها وتفرضها دولة الاحتلال في إطار بنتوستونات الفصل العنصري وحرمان الشعب من موارده. وحتى لا يكون هذا التصور مجرد أمنيات فقط. كانت مؤشرات التحول أثناء الربيع العربي، مخيفة لأنظمة الاستبداد التي تكالبت بالأموال والتدخلات والعسكرة لاجهاضه ونجحت في معظم البلدان. كان أكثر ما تخشاه دولة الاحتلال إعادة طرح اتفاقياتها مع دول عربية على بساط البحث، وإعادة ربطها بحل القضية الفلسطينية، البيان الصادر عن عرب يهود ممن جاؤوا من الدول العربية، قالوا فيه إننا ننتمي للثقافة العربية ويهمنا مصير هذه البلدان. المعسكر المضاد لانعتاق الشعوب. ما اود قوله هنا سواء وجدت دولة فلسطينية او لم توجد فلا يمكن إغلاق الأبواب أمام ضرورة تراجع الاستعمار الاستيطاني الموجود في قلب المنطقة ووقف أدواره. بهذا المعنى فإن هذا الهدف سيبقى قائماً لدى قوى التغيير الثورية وكمصلحة لعموم شعوب المنطقة. 

هذا يستدعي وجود استراتيجيات خاصة بكل شعب ومشتركة مع الجميع. الاستراتيجية تعني وجود أهداف (برنامج) قابل للتحقيق في المدى القريب والمتوسط، عبر إنضاج مقومات النجاح على الأرض، وفي النطاق الإقليمي والدولي، الموضوع ليس رغبة وحلم فقط، ولا يمكن ان تتحقق الأهداف الصغيرة والأكبر بمعزل عن تفعيل كل عناصر القوة. الهدف لا يتغير لمجرد انه يحارَب ويرفض ويطمس من المستعمِر، او لأنه لم يتحقق في المدى القريب. عندما نكون بصدد التحرر يكون الشعب مقتنعاً بإمكانية تحقيقه، من أجل تحفيزه على المشاركة في النضال باعتباره القوة الحقيقية التي ستصنع التغيير وتحقق الهدف. وأن يكون للهدف أساس قانوني كحق مشروع، والأساس القانوني لا يخترعه الشعب الفلسطيني او اي شعب.

لم يمنح الشعب الفلسطيني وطنه لاسرائيل، بل خسرها بالعدوان المدعوم من الضواري الاستعمارية، ولم يقر الشعب ولا حركته السياسية بشرعية وجود إسرائيل، بل جاء ذلك باعتراف الأمم المتحدة وتأييد ودعم المنظومات الدولية وبالأخص منظومة الأمم المتحدة ومنظماتها، وتأييد ودعم النظام والمجتمع الدوليين دولاً وشعوباً، وتأييد جزء أساسي من مجتمع المستعمرين، وقوى تحرر تربط التحرر الوطني بالتحرر الاجتماعي الديمقراطي، لأنه في النهاية لا يمكن تفعيل طاقات الشعب وتوحيده في ظل إقصاء نصفه من النساء عبر سلطة أبوية ذكورية، وليس منطقياً استبدال شرطي مستعمِر بشرطي أصلاني كما حذَّر فرانز فانون. بحسبة مباشرة وصريحة اذا اردنا المقارنة بين هدف الدولة الديمقراطية الواحدة وبين دولتين، سنجد ان دولة فلسطينية على أراضي 67 تملك مقومات لا يتوفر اي منها بالدولة الواحدة، واذا كان هدف الدولة الفلسطينية غير ممكن، فإن هدف دولة واحدة مستحيل، على سبيل المثال فإن دولة فلسطينية تحوز على تأييد 138 دولة، مقابل ذلك لا تتوفر مجموعة صغيرة من الدول تؤيد حل الدولة الواحدة. اذا كان حل الدولتين استخدم لتمرير الاستيطان وتعميق الاحتلال، وكان السكوت على الاستخدام مهزلة وخطأً كبيراً ارتكبته قيادة منظمة التحرير، فان شرعية الدولة الفلسطينية باتت تسمح بمحاكمة جرائم الاحتلال كالاستيطان والجدار وقتل المدنيين الأبرياء وسرقة الأرض والمياه وقمع الحريات على اختلاف أنواعها.
من أجل الوصول الى دولة واحدة غير استعمارية وغير عنصرية وتتبنى العدالة، فهذا يمر عبر حل الدولتين للأسباب التالية : 1- الاحتلال والاستيطان عزز ثقافة الأطماع الكولونيالية والعنصرية والفاشية والفساد في المجتمع الإسرائيلي، غير أن تراجع الاحتلال «المقدس» سيطرح قضايا أخرى أمام هذا المجتمع، وينقله من إسقاط مشاكله وتناقضاته على الآخر الى التعامل معها وجهاً لوجه، ومن الطبيعي ان يعاد النظر في السياسات وفي الموقف من الآخر بعد إزاحة الاحتلال الذي استخدم في مفاقمة التشوهات والأمراض التي عاشها مجتمع المستعمرين. 2- الشعب الفلسطيني بحاجة الى مرحلة يعيد فيها بناء مؤسساته ونظامه السياسي والاقتصادي ومنظومة قوانينه ونظام تعليمه ووحدته الوطنية والمجتمعية بدون ان يتخلى جزء عن أجزاء، وبدون ان يكون حل الدولة الفلسطينية على حساب الأجزاء الأخرى من الشعب الفلسطيني. وما يتطلبه ذلك من تطوير وتفعيل العقد الوطني الاجتماعي.... وللكلام بقية.       

قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ : 

«لوين» رايح يا جدعون ليفي ؟

هل نجحت تجربة التعليم عن بُعد؟

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفشل لا يغير الهدف المركزي بل يعيد بناءه الفشل لا يغير الهدف المركزي بل يعيد بناءه



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:53 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

سعد الحريري يتوقع تشكيل حكومته الجديدة مساء الجمعة

GMT 10:29 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمبانزي قادرة على تقييم المخاطر وتحذير أقرانها

GMT 20:51 2019 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

طائرة الجزائر يواجه الكاميرون في الالعاب الأوليمبية 2020
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon