حول مشروع نهر الكونغو

حول مشروع نهر الكونغو

حول مشروع نهر الكونغو

 لبنان اليوم -

حول مشروع نهر الكونغو

بقلم : عبد الغني سلامة

"مصر هبة النيل"، ويبدو أن هذه الهبة تتعرض لتهديدات جدية وخطيرة، قد تؤدي إلى نضوبه، ما يعني أنّ كارثة كبرى ستواجهها مصر في القريب العاجل، إذ بدون النيل لا يمكن تصور أية حياة لأكثر من تسعين مليون مصري.
وفقاً للأعراف الدولية، تصل أي دولة حدود الفقر المائي عندما يصبح نصيب الفرد فيها أقل من ألف متر مكعب في السنة. في مصر يواصل نصيب الفرد السنوي من المياه انخفاضه بشكل خطير، فبعد أن كان في نهاية الخمسينيات ألفي متر مكعب، وصل في عام 2018 إلى 555 متراً مكعباً سنوياً. وطالما أنّ نصيب الفرد من المياه يقل كلما ارتفعت الزيادة السكانية فسينخفض إلى 400 متر مكعب من المياه بحلول العام 2050.
وبما أنّ تعداد السكان في مصر يربو على التسعين مليون نسمة، فذلك يعني أنها تحتاج تسعين مليار متر مكعب سنوياً. وحالياً تبلغ حصة مصر السنوية مــن مياه النيل بحدود 55.5 مليار متر مكعب، وهذه أقل بكثير من حاجتها الفعلية. وتشير التقديرات لاحتمالية وقوع مصر تحت عجز مائي يبلغ 32 مليار متر مكعب عام 2025؛ ما يعني تفاقم الوضع المتدهور أصلًا.
تعتمد مصر على مياه النيل بنسبة 95% (الباقي من الأمطار، والمياه الجوفية، وتحلية مياه البحر)، وعند استكمال بناء سد النهضة في أثيوبيا (بعد سنتين تقريبا) ستفقد مصر والسودان كمية مياه تتراوح ما بين 14 و24 مليار متر مكعب، ما يعني أن مصر ستكون لأول مرة في التاريخ، مُهددةً فعلياً في مصادر المياه لأسباب غير طبيعية.
ومن البديهي أن نقص المياه إلى هذه الدرجة الخطيرة سينجم عنه تقلص المساحات الزراعية، وبالتالي زيادة أسعار الغذاء، فضلا عن المخاطر الاجتماعية الأخرى، مثل هجرة من الريف للمدن، وتغير أنماط الإنتاج، والتي قد تؤدي إلى أزمات اقتصادية، وحدوث قلاقل أمنية، واضطرابات سياسية، أو نشوب حروب المياه بين الدول العطشى.
المفاوضات المصرية الأثيوبية السودانية توصلت قبل أيام في واشنطن إلى مسودة أتفاق ينظم ملء خزان السد، ويبقى التوقيع في نهاية الشهر إذا سارت الأمور على ما يرام.
وكان من بين الحلول المقترحة لمعالجة القضية "مشروع نهر الكونغو".. لكن هذا المشروع ما يزال قيد الدراسة، ويواجه صعوبات كبيرة، وبالرجوع إلى المصادر، وجدتُ تباينا كبيرا في مواقف الخبراء؛ بين من يراه خياليا، ومن يراه واقعيا، بين من يعتبره مؤامرة على مصر، وبديلاً عن سعيها الجدي للحصول على نصيبها العادل من مياه النيل، ومن يراه إنقاذا لمصر، يعِد بتحويلها إلى جنة خضراء.. وهذا التناقض في المواقف يشمل الأرقام، والخرائط، والتقديرات
يعتبر نهر الكونغو ثاني أطول أنهار أفريقيا، وأوسعها حوضا، وهو أعمق أنهار العالم، وأكثرها غزارة. هذا النهر العظيم يتدفق بعنفوان 40 ألف متر مكعب في الثانية، وتندفع مياهه داخل المحيط الأطلسي إلى عمق من 30-60 كلم، بحيث يُهدر فيه سنويا أكثر من ألف مليار متر مكعب من المياه العذبة.. تذهب هباء.. هذه الكمية تكفي كل القارة الإفريقية.
خبراء يقولون أن نهر الكونغو محلي، وآخرون يؤكدون أنه نهر دولي تتشارك في حوضه تسع دول.. والفرق كبير بين التصورين، فالنهر الدولي يحتاج أي مشروع عليه إلى موافقة جميع الدول المتشاطئة، خلافا للنهر المحلي، الذي يحتاج إلى اتفاقية ثنائية فقط.
طُرح المشروع أول مرة عام 1902. وخلال القرن الماضي تجدد طرح الفكرة مرات عدّة، إلا أن مصر لم تضعه ضمن أولوياتها لأسباب مختلفة.. وفكرته تقوم على أساس توصيل قناة اصطناعية لمسافة نحو 600 كلم، بين شرق نهر الكونغو لتصل إلى النيل الأبيض، في جنوب السودان، ومن هناك ستغذي نهر النيل بكمية مياه وفيرة، تكفي مصر والسودان لآلاف السنين، وحسب تقديرات الخبراء سيوفر المشروع لمصر 95 مليار متر مكعب من المياه سنويا، ما يسمح بزراعة 80 مليون فدان، وتزداد كميات المياه خلال 10 سنوات لتبلغ 112 مليارا، تسمح بزراعة نصف الصحراء الغربية.
مقابل موافقة الكونغو، ستقوم مصر بتنفيذ مشاريع تنمية في الكونغو، أهمها توفير طاقة كهربائية بقدرة تبلغ 10 أضعاف طاقة السد العالي، ستستفيد منها كل دول المنطقة، إضافة لمشاريع صحية وبنية تحتية تشمل أيضا جمهورية جنوب السودان، وأفريقيا الوسطى التي ستمر منهما القناة..
المؤيدون للمشروع يؤكدون أنه سيدر على مصر مليارات الدولارات (أثمان كهرباء)، وسيكفي مصر حاجتها من المياه بشكل إستراتيجي، وبالتالي فهو مشروع قومي حيوي، لا بد من تنفيذه، مهما بلغت التكلفة، لأن مستقبل مصر يعتمد عليه، حيث أن النيل (حتى لو توقف مشروع سد النهضة) لن يكون كافيا لتزويد مصر بحاجتها المائية بعد ثلاثين سنة.
المعارضون للمشروع يتحدثون عن صعوبات جيولوجية تجعل تنفيذه مستحيلا، أو بتكلفة باهظة جدا، خاصة بسبب غياب الخرائط الطبوغرافية، فضلا عن المعيقات الفنية الأخرى، والمخاطر الأمنية، والأوضاع السياسية في تلك المنطقة الملتهبة من القارة، والتي تعاني من الحروب الأهلية وعدم الاستقرار الأمني.
 ويقول معلقون أن أولوية مصر الآن، هي تنظيم قواعد عمل سد النهضة، والتقاسم العادل لمياه النيل بين شعوب حوض النيل.
 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حول مشروع نهر الكونغو حول مشروع نهر الكونغو



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات

GMT 05:00 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أصوات 20 ألف جزائري تحدد مصير جزيرة قرب أستراليا

GMT 21:50 2014 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها "G3"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon