عبير الكتب هارون الرشيد المحظوظ

عبير الكتب: هارون الرشيد... المحظوظ!

عبير الكتب: هارون الرشيد... المحظوظ!

 لبنان اليوم -

عبير الكتب هارون الرشيد المحظوظ

مشاري الذايدي
بقلم - مشاري الذايدي

رمضان عادةً يكون موسماً للدراما التاريخية والانشغال بالتاريخ الإسلامي عموماً، ومن ذلك تناول شخصيات من العصور الإسلامية المُبكّرة، التي ما زال أثرها فاعلاً، بصورٍ متنوّعة من التأثير.

من تلك الشخصيات التاريخية الأسطورية، حتى اليوم، شخصية الخليفة العبّاسي هارون الرشيد، ملك الأرض، بحيث صارت شخصيته مضرب المثل في الترف اللامحدود، والسلطة المطلقة.

لكن هل كل هذا كان صحيحاً؟ أم «الإمبراطور» العبّاسي كان محظوظاً؟

بالنسبة إلى العالم المصري الكبير المرحوم أحمد أمين، في كتابه عن هارون الرشيد، فرغم كل مزايا هارون، فإنّه كان على حظٍّ عظيم، حسب الأستاذ أحمد أمين في كتابه «هارون الرشيد» الذي تمنّى له (الكتاب) حظّاً كحظّ هارون!

أحمد أمين أشار إشارة لطيفة إلى مظاهر هذا الحظّ الخالد، وهو كتاب «ألف ليلة وليلة».

قال الأستاذ أمين: «لماذا كانت (ألف ليلة وليلة) داعيةً للرشيد من دون غيره من كبار خلفاء بني أمية مثل عبد الملك بن مروان، وهشام بن عبد الملك، أو من كِبار بني العبّاس مثل عبد الله بن محمد (السفّاح) وأبي جعفر المنصور وكلهم في الحقيقة أعظم من الرشيد وأفخم وأعدل؟».

يجيب الأستاذ: «فكّرتُ في ذلك طويلاً؛ فاهتديت إلى جوابٍ قد يكون صحيحاً، وهو أن (ألف ليلة وليلة) تُرجم في عصور مختلفة وزِيد عليه في عصور مختلفة، فكان أول ما تُرجم عن الفارسية هذا القسم البغدادي في عصر الرشيد فتملّقهُ المؤلفون لظهور الكتاب في أيامه، واتقاءً لما حدث لعبد الله بن المقفع حين ترجم (كليلة ودمنة) وقد أومأ إيماءةً خفيفة إلى ظلم الخلفاء والحُكّام، وذلك بوصفه للملك العادل، وما ينبغي أن يكون عليه، ونقمته على الملك الظالم، وكيف يكون... مما دعا إلى قتله بتهمة الزندقة».

ويضيف: «وقد يكون هناك سببٌ آخر وهو أن الرشيد لما علم بمترجم الكتاب أفاض على المترجم من عطائه، وفهم أن هذه خير دعاية له كما تفعل بعض الهيئات السياسية من شراء بعض الجرائد بالمال، وربما يكون السببان جميعاً صحيحين».

هذا الكتاب المحظوظ هو الآخر، كان له نصيبه لدى ثقافات أخرى، يقول الأستاذ أمين: «وكان من حسن حظّ الرشيد رواج قصص (ألف ليلة وليلة) رواجاً عظيماً في الغرب، ووقوفهم على قيمتها، عكس ما نظر الشرقيون إليها قديماً، فقد وصفها ابن النديم بأنها قصصٌ تافهة، لكنّ الغربيين رأوا فيها خير ما يُمثّل الحياة الاجتماعية... فعُنوا بها من نواحٍ مختلفة».

ربّما كان أول مَن ترجم إلى الفرنسية الأديب الفرنسي جالان، ثم إدوارد لين إلى الإنجليزية، ثم لتمن بالألمانية... في وقت مُبكّر كما لاحظ أمين.

إضافة إلى نوع آخر من الحظّ «الديني» والجهد التدويني لتخليد وأسطرة هذا الحظّ، يقول أمين: «واستكتب العلماء في وضع الأحاديث التي تمجّد بني العباس، وكلها أحاديث وضعت لخدمة البيت العبّاسي والإشاعة بين الناس أنه بيت مُؤيّدٌ من الله مُقدّرٌ على العباد فلا معنى لمقاومته».

هارون الرشيد، رمز الفخامة والثروات الخرافية والأيام الذهبية... والحظّ.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عبير الكتب هارون الرشيد المحظوظ عبير الكتب هارون الرشيد المحظوظ



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات

GMT 05:00 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أصوات 20 ألف جزائري تحدد مصير جزيرة قرب أستراليا

GMT 21:50 2014 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها "G3"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon