دور الحوار بين الأديان في السلام العالمي

دور الحوار بين الأديان في السلام العالمي

دور الحوار بين الأديان في السلام العالمي

 لبنان اليوم -

دور الحوار بين الأديان في السلام العالمي

بقلم: رضوان السيد

العنوان ليس لي، بل هو للاهوتي الكاثوليكي الراحل هانس كينغ، والعنوان الكامل: «مشروع أخلاقي عالمي، دور الديانات في السلام العالمي».

وكانت التحليلات الكثيرة لظواهر «عودة الدين» قد دفعت فلاسفةً ولاهوتيين وعلماء مسلمين إلى التفكير بمقاربة النزاعات الناشبة في العالم في السبعينيات والثمانينات من القرن الماضي من وجهة نظرٍ أخلاقية وقيمية، لاعتبارين اثنين: أنّ الجهات السياسية والاستراتيجية (في الأمم المتحدة) المكلفة بحفظ السلام تراجعت قدراتها بسبب تجاذبات الحرب الباردة - وأنّ حركات أصولية صاعدة تميل لممارسة التأثير السلبي في المجتمعات والدول باسم الدين. وللسببين سالفي الذكر، تقدم المفكر واللاهوتي البارز هانس كينغ بمشروعه ذي الأبعاد الأخلاقية لإبراز إمكانيات تأثير الأديان الإيجابي في صنع السلام العالمي.    

يقول هانس كينغ - الذي كتبتُ عن مشروعه عدة مراتٍ في صحيفة الاتحاد- : لا سلام من دون أخلاق كونية أو شاملة - ولا سلام عالمي من دون سلام ديني- ولا سلام ديني من دون الحوار بين الأديان- والمرجو من خلال الحوار المستنير أن يؤدي إلى ما يشبه الإجماع - على أخلاق عالمية للسلام.     يضرب هانس كينغ على وتر الاشتراك بين الأديان الكبرى في القضايا الأخلاقية الكبرى مثل التسامح والتعايش والتعاون على الخير والسلام. وقد تنبه هانس كينغ إلى أن الدين قوة ناعمة، وهذا أمرٌ معروفٌ، لكنْ جرى تجاهُلُ المقتضيات والنتائج، بحيث خرجت جماعاتٌ ومجموعاتٌ في الأزمنة الأخيرة لاستخدام الدين في الدعاوى والسلوكات العنيفة. وقد أثر ذلك في المتجمعات والدول، لكنه أثر قبل ذلك في إحداث انشقاقاتٍ في كل دين أُريد استخدامه على خلاف طبيعته ورمزياته المتعارَف عليها في الذهنيات والعلاقات بين البشر على اختلاف أديانهم ومعتقداتهم.     يبادر كينغ بالنظر لهذا الواقع لِلَوم الإدارات الدينية في مختلف الأديان لنقص وقصور المبادرات التي تتفق وطبيعة الدين. ذلك أنّ معظم تلك الإدارات في المؤسسات كانت مهتمةً بالدفاع عما تعتقده ضرورياً لسلامة دينها ومناعته على التغيير، بدلاً من الاتجاه لاستعادة السكينة الدينية عن طريق الحوار مع الأديان الأخرى. إنّ الحوار لا يُعتبر تنازُلاً.    

    تحول مشروع كينغ لأخلاق الحوار ومشتركاته إلى مؤسسةٍ كبرى قامت بأعمال وندوات ومؤتمرات عمادها «القاعدة الذهبية» في كل الأديان: «أحِبَّ لأخيك ما تحبه لنفسك». وهو الأمر الذي يجد تصديقاً في «وثيقة الأخوة الإنسانية» بأبوظبي بين البابا الراحل وشيخ الأزهر عام 2019.

بعد فورةٍ وثورانٍ للأصوليات خلال ثلاثة عقود ضد المشترك الأخلاقي للتعاون والتضامن والتعايش والسلام، تظهر أسباب مباشرة أخرى غير دينية، بل استراتيجية وأمنية للنزاعات والحروب.

لكنّ المشتركات التي تحدث عنها كينغ وتحدثت عنها وثيقة الأخوة، مثل التعايش والسلام، هي مشتركات إنسانية تدخل في استراتيجيات الأمن الدولي والإنساني. وينبغي ألا تذهب المناداة بها أدراج الرياح!

*أستاذ الدراسات الإسلامية - جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دور الحوار بين الأديان في السلام العالمي دور الحوار بين الأديان في السلام العالمي



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات

GMT 05:00 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أصوات 20 ألف جزائري تحدد مصير جزيرة قرب أستراليا

GMT 21:50 2014 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها "G3"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon