ماذا بعد ملتقى شرم الشيخ

ماذا بعد ملتقى شرم الشيخ؟

ماذا بعد ملتقى شرم الشيخ؟

 لبنان اليوم -

ماذا بعد ملتقى شرم الشيخ

بقلم : إياد أبو شقرا

واضح أن تقييم ما تحقّق في قمة شرم الشيخ انضم إلى المسائل الخلافية العديدة التي نتوقعها، ونعتاد عليها، سواء في منطقتنا الشرق أوسطية أو في علاقاتنا مع البيئة الإقليمية والمجتمع الدولي، وفق حساباته الخاصة، مع تذكّر حقيقة أنه لم تكن هناك رؤية واحدة لتشخيص الداء... وبالتالي، لوصف الدواء.

حتى على الجانب الإسرائيلي، نحن أمام «إسرائيلات» متعدّدة، متفاوتة التطرف والجموح، يمثل إحداها بنيامين نتنياهو بـ«لا مبدئيته» وانتهازيته وتحايله وهروبه الدائم من كل ما يمتّ إلى حل سياسي حقيقي للنزاع.

ومن ثم، تبدأ التعقيدات بطريقة التعامل مع هذا الشخص وما يمثله داخلياً، من ناحية، ومن ناحية أخرى، التعامل مع تشابكاته المصلحية الخارجية التي نمّاها على امتداد فترة طويلة، مُستقوياً بانهيار البديل الإسرائيلي المعتدل، واستمرار الدعم الأميركي اللامحدود واللامشروط.

في المقابل، حتماً هناك مشكلة في الجانب الفلسطيني. إنها مشكلة حقيقية تشمل الشلل السياسي، والعجز الإرادي، والقصور التنظيمي، وتراجع الصدقية على المستوى الشعبي....

هنا نحن أمام حالة معقدة. إذ يستحيل على أي قائد خوض رهانات تاريخية صعبة من دون صدقية شعبية تسمح للمواطن بأن يعتمد عليه ويأتمنه على ما تبقى له ولأهله من مستقبل. وما عشناه فلسطينياً منذ تولي الرئيس محمود عباس الدفة... زوال تدريجي للهالة التاريخية التي كانت تسمح لقيادة مناضلة دفعت طويلاً ضريبة الدم بتقديم التنازلات وممارسة التكتيك!

صحيح أن محمود عباس كان رفيق نضال لياسر عرفات. إلا أنه كان أيضاً - بوجود عرفات - براغماتي «تسويات الحل الأدنى»، والرجل المستعد للذهاب بعيداً في الوثوق بمَن يصعب على الإنسان الفلسطيني الوثوق به.

ومن ثَم، لئن قال قائل «ولكن إلى أين أوصلتنا نضالية عرفات؟»... يمكن الرد بسؤال معاكس عن النتائج التي حققتها «البراغماتية» اللاحقة... فهل نجحت حيث فشل عرفات؟

القصد، هنا طبعاً، ليس تسجيل النقاط، بل الخروج بحالة سياسية فلسطينية... قابلة للصمود أولاً، وقادرة على التحرك ثانياً.

أيضاً، هناك حالة تفرض نفسها، تتعلق هذه المرة بالواقع الانقسامي للقيادة الفلسطيني والدور الخارجي في تغذيته وديمومته. فمن ناحية، تولّد اقتناع عند قطاع فلسطيني غير صغير بأن الدور الأميركي «حقيقة واقعة» لا بد من التعامل معها - وهذا كلام منطقي - مع أن ثمة تيارات فقدت منذ زمن بعيد أي أمل بموقف أميركي، بل قل غربي بالمطلق، غير متطابق مع المصالح الإسرائيلية.

في المقابل، بدا لقطاع كبير آخر أنه من العبث الإصرار على «تجربة المجرّب». ومن ثم، لا بأس من المغامرة، بالرهان على قوى تدّعي «الرفض» و«الصمود» و«التصدي» و«المقاومة»... وتبدي جهوزيتها للمضي قدماً بالدعمين العسكري واللوجيستي، ولو أدى ذلك: أولاً إلى انقسام الساحة الفلسطينية، وثانياً إلى رهن المصير بحسابات تلك القوى على مستوى التحالفات الدولية الكبرى.

وبالفعل، فإن ما شاهدناه من معاناة وكوارث إنسانية بعد «طوفان الأقصى»، جاء نتيجة طبيعية للثقة المفرطة وغير المستحقة عند الجانبين بمواقف الخارج!

ونصل إلى الجانب العربي....

هنا أيضاً، علينا الإقرار بأنه – رغم سلامة النيّات في معظم الأحيان – لا وجود حقاً لاستراتيجية عربية واحدة موحدة، لا إزاء المستقبل الفلسطيني، ولا إزاء العلاقات العربية - العربية، ولا إزاء المعادلة الإقليمية الشديدة الاختلال... والمتمثلة بالضعف العربي في وجه «المثلث» الإقليمي غير العربي المكوّن من إسرائيل وتركيا وإيران...

هنا، تكراراً، أقنعنا أنفسنا – نحن العرب – بوهم تمتّعنا بـ«حلفاء» يُركن إليهم، بينما تشكل الزوايا الثلاث لـ«المثلث» الإقليمي أهمية مركزية في الاستراتيجيات العالمية الكبرى. فأين نحن، مثلاً، من إسرائيل التي «شبّت عن الطوق» الأميركي لتغدو شريكاً تكنولوجياً وسيبرانياً في عالم المستقبليات؟ لقد صارت اللاعب «الداخلي» الأقوى في تحديد هوية أميركا ومسارها، وكذلك تعريف هويات حلفائها وأعدائها، وتحديد مُثُلِها ومنظومات قِيَمها...

لقد آن الأوان لأن نُدرك أن إسرائيل لم تعُد قطّ مجرد قاعدة عسكرية متقدمة أو «حاملة طائرات» جاثمة عند سواحلنا!

إنها اليوم «الناخب» الأكبر والأعظم نفوذاً في الحياة السياسية الأميركية، وصانع الثقافة الجماهيرية، والمتحكّم بما سيصبح قريباً جداً أعرافاً ومفاهيم... وتاريخاً لا يجادل فيه.

تركيا أيضاً، عملت على إيقاظ ديناميكيات دينية وقومية ومذهبية، أعادتها بقوة إلى «عالم» شرق المتوسط. وعزّزت في الوقت نفسه مكانتها الصاعدة في «عمقها» التاريخي بوسط آسيا... حيث تتقاطع المصالح الكبرى لكل من تركيا وإيران وروسيا والصين والهند مع خطوط التجارة العالمية وصفقات التكنولوجيا والسلاح.

تركيا، التي كانت ذات يوم «رجل أوروبا المريض»، ما عادت مكترثة بأوروبا «شائخة»... تسرق قومياتها شراذم عنصرية وفاشية في وضح النهار...

أما إيران، «الغائب الحاضر» عن شرم الشيخ، فتظل الرقم الصعب سواء في حضورها أم في غيابها، واللاعب المؤثر والمفيد... معادياً كان أم حليفاً. ولذا، أزعم أنه يخطئ كثيراً مَن يحلم بـ«انتهاء» دور إيران في «سيناريو» الشرق الأوسط...

إنها اللاعب الذكي - المغرور أحياناً - الذي يعيد المرة تلو المرة ابتكار دوره الواهن، واستنهاض حاجة الآخرين إليه، لكون الجميع بحاجة إما لأن يكون معهم، وإما مع خصومهم...

يبقى، أخيراً، الكلام عن أميركا...

«أميركا دونالد ترمب»، التي تصحو الآن على واقع كثرة من الأميركيين بوغتوا به، لنا معها يوم آخر...

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا بعد ملتقى شرم الشيخ ماذا بعد ملتقى شرم الشيخ



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات

GMT 05:00 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أصوات 20 ألف جزائري تحدد مصير جزيرة قرب أستراليا

GMT 21:50 2014 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها "G3"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon