بين الأنديز والأمازون

بين الأنديز والأمازون

بين الأنديز والأمازون

 لبنان اليوم -

بين الأنديز والأمازون

بقلم:سمير عطا الله

من أجل أن تصبح كاتباً في أميركا اللاتينية، عليك تأمين الشروط التالية:

أولاً، أن تولد في القارة، أي بقعة ما بين جبال الأنديز وأدغال الأمازون.

ثانياً، أن تبدأ العمل في الصحافة باكراً (دون 18 سنة).

ثالثاً، أن تتسكع وتكتب من باريس.

رابعاً، أن تناضل ضد الحكم العسكري.

تأمين هذه الشروط يعني تأمين «نوبل الآداب».

هذه، تقريباً سيرة الشعراء والروائيين الذين خرجوا من بؤس القارة الفقيرة منتصف القرن العشرين، ليحلوا محل أدباء العالم، ويقيموا عصراً كاملاً خاصاً بهم: غابرييل غارسيا ماركيز مكان بلزاك. الأرجنتيني بورخيس محل مارسيل بروست. المكسيكي أوكتافيو باث محل بول فاليري. وبابلو نيرودا محل بودلير وأراغون. وماريو فارغاس يوسا محل نفسه.

اخترع الإثنيون من عذاباتهم أجمل السرد، ومن عذوبة لغتهم أحلى الشعر الغنائي. وكانت أعمال ماريو فارغاس يوسا كلها خليطاً من الاثنين، وإن ظل غير قادر على الضرب بسحر الأسلوب مثل المعلم الأول، ماركيز. غارسيا ماركيز. وليس من المغامرة القول إنهما تشابها، وإن يوسا قلد المعلم، في اختيار أشخاصه، وفي إبراز قضاياهم، وفي السخرية من عدائهم للحرية. وقد بالغ كلاهما في حياة العشق، والعشق المتخيل. ولما عجزت ذاكرة ماركيز عن اختراع المدن والنساء، مرّ على أسواق البغايا، وعاد بالمزيد من السرد الممتع، وحكايات العشق في الشيخوخة.

كان فارغاس يوسا بورجوازياً إلى حد بعيد في مقاييس أميركا الجنوبية. وكان مكثاراً غزير الإنتاج، ظل يكتب حتى آخر أيام التاسعة والثمانين. وكان مثل كثيرين من أهل جيله يسارياً في شبابه، ومنتقداً لليسار بعد سن الكهولة. ومثل جميع الإثنيين كانت إسبانيا مصيفه، وبلده الأم (بيرو) مشتاه. كل كتّاب الإسبانية نهلوا من الأدب الأم. جميعهم احتموا بالإرث الجميل وامتداده الأندلسي. وإلى كل ذلك أضاف فارغاس يوسا في أعماله نوعاً من السخرية، متأثراً بسرفانتس (دون كيشوت). وقد فاتني، مع الاعتذار، أن أضع ذلك في المقدمة التي أوردنا فيها شروط الانتساب. سرفانتس أولاً.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين الأنديز والأمازون بين الأنديز والأمازون



GMT 19:12 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

«إيزي» عم توم

GMT 19:11 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

يَا مَنْ يَعِزُّ عَلَيْنَا أَنْ نُفَارِقَهُمْ!

GMT 19:10 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

المحاور والجبهات الغائبة

GMT 19:09 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

ساركوزي ومانديلا ودراما السياسة

GMT 19:08 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... اختبار الدولة لا اختبار السلطة

GMT 19:04 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

المخاوف الأوروبية والهواجس الروسية

GMT 19:02 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

الدلالات غير السياسية للتجربة السورية

GMT 18:56 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

العامل والسقالة والوعي

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 13:36 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 09:53 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

«حماس» تتوارى عن الأنظار

GMT 06:12 2014 الأربعاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

.. و"دقّت ساعة بغ بن"

GMT 10:03 2021 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

جديد أميركا وثوابتها

GMT 04:06 2015 الإثنين ,23 شباط / فبراير

قوائم الانتخابات

GMT 10:57 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

"بي بي سي" تواجه معركة قانونية شرسة مع أقوى رجل في العالم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon