حصاد 7 أكتوبر وخطة العشرين

حصاد 7 أكتوبر وخطة العشرين

حصاد 7 أكتوبر وخطة العشرين

 لبنان اليوم -

حصاد 7 أكتوبر وخطة العشرين

بقلم:سام منسى

قبل أيام قليلة ماضية من الذكرى الثانية لعملية «طوفان الأقصى»، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب خطة من عشرين بنداً لوقف الحرب في غزة، استند فيها إلى أفكار توني بلير وجاريد كوشنر، بعد مشاورات مع قادة دول عربية وإسلامية وازنة. تهدف الخطة إلى إنهاء الحرب عبر إنشاء إدارة مؤقتة تديرها شخصيات فلسطينية وتكنوقراط بإشراف عربي ودولي، تتولى تسيير الشؤون اليومية وإعادة الإعمار مقابل نزع سلاح «حماس»، وتفتح احتمال قيام دولة فلسطينية.

خسائر الحرب على مدى سنتين من العنف المفرط والموت والدمار والنزوح دفعت إلى طرح هذه الخطة التي تبقى مرهونة بقدرة ترمب على الضغط على الحكومة الإسرائيلية لإنهائها والانسحاب، وضمان التزام الإدارة المؤقتة بنزع سلاح «حماس» ومنعها من لعب أي دور في مستقبل غزة. ورغم العقبات الكثيرة وكل ما يقال عنها، تعتبر الخطة أفضل ما يمكن التوصل إليه في ظل موازين القوى الراهنة.

داخل إسرائيل، يواجه بنيامين نتنياهو معارضة شرسة من حلفائه في الائتلاف الحاكم، الذين يخشون سيطرة السلطة الفلسطينية على غزة وأي دفع نحو حل الدولتين، ويرفضون منع ضم غزة والضفة الغربية كما يدعو ترمب نفسه. وقد يؤدي ذلك إلى سقوط الحكومة والذهاب لانتخابات مبكرة تؤخر التنفيذ، ليعود نتنياهو للمراوغة واستخدام صيغة «نعم ولكن»، مراهناً على رفض «حماس» تفكيك نفسها ونزع سلاحها، الذي لم يتحقق بعد موافقتها على الخطة.

من هنا، تجدر مراجعة حصيلة هاتين السنتين إسرائيلياً وفلسطينياً وحمساوياً مع الممانعين وبخاصة إيران، وعربياً.

حققت إسرائيل الكثير، لكن الحصاد لم يكتمل لنتنياهو واليمين الديني المتشدد. فقد نجحت في كسر طوق الممانعة من حولها ودمرت قوة «حماس» العسكرية وهي بصدد نزع سلاحها وطردها من غزة؛ قوضت «حزب الله» في لبنان وسوريا وطردت إيران من سوريا بعد سقوط نظام الأسد بعد أن صار عبئاً عليها ولصيقاً بإيران؛ دمرت دفاعات إيران الجوية وألحقت أضراراً بمشروعها النووي يصعب تعويضها. لكن نتنياهو فشل في طرد الفلسطينيين خارج غزة وسط تأييد عالمي لحل الدولتين ومسارعة دول حليفة لإسرائيل للاعتراف بالدولة الفلسطينية؛ عجز عن القضاء على السلطة الفلسطينية وأقصى ما وصل إليه هو الحد من دورها في المرحلة الأولى؛ لم تمحُ نيران الحرب مشاكله الداخلية الكثيرة التي حاول التنصل منها وتأجيلها.

أما الفلسطينيون، فكانوا الخاسر الأكبر وبخاصة أهل القطاع، ولسنا بحاجة لتعداد أوجه الخسارة، فعدد الضحايا والدمار الشامل للقطاع كافيان، إضافة للتداعيات المستقبلية النفسية والاجتماعية التي ستطول شرائح واسعة من السكان. إن عذابات أهالي غزة لن يعوضها ما تحمله الخطة من وعود بعيش رغيد. ومع ذلك، فإن إزاحة الصلف الإسرائيلي عن كاهل الغزاويين والإدارة المدنية والإشراف الدولي وإعادة الإعمار وفتح مسار لعودة السلطة الفلسطينية والطريق، ولو الوعرة، نحو حل الدولتين، كلها إيجابيات لا يمكن تجاهلها وقد تتحول إلى مكاسب فلسطينية.

بالنسبة لـ«حماس» وحلفائها الممانعين ما تحقق من مكاسب لإسرائيل هو خسائر لهم. لقد قضت «حماس» على نفسها وكان بإمكانها وقف كل هذه المقتلة المستمرة منذ سنتين لو قبلت بما تُدعى لقبوله اليوم. ولم يبقَ لحلف الممانعة سوى الاستقواء على حكومة لبنان المستضعفة، وتنفيذ مسرحية عرض صور الأمينين العامين الراحلين لـ«حزب الله» على صخرة الروشة في بيروت. باختصار، الحصاد الفلسطيني هو عودة الروح إلى الدولة الفلسطينية وإلى مسار حل الدولتين ولو بعد سنوات.

الحصاد العربي في حال نجاح خطة ترمب يتمثل بانطلاق مسار تسوية شاملة في المنطقة، تسوية لم تكن لتبصر النور لولا ما سبقها من جهود عربية وبخاصة سعودية-فرنسية لعقد مؤتمر حل الدولتين، وقبله إعلان نيويورك وسيل الاعترافات بالدولة الفلسطينية. حصدت المنطقة أيضاً شبه نهاية للمنظمات خارج الدولة والمتداعية في أكثر من مكان، وتخلصت من الإسلام السياسي العنيف بشقيه السني والشيعي بنزع سلاح «حماس» وإخراجها من غزة وتجريد «حزب الله» من سلاحه.

الواقعية تفرض عدم توقع النهايات السعيدة قريباً وبسهولة. فنزاعات المنطقة متجذرة وقديمة ومتشابكة، وأهداف الأطراف المتنازعة متناقضة. وحتى الأهداف الأميركية القصيرة المدى التي تتقاطع مع المصالح الإسرائيلية (وقف الحرب، نزع سلاح «حماس»، إطلاق الرهائن)، تختلف في مداها الطويل عن أهداف إسرائيل، كقضايا حكم السلطة الفلسطينية أو حل الدولتين، وهي قضايا تهدد استقرار نتنياهو السياسي وأهداف اليمين المتشدد، ما يجعله متردداً في المضي بها رغم إدراكه لأهمية العلاقة مع أميركا.

إذا تمكنت خطة ترمب من تجاوز معرقليها من الجانبين، فلن تؤتي ثمارها المرجوة من دون قناعة متبادلة فلسطينية-إسرائيلية بالعيش جنباً إلى جنب، من غير أن ينزلق الفلسطيني لاحقاً من المطالبة بالحق في الدولة إلى الحق في كامل تراب الوطن ورمي الإسرائيلي في البحر، ومن غير أن يقتلع الإسرائيلي تهويمات حلم إسرائيل الكبرى وطرد الفلسطيني من أرضه. إن فلسطين من دون «حماس» وإسرائيل من دون نتنياهو وزمرته في السلطة، هما السبيل للوصول إلى هذه القناعة.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حصاد 7 أكتوبر وخطة العشرين حصاد 7 أكتوبر وخطة العشرين



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 00:05 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 20:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 08:41 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أحمد في ورطة؟

GMT 18:57 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

موديلات عبايات لصيف 2025 ستجعلك تبدين أصغر سناً

GMT 13:03 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

زاهى حواس يكشف طلب الرئيس السادات عندما زار المتحف المصرى

GMT 14:57 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حريق داخل بسطة خضار بداخلها غالونات بنزين ومازوت في بعبدا

GMT 23:57 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

5 نصائح تمكنك من الانسجام والتفاهم مع شريك حياتك

GMT 22:53 2021 الإثنين ,08 آذار/ مارس

انا والكورونا و المرأة في يومها العالمي

GMT 16:11 2022 الجمعة ,20 أيار / مايو

لبنان يوجه ضربة مزدوجة لطهران
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon