لبنان التمديد للمراوحة ومزيد من التآكل

لبنان: التمديد للمراوحة ومزيد من التآكل

لبنان: التمديد للمراوحة ومزيد من التآكل

 لبنان اليوم -

لبنان التمديد للمراوحة ومزيد من التآكل

بقلم:سام منسى

تشهد المنطقة زخماً لافتاً في المبادرات الأميركية التي تهدف إلى استكمال تداعيات الضربة الأخيرة ضد إيران، في إطار مسعى واشنطن لإيجاد مخرج دبلوماسي لأحد أكثر الملفات تعقيداً في الشرق الأوسط، والمتمثل في منع طهران من امتلاك سلاح نووي، وهو ما يشكل أولوية قصوى لإسرائيل. ورغم كثافة التحركات، لا يزال المسار الدبلوماسي متعثراً بفعل التباينات الحادة بين الجانبين، تحديداً بسبب إصرار إيران على اعتبار حق التخصيب جزءاً من سيادتها الوطنية، مقابل تمسك واشنطن بمبدأ «صفر تخصيب»، ما يجعل الهوة بين الطرفين عميقة وصعبة الردم. المرجح هو استئناف المفاوضات دون الجزم بوصولها إلى تسوية قريبة، ما حفّز الولايات المتحدة على تفعيل مبادراتها الثلاث في سوريا وغزة ولبنان.

اخترق الرئيس الأميركي دونالد ترمب الجمود بقرار تنفيذي يرفع العقوبات الأميركية عن سوريا، في إشارة رئيسية إلى جدية التحول في الموقف السوري، وبخاصة تجاه مسار قد يكون طويلاً إنما واعداً لتسويات مع إسرائيل قد تنتهي بالتطبيع، ويتردد الحديث عن مفاوضات جارية بين البلدين. وكالعادة، العثرة الأبرز هي التعنت الإسرائيلي في النواحي الأمنية، كاحتفاظها بحق ضرب أهداف في سوريا على غرار ما حصل في الاتفاق الإسرائيلي - اللبناني في أكتوبر (تشرين الأول) 2024 بعد الحرب مع «حزب الله».

وقف النار في غزة عقبته أيضاً هي رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي يزور واشنطن اليوم متعهداً بمنع «حماسستان» في غزة، بينما يقترح ترمب وقفاً للنار مدة 60 يوماً. على الرغم من هذا التباين، فإن الباب مفتوح للتوصل إلى وقف النار وإطلاق الرهائن كمقدمة للبحث في صيغة لمستقبل غزة.

أما في لبنان، فالمطالب الأميركية لجهة التطبيع مختلفة عن سوريا، ويمكن وصفها بسلة من التفاهمات تشمل مصير سلاح «حزب الله» وطبيعة أنشطته من وفي لبنان، ووقفاً نهائياً للعمليات القتالية من الحدود اللبنانية - الإسرائيلية وربما قضايا متعلقة بضبط الحدود مع سوريا، والإصلاح الاقتصادي والمالي ووقف الفساد.

العقبات اللبنانية في وجه الضغوط الأميركية، الدولية والإقليمية كثيرة، أولاها استعادة «حزب الله» أنفاسه بعد الحرب الأخيرة. رجعت الأمور إلى نقطة الصفر، والحزب بلسان أمينه العام وقادته البارزين في البرلمان وخارجه، متفق على لغة واحدة مفادها الاحتفاظ بالسلاح ودوره المقاوم. في المحصلة، لا يزال الحزب يعبر عن مصالح خارجية بغطاء شديد الخطورة في بلد متعدد الطوائف كلبنان. فالحزب يستعمل ورقة السلاح لتعزيز الموقع الشيعي في التركيبة السياسية.

يبقى الموقف الرسمي عقبة رئيسية مع تأجيله اتخاذ القرارات المطلوبة. يمكن تفهّم هذا الموقف المدعّم بعدم رغبة رئيس الجمهورية الانجرار لصدام كونه والمسؤولين كافة لم يقتنعوا بعد بضرورة فك ارتباط الحزب مع بيئته، ولا فرصة للخروج من الدائرة المغلقة دون ذلك.

إشكالية هذا الموقف أنه دون أفق، ويتظهر الفارق بشكل نافر في الموقف الأميركي وباقي المواقف الدولية من لبنان وسوريا، بحيث رفعت العقوبات الأميركية عن سوريا دون تردد وبسرعة، بينما لا يزال لبنان أسير المراوحة والعجز عن اتخاذ الموقف الرسمي المطلوب من الدولة اللبنانية تجاه تسليم سلاح «حزب الله»، ووضع خطة زمنية لذلك من خلال مجلس الوزراء مجتمعاً، وهو الأمر المتعذر راهناً، إذ قد يؤدي إلى تفجير الحكومة. هذا التردد يُفهم دولياً على أنه غياب قرار سيادي فعلي، ويغذي شكوك الخارج حول صدقية الدولة وقدرتها على فرض سيطرتها على كامل أراضيها.محصلة الوضع اللبناني هو وقوعه بين تعنت إسرائيلي لا يريد دفع أي ثمن مقابل التسويات، وتمترس «حزب الله» خلف بيئته، وغياب أي حراك شعبي وطني جامع ضاغط عليه. إذا لم تُقدم الولايات المتحدة مع رافعة عربية، على مساعدة الحكم اللبناني في كسر الطوق الرافض لمواكبة المتغيرات الإقليمية، أقله في الوصول إلى هدنة دائمة مع إسرائيل كما في الماضي، فهذا يعني تمديد الحالة اللبنانية المستمرة منذ خمسين عاماً، والتهميش الدولي والعربي، وترك اللبنانيين يقلعون شوكهم بأيديهم وفريسة للممارسات الإسرائيلية. المستقبل لا يشي إلا بمزيد من التآكل على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بينما تهدر الفرص المتاحة، والسلطة تناور بانتظار مستجدات ترفع عنها عبء القرارات الصعبة، وهي سياسة عمرها من عمر لبنان، هرمت وفقدت صلاحيتها. المطلوب تفعيل الاستثمار السياسي بالمتغيرات المحلية والإقليمية من خلال خطوات تنفيذية سريعة وشفافة، تترجم بواقع سياسي وأمني جديد يعبر عن نضج في خيارات الدولة السيادية.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان التمديد للمراوحة ومزيد من التآكل لبنان التمديد للمراوحة ومزيد من التآكل



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات

GMT 05:00 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أصوات 20 ألف جزائري تحدد مصير جزيرة قرب أستراليا

GMT 21:50 2014 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها "G3"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon