بروتوكولات حكماء «صحيون»

بروتوكولات حكماء «صحيون»

بروتوكولات حكماء «صحيون»

 لبنان اليوم -

بروتوكولات حكماء «صحيون»

بقلم : عبدالله بن بجاد العتيبي

كتاب «بروتوكولات حكماء صهيون» كتابٌ مثيرٌ للجدل في أصوله ومنشئه وموارده، كما هو مثيرٌ للجدل في ناشريه وموزعيه وداعميه، بين الإمبراطورية الروسية والبلشفية والنازية، وبين اليهود أنفسهم في مرحلةٍ لاحقةٍ، وكل هذا قديمٌ، ولكن أعادت جماعات الإسلام السياسي إحياءه مجدداً بعد 1948 واحتلال فلسطين وإعلان قيام دولة إسرائيل.

ولئن روّج بعض اليهود للكتاب في مرحلة معينة لإثبات قوتهم وإبداعهم وقدرتهم على التخطيط والتآمر والتنفيذ، فلقد وجدت فيه حركات الإسلام السياسي كتاباً يسمح بتهييج العامة وخلق الفتن ومحاربة الدول العربية والإسلامية، باعتباره كتاباً حقيقياً وخطةً استراتيجيةً عمليةً، ثم يدخلون في هذه المؤامرة الكبرى من يشاؤون من القيادات السياسية والفكرية والاجتماعية، في الدول العربية، وذلك في أجواء خرافيةٍ تجمع بين «التفكير التآمري» و«تفسير الأحلام» التي تكشف لهم المخبوء وتنير المستقبل.

«بروتوكولات حكماء صهيون» عبارة عن 24 بروتوكولاً، ستجد أنها تنطبق على كثيرٍ من الخطط والسياسات والاستراتيجيات حول العالم، فهي تنطبق على إنشاء دولة إسرائيل كما تنطبق على سياسات «الشرق الأوسط الجديد» الأميركية والموقف الأميركي مما كان يعرف بالربيع العربي، وتنطبق كذلك على سياسات إيران، وتنطبق أكثر من هذا كله على استراتيجيات «حركات الإسلام السياسي» وتعاملاتها، وأي مقارنةٍ مستعجلةٍ بين تلك البروتوكولات وهذه النماذج ستجد تطابقاً كبيراً بينها على الرغم من تناقضها. للمقارنة مع تعديل بعض الكلمات، فإن تلك البروتوكولات تتوزع على 24 بروتوكولاً، منها على سبيل المثال: الفوضى والتحررية والثورات والحروب، والسيطرة على الحكم والتعليم والصحافة، وإسقاط الملكية والأرستقراطية، وتدمير الدين والسيطرة على التجارة، وإشعال الحروب العالمية، وتدمير الأخلاق، والسيطرة على النشر، وتغييب وعي الجماهير وربما توظيفه، ونشر الإلحاد، وإفساد التعليم في سلسلةٍ تسمح لكل من يريد إقناع العامة بمؤامرةٍ كبرى تحاك من طرفٍ ما بأن يحققها.

من أهم أطروحات حركات الإسلام السياسي ورموزه وخطابه، أن ثمة «مؤامرةٌ غربيةٌ» لمحاربة الإسلام والمسلمين، ومؤامرة «الغزو الفكري» ومؤامرة «التغريب» وهم يستخدمون لكل مرحلةٍ ما يثبت تلك المؤامرة بشكل أو بآخر.

المفارقة هي أن كل حركات الإسلام السياسي بلا استثناء، حين وصلت للحكم، بدأت ترتكب كل السياسات التي كانت تكفّر الدول لأجلها، وتتخذ نفس الاستراتيجيات التي كانت تنزع المشروعية عن الحكومات بسببها، وتحكّم «القوانين المدنية» التي كانت تكفر بسببها، وتبني «العلاقات الدولية» مع دول العالم الكبرى والصغرى لإنجاح الدولة، وتتبنى سياساتٍ عقلانيةٍ وواقعيةٍ كانت قبل فترةٍ قصيرةٍ تعتبرها كفراً بواحاً عندها فيه من الله برهان. هذه هي بعض «مفاهيم» و«استراتيجيات» الخطاب الصحوي الإسلاموي في عقودٍ مضت، والتي نكصت على عقبيها عنها كلما استولت على السلطة.

لقد كان لدى جماعات الإسلام السياسي مشروعٌ هو مشروع تقليل المسلمين، بمعنى تكفير أكبر عددٍ من المسلمين فرقاً وطوائف، مللاً ونحلاً، جماعاتٍ ووحداناً، ثم لمّا وصلوا جميعاً للسلطة تخلوا عن كل ذلك وباتوا يفتشون عن التماهي مع المفاهيم الحديثة التي تحكم العالم، ويسعون جهدهم لإخفاء عقائدهم القديمة وأيديولوجياتهم المتمكنة والتخلي عن رفقاء السلاح والدم في سبيل إقامة دولة «حركات الإسلام السياسي» والتخلي عن كل الأيديولوجيات والمفاهيم التي أوصلتهم إلى السلطة. أخيراً، فبروتوكولات حكماء «صحيون» من الصحوة لا تختلف كثيراً عن بروتوكولات حكماء «صهيون» القديمة، فهي تمشي خلفها حذو القذة بالقذة وإن تعاكس الاتجاه.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بروتوكولات حكماء «صحيون» بروتوكولات حكماء «صحيون»



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات

GMT 05:00 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أصوات 20 ألف جزائري تحدد مصير جزيرة قرب أستراليا

GMT 21:50 2014 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها "G3"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon