الشرق الأوسط الجديد إنَّه الاقتصاد

الشرق الأوسط الجديد: إنَّه الاقتصاد...

الشرق الأوسط الجديد: إنَّه الاقتصاد...

 لبنان اليوم -

الشرق الأوسط الجديد إنَّه الاقتصاد

بقلم : عبدالله بن بجاد العتيبي

منذ عقودٍ لم يمرّ الشرق الأوسط باضطراباتٍ وإعادة ترتيبٍ مكثفٍ لمراكز القوى فيه كما يجري في هذه الفترة، محاور سياسية تتهاوى، فروعاً ومراكز، وأنظمة سياسية تختفي بعد عقودٍ كانت فيها ثابتاً لا يطوله التغيير، سوريا نموذجاً، ودولٌ تسودها الفوضى المستحكمة كما في اليمن وليبيا والسودان.

من جهةٍ أخرى فنحن نعلم أنها مرحلة تاريخية في منطقتنا تشير إلى أننا على وشك الالتحاق بالعالم الأول، وأوروبا الجديدة، بحيث يكون الاقتصاد هو أقوى الفاعلين في السياسة، وتدور صراعاتٌ جديدةٌ حول قوة الآيديولوجيات وقوة الاقتصاد، حول قيمة الآيديولوجيا وآيديولوجيا القيمة، كما جرى سابقاً في أوروبا في الصراع التاريخي إبان الحرب العالمية الباردة بين النموذجين الشيوعي الاشتراكي والغربي الرأسمالي.

الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب خرج من حرب الخليج الثانية وتحرير الكويت منتصراً، وأنهى الحرب العالمية الباردة بتفكك الاتحاد السوفياتي، وحين جاءت الانتخابات الرئاسية الأميركية سقط أمام شابٍّ ديمقراطيٍّ اسمه بيل كلينتون كان يرفع شعاراً يقول: «إنه الاقتصاد يا غبي».

ضربت إسرائيل بقوةٍ مواقع وشخصيات تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، وهو الهجوم الذي رفضته السعودية ودول الخليج العربي بشكل قويٍّ وغير مسبوقٍ، وهو موقفٌ ثابتٌ ومستمرٌ للسعودية في دعم استقرار الدول في المنطقة والعالم.

في هذه اللحظة العصيبة على الدولة والنظام الإيراني فإن خبرة النظام الطويلة قد تخدعه، وتجاربه السابقة قد تضلله؛ إذ لا بدَّ في هذه الظروف الحرجة من التبصر والتجدد، وقد كتب كاتب هذه السطور قبل أسبوعين فقط، أن «إيران أمام لحظة حاسمة من تاريخها المعاصر، وهي بحاجة لاعتصار كل حكمة التاريخ وإرث العقل، حتى تستطيع إنقاذ نفسها وإنقاذ المنطقة من تحدٍّ تاريخي غير مسبوق، ولا يتمنى أحدٌ في المنطقة أن يصل هذا التحدي الخطير إلى أمدٍ لا يمكن بعده معرفة المصير»، وللأسف فقد وقع ما كنا نخشاه.

ردة الفعل الإيرانية على الهجمات الإسرائيلية بصواريخ ومسيراتٍ هي ردة فعلٍ تصعيدية وليست مسرحيةً كما جرى من قبل، هو في الحقيقة دليلٌ على أن أحداً ما لا يريد اعتصار حكمة التاريخ، والتهديد بتوسيع الرد باتجاه أميركا لا يعني شيئاً غير أن الشعارات الآيديولوجية حين يتم ترويجها قد تقنع البعض بأن يجعلها استراتيجية ويرتكب أخطاء على أساسها.

هجوم السابع من أكتوبر قبل عامين في قطاع غزة لم يزل يحرق كل من كان وراء سياسة ارتكاب الأخطاء في المنطقة، والسيناريو نفسه يتكرر، في غزة و«حماس» ثم بعد ذلك باتجاه «حزب الله» اللبناني، بضربة البيجر التي قضت على كثير من قيادات «حزب الله» في لبنان، ومن ثم استهداف مئاتٍ من قيادات الحزب في لبنان وفي سوريا، ثم جاء القضاء على الأمين العام للحزب حسن نصر الله.

في نهاية حرب الخليج الأولى اضطر المرشد الإيراني الأول الخميني إلى «تجرع السم» كما سماه بالموافقة على إنهاء الحرب.

لعقودٍ طويلةٍ مضت، كانت الدول الغربية داعمةً لحركات الإسلام السياسي في العالم الإسلامي والعربي وعلى رأسها بريطانيا، ولعقودٍ أقل من تلك كانت داعمةً للثورة الإسلامية في إيران التي جاء مرشدها من فرنسا، ولعقود كانت تدعم هذه الحركات لمشاغبة الأنظمة العربية والإسلامية، وهذه حقائق تاريخية يدرك تفاصيلها الباحث المختص والمؤرخ الواعي، والسؤال هو ما الذي غيّرته الدول الغربية من سياساتها تجاه توازنات القوى في الشرق الأوسط في هذه المرحلة؟

ما الذي جدّ ولم يكن موجوداً من قبل؟ ومع الاعتراف بأن هذه أسئلة كبرى لا يدرك أبعادها الكثيرون، ولكنها يجب أن تطرح، عربياً وكذلك غربياً وشرقياً في الدول العظمى في العالم؟

هل ذهبت أميركا بعيداً مع أوباما واليسار الليبرالي فيما كان يعرف بالربيع العربي واكتشفت أن الدول العربية قوية ومؤثرة؟ أتحدث تحديداً عن السعودية ودول الخليج العربي؟ ثم العودة الترمبية القوية في أميركا، هل هي مجرد رد على توجهات اجتماعية تطرف فيها اليسار الليبرالي أم أنها قراءة استراتيجية حقيقية تفيد بأن إذلال أميركا ليس طريقاً للقوة، وأن الخضوع لخصوم أميركا والتخلي عن حلفائها كانا سياسة أوبامية شديدة الغباء؟

أخيراً، فالأهم من هذا كله، هل أثبتت دول المنطقة في السعودية ودول الخليج أنها قادرة بالرؤية الصائبة والمتقدمة وقوة الاقتصاد، أن تؤثر بشكل غير مسبوق في توازنات القوى الدولية فضلاً عن الإقليمية؟

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشرق الأوسط الجديد إنَّه الاقتصاد الشرق الأوسط الجديد إنَّه الاقتصاد



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات

GMT 05:00 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أصوات 20 ألف جزائري تحدد مصير جزيرة قرب أستراليا

GMT 21:50 2014 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها "G3"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon