هذه براجماتية لا نعرفها

هذه براجماتية لا نعرفها

هذه براجماتية لا نعرفها

 لبنان اليوم -

هذه براجماتية لا نعرفها

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

لا يوجد طالب دخل مدرسة أو جامعة إلا ودرس شيئًا عن أن الفلسفة البراجماتية واحدة من الفلسفات المعاصرة، وأن موطنها الأول هو الولايات المتحدة.

ولا يوجد رئيس أمريكى أخلص لهذه الفلسفة، بقدر ما أخلص لها الرئيس ترامب منذ أن دخل البيت الأبيض فى 20 يناير. والمشكلة التى تبدو بلا تفسير مقنع، أنه دخل البيت الأبيض نفسه لأربع سنوات من قبل، ولم يكن فى حينها براجماتيًا متوحشًا كما يبدو فى مستهل فترته الرئاسية الثانية هذه، ولا كان وفيًا لفلسفة بلاده إلى هذا الحد الذى أربك العالم، ولا يزال.

كان فى الفترة الرئاسية الأولى براجماتيًا لا شك، ولكن براجماتيته كانت محتملة، ولم يكن العالم فى الفترة الأولى من 2016 إلى 2020 يئن بسياساته كما يئن هذه الأيام، ولا كان يبحث عن طريقة يتعايش بها مع ساكن البيت الأبيض كما يبحث هذه الأيام أيضًا. ولا شىء يدل على البحث عن طريقة للتعايش سوى أن متحدث البيت الأبيض قال إن 50 دولة على امتداد العالم تواصلت مع إدارة ترامب، للتفاوض حول الجمارك التى فرضها الرجل على دول العالم كافة، فلم يشأ أن يستثنى منها إلا روسيا، والمكسيك، وكندا.

وهو قد استثنى الدول الثلاث ليس حبًا فيها، ولا من أجل سواد عيونها، ولكن لأنها إما مشمولة بعقوبات كما هو حال روسيا، أو مشمولة بجمارك سابقة من جانب الولايات المتحدة كما هو حال المكسيك وكندا معًا.

كنا ندرس فى مادة الفلسفة أن مؤسس الفلسفة البراجماتية هو الفيلسوف الأمريكى جون ديوى، وأنه عاش فى نهايات القرن قبل الماضى حتى رحل فى 1952، وأنه مع فلاسفة أمريكيين آخرين وضعوا ملامح هذه الفلسفة التى لا تملك شيئًا تقوله أمام بقية الفلسفات، سوى أنها لا تُقيم وزنًا لأى فكرة، إلا بقدر ما يكون لهذه الفكرة من عائد عملى على الأرض.

ترامب هو أوفى رؤساء أمريكا لهذه الفلسفة، أو هكذا يبدو الرجل، ولكن وفاءه زاد على الحد إلى الدرجة التى أساء معها إلى الفلسفة الأمريكية بكاملها، فأخرجها عن طبيعتها المتوازنة، وأهال التراب على مبادئها الأساسية.

فالبراجماتية بالمعنى المشار إليه لا يمكن أن ترى قطاع غزة منتجعًا للرئيس الأمريكى وإدارته، ولا تراه أرضًا لأهله الذين عاشوا فيه أبًا عن جد!.. لا يمكن لأن القطاع ليس فكرة توضع فى ميزان العائد أو اللا عائد من ورائها، ولكنه وطن لأبنائه الذين لا يتخيلون وطنًا لهم فى سواه. البراجماتية التى وضعها جون ديوى تتطلع إلى الفكرة لحساب الإنسان فى أى أرض لا على حسابه، وهذا ما لا يريد ترامب أن يلتفت له ولا أن ينتبه إليه.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هذه براجماتية لا نعرفها هذه براجماتية لا نعرفها



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات

GMT 05:00 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أصوات 20 ألف جزائري تحدد مصير جزيرة قرب أستراليا

GMT 21:50 2014 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها "G3"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon