هم يعملون فماذا علينا أن نعمل

هم يعملون فماذا علينا أن نعمل؟

هم يعملون فماذا علينا أن نعمل؟

 لبنان اليوم -

هم يعملون فماذا علينا أن نعمل

بقلم :طلال عوكل

منذ أن أعلنت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية بنسودا قرارها، يوم الجمعة المنصرم، ينشغل الساسة والمسؤولون الإسرائيليون العسكريون والأمنيون، والكتّاب، والصحافيون، وأعضاء السلك القضائي، في العمل من أجل إفشال مساعي المحكمة في الوصول إلى مباشرة التحقيقات.
إسرائيل تجند كل إمكانياتها السياسية والدبلوماسية، وعلاقاتها على المستوى الدولي، من أجل منع المحكمة الدولية من تحقيق العدالة، والمساءلة، الأمر الذي نجحت فيه إسرائيل خلال العقود السابقة.
بعد إعلان الإدارة الأميركية رفضها لقرار المدعية العامة للمحكمة وتهديدها للقضاء، يعلن رئيس الوزراء الأسترالي تبنيه للموقف الإسرائيلي، ومن غير المستبعد، أن يتبع ذلك عديد الدول، التي لا ترى انطباق ميثاق روما على دولة فلسطين.
هي معركة طويلة دون شك، ويحق للفلسطينيين أن يفرحوا لهذا الإنجاز، حتى عند الحدود التي تحققت، وما تحقق بإعلان بن سودا ليس بالشيء الثانوي، أو قليل الأهمية والخطورة.
يكفي أن نتابع، ما يصدر من تصريحات عن مسؤولين إسرائيليين وكتاب ومحللين حتى ندرك مدى خطورة، وأهمية قرار المدعية العامة.
إسرائيل تحاول أن تسيس دور المحكمة وقرار المدعية العامة، وأن تتهمها باللاسامية، وعلى أنها هيئة سياسية معادية لإسرائيل، تماماً كما سبق لإسرائيل والولايات المتحدة، أن وصفتا الأمم المتحدة، بأنها معادية لإسرائيل ومنحازة للفلسطينيين.
بن سودا، اعترفت عملياً، بالولاية الجغرافية لدولة فلسطين، حين، قبلت الالتماسات التي قدمتها السلطة الفلسطينية، وفي الوقت ذاته صدر حكمها الأول بوجود تهم لإسرائيل، بارتكابها جرائم حرب تستدعي فحص إمكانية فتح تحقيق.
الآن ثمة أربعة أشهر، متاحة أمام الدائرة التمهيدية، للتأكد من الولاية الجغرافية لدولة فلسطين، التي حصلت على قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة العام ٢٠١٢، بتعديل مكانتها القانونية إلى دولة مراقب.
تتذرع إسرائيل بأنها دولة قانون، وأنها تقوم بإجراء التحقيقات مع المخالفين من ضباطها وجنودها وتتذرع أيضا بأن الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام ١٩٦٧، هي أراضٍ متنازع عليها، وهذا بحد ذاته مخالف للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة التي تعترف بحدود دولة فلسطين على أنها الأراضي المحتلة العام ١٩٦٧، بما فيها القدس. واضح أن المستشار القانوني للدولة العبرية، يجتهد كل الوقت، لإحباط توجهات المحكمة الجنائية، عبر قرائن وتفسيرات إسرائيلية بعضها قانوني وبعضها سياسي، غير أن كل هذه القرائن لا يمكن أن تصمد أمام قرائن القانون الدولي، وأسس ومنطلقات العدالة الدولية في حال اتخذ الأمر أبعاده الموضوعية والمهنية.
لست أهرف بما لا أعرف، ولا أرغب في أن أنساق خلف مشاعري الوطنية، التي تتمنى أن تجد قادة الاحتلال، خلف قضبان العدالة الدولية أو الذين لا يستطيعون الخروج من إسرائيل خوفاً من الاعتقال.
المرافعات القانونية متروكة لأهل الاختصاص، وهم في فلسطين على قدر من الخبرة والدافعية لخوض هذه المعركة، والعمل على تحقيق الانتصار لكنني مضطر لأن أشير إلى بعض الملاحظات، على ما يصدر من كوادر فلسطينية لا نشك بوطنيتها، لكنها قد تكون أسيرة حالة من الإحباط، أو التفسيرات الخاطئة.
بعض هؤلاء، استسهل إصدار حكم مستعجل، بأن قرار المدعية العامة لن يصل إلى مستوى مساءلة أحد، والبعض الآخر يغرق أكثر في موضوعيته، فيدعو إلى عقلنة الخطاب، فيحيله إلى حالة من البرود.
قد لا تنجح المجهودات الفلسطينية في دفع المحكمة الجنائية إلى النهايات السعيدة، التي نرغبها، ولتحقيق العدالة، التي افتقدها الفلسطينيون خلال عشرات السنوات، ولكن الإرادة الفلسطينية ينبغي أن تخوض المعركة بكل ما أوتيت من قوة، وكأن ربح المعركة مضمون.
لا يجوز أن يساورنا الشك، أو أن نتردد في خوض المعركة بروح المنتصر، كما لا يجوز إطلاقاً أن نخضع مرة أخرى للضغوط الهائلة والإغراءات التي يمكن أن تقدم لنا.
الكونغرس الأميركي، أجاز قبل بضعة أيام، للإدارة، أن تستخدم مئة وخمسين مليون دولار، كمساعدات للفلسطينيين، والاتحاد الأوروبي لا يزال يقدم دعماً مالياً للسلطة، ومن غير المستبعد أن يجري توظيف ذلك، للضغط من أجل أن يتوقف الفلسطينيون عن متابعة معركتهم في اتجاه تحقيق العدالة.
في كل الأحوال، ينبغي برأيي أن نتعامل مع قرار المدعية العامة للمحكمة الجنائية، على أنه انتصار، بحيث ينشغل كل الفلسطينيين على مختلف انتماءاتهم، وأماكن وجودهم، بالقيام بكل أشكال النشاط لتكريس ونشر وعي عالمي بأن إسرائيل ترتكب جرائم حرب بحق الفلسطينيين، وذلك بشهادة المحكمة الجنائية.
وعلى المختصين، أن يتجاهلوا في تغريداتهم وتصريحاتهم التفسيرات القانونية السلبية، وأن يغلقوا كل ثغرة، يمكن أن تتذرع بها دولة الاحتلال، على هؤلاء أن يجتهدوا في تحضير أدواتهم ومطالعاتهم القانونية، وفي الوقت ذاته، أن ينخرطوا بنشاط علني في نشر، مضامين وأبعاد قرار بن سودا، أربعة أشهر ينبغي أن ينشغل الفلسطينيون في حملات إعلامية مركزة وواسعة، أينما تواجدوا، حول هذا الإنجاز، وخلال الأشهر الأربعة، على الطبقة السياسية الفلسطينية أن تنشغل بإعادة تجديد الشرعيات، وتحقيق التوافق الوطني.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هم يعملون فماذا علينا أن نعمل هم يعملون فماذا علينا أن نعمل



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 00:05 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 20:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 08:41 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أحمد في ورطة؟

GMT 18:57 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

موديلات عبايات لصيف 2025 ستجعلك تبدين أصغر سناً

GMT 13:03 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

زاهى حواس يكشف طلب الرئيس السادات عندما زار المتحف المصرى

GMT 14:57 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حريق داخل بسطة خضار بداخلها غالونات بنزين ومازوت في بعبدا

GMT 23:57 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

5 نصائح تمكنك من الانسجام والتفاهم مع شريك حياتك

GMT 22:53 2021 الإثنين ,08 آذار/ مارس

انا والكورونا و المرأة في يومها العالمي

GMT 16:11 2022 الجمعة ,20 أيار / مايو

لبنان يوجه ضربة مزدوجة لطهران
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon