إلى أن تنضج الظروف لمواجهة شاملة مع إسرائيل

إلى أن تنضج الظروف لمواجهة شاملة مع إسرائيل

إلى أن تنضج الظروف لمواجهة شاملة مع إسرائيل

 لبنان اليوم -

إلى أن تنضج الظروف لمواجهة شاملة مع إسرائيل

بقلم : طلال عوكل

مربكٌ ويزداد توتراً، المشهدُ السياسي، والحراكات التي تقع في سياق الفعل وردود الفعل التي وقعت وتلك المتوقعة على خلفية الاغتيال المزدوج الذي أقدمت عليه الولايات المتحدة بحق سليماني والمهندس. القلق يسود مختلف العواصم، الإقليمية والدولية الفاعلة، إزاء ما ينتظر هذه المنطقة الاستراتيجية، التي باتت تشكل محور تحرك وتدخل أصحاب المصالح، المتضاربة، هذا التحرك الذي يشكل ايضا واحداً من مخرجات ومحركات التحولات العالمية الكبرى، التي تتصل بتبلور نظام دولي جديد متعدد الأقطاب، والذي يؤشر على قرب إزاحة الولايات المتحدة عن عرش القوة الأولى.
ثمة مع هذه التحولات، اصطفافات كبرى، فالدول الغربية عموماً تصطف خلف الولايات المتحدة، ويكرر المسؤولون فيها المعزوفة الأميركية ذاتها بشأن ايران، ودورها، التي لم تعد توصف براعية للإرهاب، وإنما كدولة تمارس الإرهاب، سواء على نحو مباشر، أو من خلال اذرعها المحسوبة عليها في اكثر من دولة عربية.
بعض الدول الأوروبية، سحبت من العراق جنودها، ونقلتهم الى أماكن أخرى قريبة، وتتوالى النصائح لرعاياها، بالحذر او مغادرة الأراضي المرشحة للتصعيد، فضلاً عن ارتباك شديد في برنامج خطوط الطيران العالمية والإقليمية. أسواق المال والأسهم، واسواق الطاقة والأسواق الاقتصادية هي الأخرى تشهد ارتباكاً شديداً، ليس لأن ايران النفطية يمكن ان تؤثر في سوق الأسعار بل لأن هذا التوتر يشمل المنطقة الأولى لاستخراج النفط، فضلاً عن طرق التجارة العالمية، المهددة كلها، بتوسع النيران المشتعلة.
تبدو إسرائيل على انها من بين الدول القليلة، التي تجني أرباحاً ومكاسب استراتيجية، بدون ان تدفع الثمن، وحتى بدون ان تكون معرضة للتهديد.
إسرائيل تدعم السياسة الأميركية، وتشد على يدها التي أطلقت الصواريخ التي اغتالت سليماني والمهندس، ولكنها تتبرأ من المشاركة في الفعل ذاته، رغم أنها مَن اوصل الأمور الى ما وصلت اليه. اسرائيل بقيادة نتنياهو هي التي عارضت بشدة إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك اوباما، الذي كان يرى التلازم بين ملف ايران، وملف عملية السلام، وظلت تحرض على الاتفاق بشأن البرنامج النووي الايراني، الى ان جاء ترامب فأعلن انسحاب الولايات المتحدة من ذلك الاتفاق.
تغلبت الرؤية الاسرائيلية بشأن اولويات السياسة الاميركية في المنطقة التي تبنت الاولوية المطلقة لمواجهة ايران، وتجاهلت كل ملف عملية السلام، الملف الذي اصبح جزءاً من آليات مواجهة ايران، وليس ملفاً منفصلاً يستحق اهتماماً خاصاً.
كان الرد الايراني متوقعاً بأنه سيستهدف الأميركان ولكن وفق معادلة فوق الصفر وتحت التوريط.
لا الولايات المتحدة ولا ايران، تبحثان عن تصعيد شامل يصل الى مستوى حرب ستكون مدمرة لشعوب هذه المنطقة أساساً، ولكن استبعاد تلك الحرب، لا يأتي من باب الحرص على المنطقة وشعوبها وأنظمتها، والتي تشكل في الأساس هدفاً لكل الأطراف المعنية بالاشتباك الجاري.
ضعيفاً كان الرد الإيراني، الذي استهدف بعشرات صواريخ ارض ارض معسكرين للأميركيين وحلفائهم في العراق، فلو كان ما تقوله وكالة الأنباء الإيرانية صحيحاً من أن ذلك القصف أدى إلى قتل عشرات الجنود لقامت الدنيا ولم تقعد.
هي محاولة استعراضية تخترق سيادة الدولة العراقية، التي كانت مسرحاً لجريمة اغتيال سليماني والمهندس، ولإضفاء مصداقية على التصريحات التي تحدثت عن الرد «المزلزل» و»المدمر». غير ان هذا الرد بطبيعته يؤشر على صراع هادئ قد تتخلله مراحل من التوتر بين إيران والولايات المتحدة، التي تنتشر قواعدها العسكرية في عديد دول الشرق الأوسط، الأمر الذي يفسر الى حد ما تصريح السيد حسن نصر الله، من أن ما بعد اغتيال سليماني ليس كما قبله. هنا يأتي الحديث عن محور المقاومة، ليطرح السؤال، بشأن الهدف، هل هو إسرائيل أم الولايات المتحدة، ام حتى مصالح الأطراف التي تدعي شراكتها في هذا المحور.
من حيث المبدأ، فإن مقاومة السياسة والوجود العسكري الأميركي في المنطقة، يؤثر على نحو مباشر، على المشروع الاستعماري الاستيطاني وبالعكس، والأمر لا يحتاج الى جدل ومزايدات، لكن مسوغات وضع إسرائيل بالفعل وليس فقط بالخطاب، على رأس الأولويات، هي اكثر إقناعاً، وأكثر عملية من استهداف دولة قوية بمستوى الولايات المتحدة، ولأن إسرائيل تحتل أرضاً عربية، ذات ابعاد قومية واسلامية وانسانية.
الكل يعرف علاقة اسرائيل الوثيقة بالجرائم التي ترتكبها الولايات المتحدة بحق شعوب المنطقة، والصراع معها أي مع إسرائيل اقل تكلفة من الصراع مع دولة عظمى.
السؤال هنا هو أين الدور الجماعي المشترك لأطراف محور المقاومة في مواجهة إسرائيل؟ لماذا لم يتحرك المحور حين تعتدي إسرائيل على سيادة لبنان، وحين تقصف بشكل متكرر أهدافاً في سورية والعراق، ولماذا لم يتحرك المحور لنصرة الفلسطينيين حين تعرضوا لثلاث حروب مدمرة على غزة؟ وأخيراً لماذا على أطراف هذا المحور ان يتحركوا حين تكون إيران هي هدف العدوان؟
الفصائل الفلسطينية في غزة، اتخذت موقفا سليما نأمل ان تلتزم به عمليا، حين أعلنت وقوفها على الحياد إزاء تداعيات الجريمة الأميركية، خصوصاً وان الظروف لا تسمح لأي من أطراف المحور، إعلان حرب شاملة على إسرائيل. تقتضي الوطنية الفلسطينية أخذ أولوية المصالح الفلسطينية بعين الاعتبار طالما أن كل طرف من أطراف محور المقاومة يعطي الأولوية لمصالح بلاده، أما حين يتم إعلان النفير العام على اسرائيل، فإن كل الفلسطينيين سيكونون في قلب محور المقاومة والمواجهة.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إلى أن تنضج الظروف لمواجهة شاملة مع إسرائيل إلى أن تنضج الظروف لمواجهة شاملة مع إسرائيل



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 00:05 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 20:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 08:41 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أحمد في ورطة؟

GMT 18:57 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

موديلات عبايات لصيف 2025 ستجعلك تبدين أصغر سناً

GMT 13:03 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

زاهى حواس يكشف طلب الرئيس السادات عندما زار المتحف المصرى

GMT 14:57 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حريق داخل بسطة خضار بداخلها غالونات بنزين ومازوت في بعبدا

GMT 23:57 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

5 نصائح تمكنك من الانسجام والتفاهم مع شريك حياتك

GMT 22:53 2021 الإثنين ,08 آذار/ مارس

انا والكورونا و المرأة في يومها العالمي

GMT 16:11 2022 الجمعة ,20 أيار / مايو

لبنان يوجه ضربة مزدوجة لطهران
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon