بقلم:فاروق جويدة
تختلف الحروب وتتعارض المواقف والمصالح، هناك حروب السلاح وحروب التجسس وحروب المصالح، وهناك أيضًا حروب الفكر، وهى تختلف بين إنسانٍ وإنسان، لأنها تقوم على درجة الوعى والمعرفة.. وتبدو المسافة بعيدة بين حروب تقتل البشر وتنهى الحياة، وحروب تنير العقول وتفتح أبواب العلم والمعرفة.. هناك دول تتفاخر بأسلحة الموت، وشعوب رصيدها العلم والمعرفة، وإذا حاولت أن تقيم شعبًا فابحث عن الفكر وقدرة الإنسان على كشف الحقائق.. فى تاريخ الشعوب أعداد قليلة من البشر سافروا إلى أبعد مدى فى عالم الفكر، وشعوب سجنت نفسها فى معارك المصالح والأطماع، والفرق كبير جدًا.
وإذا أردت أن تقرأ حياة شعبٍ من الشعوب، فاسأل عن قوافل الفكر فيه ومدى حرصه على العلم والمعرفة، وانظر إلى ميزانية التعليم، لأنها مقياس الحضارة وطريق التقدم.. بعض الناس يجيد معارك المصالح، وهناك فرسان الفكر، وإذا رأيت شعوبًا يحكمها الجهل وتسيطر عليها جماعات المصالح فلا تنتظر مستقبلاً جميلًا.
هناك بعض الدول وضعت كل ما تملك من المال والموارد لكى تُعلِّم شعبها، وشعوبٌ أخرى فتحت الأبواب للجهل والتخلف وأغلقت أبواب الفكر والوعى والإبداع.. وهناك فرق كبير بين فرسان الفكر وفرسان المصالح، لأن فارس الفكر يبنى عقولًا، وفرسان المصالح يبنون وهْمًا..
فإذا صادفت يومًا فريقًا من فرسان المصالح، حاول أن تنقل لهم شيئًا من آفاق الفكر، لعلهم يفقهون ويدركون أن الشعوب يبنيها الفكر والوعى والمعرفة، وأن حروب المصالح تُنشئ أنواعًا من السماسرة، وأن الأفضل دائمًا أن نواجه الأزمات بالفكر وليس بالصفقات.
أسوأ أنواع القوة حين تكون بلا فكر، لأنها تفتقد الرحمة، وأعظم ما يقدمه الإنسان للبشر هو الفكر حين يضيء العقول ويُحيى المشاعر..
إن أخطر ما يواجه العالم الآن أن معارك المصالح ألغت اجتهادات الفكر، وأصبح رجل العقارات يحكم العالم بلا فكر، وهذه هى الكارثة.