الثائر في غير وقته

الثائر في غير وقته

الثائر في غير وقته

 لبنان اليوم -

الثائر في غير وقته

بقلم - أحمد المصري

مما حفظناه من مقطوعات الشعر لأحمد مطر قصيدة ساخرة قصصية له تتحدث عن عباس الذي يصقل سيفه، والقصيدة قديمة سابقة لتولي محمود عباس قيادة منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة وحركة فتح بعقود طويلة، لكنها حاضرة بقوة في ذاكرتي وأنا أتابع اجتماع المركزي الفلسطيني بقيادة الرئيس محمود عباس أبومازن، وهو يتحدث “بثورية” متأخرة جدا، بلغ عمر تأخرها تقريبا ما يناهز تاريخ الرجل نفسه.

في الاجتماع، ما قبله وما بعده، نقرأ بوضوح نعي القيادة المترهلة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وفي خطاب عباس، لا ننعي معه فقط عملية السلام بناء على حل الدولتين، بل ننعي معه كل مرحلة عباس وقيادته العقيمة التي ستورثنا هزيمة ضياع القضية الفلسطينية ولملمتها في حل إقليمي غير منصف للشعب الفلسطيني.

محمود عباس، الذي شرب حليب السباع متأخرا جدا، وحاول بجهد واضح في تغضنات ملامح وجهه أن يثور ولو قليلا، لكنه ثار في التوقيت الخطأ، ووزع الاتهامات على كل الكون ولم يكلف نفسه عناء تحمل مسؤولية أخطاء قيادته الشخصية للمنظمة والشعب الفلسطيني وهي قيادة منتهية الصلاحية أصر الرجل بعناد كهل أن يبقيها تتنفس على أجهزة تنفس أمنية حتى صار النفس فيها ثقيلا على هواء فلسطين.

من المقولات الخالدة للرئيس “الثائر في غير وقته” محمود عباس في كلمته غير الموفقة تلك، أمام “شبيبة” قيادته السلطوية مثلا قوله “الواحد مش عارف ياخذ راحته في نسوان قاعدة”، وهي مقولة ستقف أمامها أجيال تلو أجيال تتأمل بحكمة الرئيس المظفر فيها، وهي مرادفة لما قاله قبل أيام لممثل الجبهة الشعبية حين خاطبه بقوله “أنت واحد سافل”، أو حديثه السياسي الحصيف والمثخن بالحكمة وهو يقول لخالدة جرار “وجكر فيك التنسيق الأمني مستمر” وهي عبارة تكشف حجم الوعي السياسي ومدرسة “الجكر” الدبلوماسي التي يتبعها الرئيس الذي لم يتوان عن إطلاق الاتهامات الخطيرة لكل طرف ممكن أو غير ممكن حوله محملا الجميع مسؤولية فشل حل الدولتين.

الرئيس الذي اختار أن يدعو بخراب البيت الأبيض (قال لترمب يخرب بيتك) بدلا من أن يتوجه بتحرك دبلوماسي نحو ذلك البيت، أو بتحرك سياسي على الأرض أقل ما فيه إعلانه حل السلطة وقذف الأوراق وبعثرتها في الفراغ الموجود أصلا، أيضا هاجم السعودية ودول الخليج، واستعاد الأسطوانة المشروخة القديمة بأن الفلسطينيين كانوا معلمين في دول الخليج، وهي حقيقة لا ينكرها الأشقاء في كل الخليج، بل إن محمود عباس نفسه كان معلما في دوحة قطر قبل أوهام الدور الإقليمي وحين كان أقصى أحلام قطر حينها الحفاظ على استقرار السلطة فيها خوفا من أي انقلاب قبلي وشيك.

الرئيس أيضا، وقع في مكيدة المغالطات التاريخية، حين أشار إلى وثيقة “بانرمان” وهي وثيقة غير موجودة أصلا، لكنه في سياق ثورة غضبه التي خشينا عليه فيها من “فتاق” مفاجئ غفل عن ذكر وثيقته مع يوسي بيلين عن القدس نفسها، وهي التي تتفوق على تغريدة ترمب بخطوات كثيرة.

إننا كفلسطينيين، أمام مفترق تاريخي حقيقي وصعب، ونعم، حل الدولتين حل مستحيل، وهو ما صدق به الرئيس عباس الذي صقل سيفه في مواجهة الدبابة، لكن الخيارات لم تمت، والقضية لن تموت إذا انفصلت عن ملجأ العجزة الذي تم ربطها بهم.

ولتجنب مزيد من التطرف والإرهاب، نحن أمام حل واحد، صعب لكنه ضروري، وقادر على دفن كل المؤامرات المحيطة والهادفة إلى تذويب القضية، وهو حل الدولة الواحدة، ولنبدأ من مفهوم العدالة للشعب الفلسطيني أولا.

الصدر : جريدة الغد

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثائر في غير وقته الثائر في غير وقته



GMT 12:51 2018 الثلاثاء ,27 آذار/ مارس

السيسي وثورة بيضاء على إعلام "الثرثرة"

GMT 08:27 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

نظرية الأمن الإماراتية.. معادلة الطمأنينة

GMT 10:38 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

تلاسُن بين الفلسطينيين والسعوديين.. فتش عن قطر

GMT 12:58 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

آلات قطر الإعلامية والدينية.. والتحريض على مصر وجيشها

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات

GMT 05:00 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أصوات 20 ألف جزائري تحدد مصير جزيرة قرب أستراليا

GMT 21:50 2014 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها "G3"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon