استفتاء للحروب

استفتاء للحروب

استفتاء للحروب

 لبنان اليوم -

استفتاء للحروب

بقلم : منى بوسمرة

أثبتت السياسة الإماراتية منطقية وعقلانية في التعامل مع ملفات المنطقة، فمنذ زمن بعيد تحض الإمارات على التركيز على حياة الإنسان وحقوقه وتنمية حياته وتأهيله، وتجنب الصراعات وحل المشاكل بالحوار. إلا أن كل من خالف هذه الرؤية رأيناه كيف يصطدم بالواقع، ويدفع ثمناً كبيراً، على كل المستويات.

في قصة أكراد العراق، كنا ندعو العراقيين دوماً إلى صون بلدهم وصون وحدته ونبذ الإرهاب والجماعات المتطرفة، وتخصيص الثروات من أجل عراق موحد، يعيش كل من فيه بأمن وسلام، لا فرق فيه بين مواطن وآخر، والقانون مظلة للجميع، عراق قوي وصلب، بدلاً من تعريضه إلى كل المخاطر التي تستفيد منها، دول إقليمية تريد تخريب هذه المنطقة وتدميرها على مستوى البنية الإنسانية التي تعد البنية الأهم.

يصر الأكراد على الاستفتاء، وما يعنيه مسبقاً من قرار بالانفصال عن العراق، وحين يخرج رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني ليعلن أن كردستان سوف تذهب اليوم الاثنين إلى الاستفتاء، برغم كل الاعتراضات الأميركية والأوروبية، واعتراضات الأمم المتحدة، والدول العربية والإسلامية، فإننا ندرك أننا أمام تطور خطير، سيؤدي إلى تداعيات غير مسبوقة، نرى طبولها بدأت بتهديدات الإيرانيين والأتراك، وردود فعل الحكومة المركزية في بغداد، ما يجعل كل المنطقة مهددة بحرب جديدة، تؤدي إلى تشظي العراق وتقسيمه، والتوطئة لبروز دويلات أخرى.

هذه كارثة بحق، وقد قرأنا كيف عبر الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، عن موقف الإمارات حين قال: «الحرص على العراق الواحد الجامع لمصلحة منطقة تعاني من الفرقة والتشرذم، الحوار السياسي كفيل بمعالجة المشاغل وتلبية الطموحات وخلق شراكة أصلب. تؤكد الإمارات على وحدة العراق، وطناً يسع الجميع، تجربتنا دليل على مرونة النظام الفدرالي وإمكانياته».

علينا أن نتوقع ظروفاً صعبة جداً في العراق الذي مازال يعاني من الإرهاب وجماعاته، ومن وجود أزمات بين مكوناته، وقد قلنا مراراً في الإمارات، إنه لا يمكن تجاوز أي مكون، وإن المواطنة هي المظلة الأساس، والصوت العاقل الذي تمثله الإمارات يحمي كينونة المنطقة، لكونه يتبنى رؤية عاقلة ومنطقية لشؤون حياتنا.

ننظر إلى العراق بقلق شديد، إذ إن بارزاني يصر على الاستفتاء، أي الانفصال فعلياً، ورئيس الحكومة العراقية بالمقابل، يطلق تصريحات ضد الاستفتاء، باعتباره في الأساس يخالف الدستور العراقي، ويلمح إلى خطوات لحفظ أمن العراق ووحدة أراضيه، وهذا يعني فعلياً التدخل العسكري في كردستان، بما يعنيه ذلك من نتائج غير محتملة، باعتبار أن المواجهة المحتملة ستؤدي إلى كلف دموية مؤلمة جداً.

إننا نشعر بأسى كبير إزاء ما يجري في العراق، فلا مصلحة لأحد بوجود عراق ضعيف، عراق تتدخل به حكومات الجوار وتفرض أجندتها، وكل الخشية اليوم، أن نصحو غداً على وضع مأساوي، خصوصاً أن الوضع داخل العراق لا يحتمل أي تدهور، مثلما لا يحتمل العراق المزيد من تدخل الإيرانيين والأتراك، بعد أن تحول العراق إلى ساحة لتصفية الحسابات بين كل القوى الإقليمية.

لن ترتاح هذه المنطقة حتى يعود صوت العقل إليها، وحتى نقف معاً في وجه كل الأجندات التي تريد تقسيم المنطقة وتخريبها، وهذه هي وصفة الإمارات التاريخية التي لابد أن يعود إليها الجميع.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استفتاء للحروب استفتاء للحروب



GMT 09:13 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

30 يونيو.. عودة الروح

GMT 06:28 2022 السبت ,02 تموز / يوليو

دبي مرجع لمجتمعات الإبداع

GMT 19:52 2022 الإثنين ,23 أيار / مايو

مبايعة تاريخية لاتحاد أعظم

GMT 10:49 2022 الخميس ,28 إبريل / نيسان

قائد الإلهام بمليار رسالة أمل

GMT 20:08 2022 الثلاثاء ,26 إبريل / نيسان

جهود استثنائية للنهوض بقضايا العرب

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon