موسكو وجدار برلين السوري

موسكو وجدار برلين السوري

موسكو وجدار برلين السوري

 لبنان اليوم -

موسكو وجدار برلين السوري

مصطفى فحص

وجهت موسكو في الآونة الأخيرة رسائل سياسية وعسكرية بعدة اتجاهات لحلفائها قبل خصومها، ترسم فيها حدود المسموح في الأزمة السورية، فما نقلته صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية عن مصادر في الـ«سي آي إيه» من معلومات تشير إلى أن موسكو أرسلت فريقًا عسكريًا إلى سوريا قام بتطوير وحدات سكنية في قاعدة اللاذقية قادرة على استضافة 1000 جندي، وبأنها قامت بإنشاء محطة جوية لإدارة حركة الطيران العسكري في قاعدة اللاذقية، مما اعتبر بمثابة إعلان شبه رسمي على الانخراط الروسي المباشر في الحرب السورية.

الخطوات الجديدة للقيادة الروسية، تنطلق من خلفية عدم ترك الميدان لطهران كطرف وحيد في هذه المرحلة، قادر على تغيير الوقائع العسكرية عبر الميليشيات الشيعية المقاتلة، حيث تستثمر طهران ما تنجزه ميدانيًا في سوريا لمصلحتها السياسية. فمن الواضح أن الكرملين يتهيأ إلى وضع شروطه المسبقة على أي احتمال تقارب إيراني - أميركي في عدة ملفات، من شأنه أن يؤدي إلى تباين في الموقف بين موسكو وطهران بشأن سوريا، وهو ما يمكن أن يساعد واشنطن على التوصل إلى حل سياسي يؤدي إلى تغيير في النظام ورحيل الأسد، فثقة الروس بالإيرانيين غير نهائية، وهم قلقون من دعاة التوجهات الغربية داخل النظام الإيراني وإمكانية قبولهم بتسوية تحافظ على جزء من مصالح طهران في سوريا.
هناك تعنت روسي مرده إلى تيار تشكيكي داخل مراكز صنع القرار في موسكو، لا يزال متمسكا بمعادلة الحذر التاريخي من العلاقة مع بعض البلدان العربية، فمن غير الممكن أن تؤثر على الشراكة الاستراتيجية مع المؤسسة الأميركية.

في نفس الوقت، تسابق قيادة الكرملين الزمن في محاولات جاهدة لفرض إرادتها على الجميع، معتبرة أن أمامها فرصة لن تتكرر، تسمح لها بملء الفراغ الناتج عن تراجع الإدارة الأميركية عن الكثير من التزاماتها الدولية، مما يسمح لموسكو بالعودة القوية إلى الساحة الدولية، وتعويض ربع قرن من التهميش والاستبعاد.
قبل 26 عامًا، فشل الكولونيل في جهاز الاستخبارات السوفياتية العامل في برلين الشرقية فلاديمير بوتين، في إقناع مرؤوسيه بضرورة التحرك السريع واستخدام القوة من أجل منع المتظاهرين الألمان من هدم جدار برلين، وكان على رغبة ملحة في أن تكرر القيادة السوفياتية مشهد الجيش الأحمر مع المتظاهرين في براغ سنة 1956 وبودابست سنة 1968. اليوم بعد أكثر من ربع قرن على سقوط المنظمة السوفياتية، وخمس سنوات على الأزمة السورية، يحاول الكولونيل السابق في الـ«كي جي بي» الرئيس الحالي لروسيا فلاديمير بوتين، وبكل ما توفر لديه من إمكانيات سياسية وعسكرية، الحفاظ على ما تبقى من الجهة الشرقية لجدار برلين في سوريا ومنعه من السقوط، فبالنسبة للكرملين باتت سوريا جزءًا من الامتداد الجيو - استراتيجي للمجال الحيوي الروسي، وهي الآن منصة أساسية لإعادة الاعتبار للدور الروسي في السياسية العالمية، المسكون بهواجس إمبراطورية توسعية، عادت لتكون هوية للعقيدة الجيو سياسية الروسية الجديدة، المبنية على الموروث التوسعي في التكوين القيصري السوفياتي، كهوية ضرورية لأمة ترغب في انبعاث جديد لدورها، مهما بلغت التضحيات والأثمان، هذه الطموحات كانت سابقًا سببًا في إفلاس روسيا وأفول نجمهما، وقد تؤدي مستقبلاً إلى مزيد من عزلها، وعاملاً إضافيًا في تفاقم أوضاعها الاقتصادية وانهيارها المالي خلال أشهر.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موسكو وجدار برلين السوري موسكو وجدار برلين السوري



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon