لا مكان للفقراء

لا مكان للفقراء!

لا مكان للفقراء!

 لبنان اليوم -

لا مكان للفقراء

د. وحيد عبدالمجيد

ليس هناك خلاف على ضرورة تصحيح الخلل الذى تراكم فى الموازنة العامة للدولة. ولكن الخلاف هو على كيفية هذا التصحيح، وهل نعتمد على خفض الإنفاق فقط أم زيادة الموارد فى الوقت نفسه.
فالحاصل أن هناك أولوية قصوى لخفض الإنفاق رغم أنه لا سبيل إلى ذلك إلا تقليص دعم كثير من السلع والخدمات. فهذا الإنفاق موزع على ثلاثة أقسام لا مجال للخفض فى قسمين منها وهما الأجور وخدمة الديون. غير أنه لو أننا معنيون بزيادة الموارد، وبطريقة تساهم فى تصحيح اختلالات السوق ووضع حد للاحتكارات وأشباهها وفتح المجال أمام شرائح جديدة من المستثمرين، لفكرنا فى وضع حد أقصى لجميع الأرباح الرأسمالية فى مختلف السلع والخدمات.
وفى هذه الحالة كان يمكن ترشيد القرارات التى صدرت لخفض الدعم ورفع أسعار المشتقات النفطية جميعها، إضافة إلى الكهرباء، بدون تمييز. فالخطأ الأساسى فى هذه القرارات هو رفع أسعار السولار والمازوت فى المرحلة الراهنة، لأنه تسبب فى زيادة تكلفة كثير من السلع والخدمات، وبالتالى فى أسعارها.
ويتحمل الفقراء الكثير من أعباء هذه السياسة، خاصة فى ظل عدم استثناء حتى الأكثر فقراً من الزيادة فى أسعار الكهرباء والبنزين. فلم يرحم متخذ قرارات رفع أسعار الكهرباء الشريحة الأدنى من المستهلكين الذين يقل استهلاكهم عن مائة كيلووات شهرياً، رغم أن الحد الأدنى من مراعاة الاعتبارات الاجتماعية يفرض استثناء من يقل استهلاكهم عن ثلاثمائة كيلووات. كما شملت الزيادة “بنزين 80” أيضاً بحجة منع تهريبه، رغم أن المنظومة المسماة بـ “الكروت الذكية” يُفترض أن تتكفل بذلك وفق ما يعلنه مصمموها. ويعنى هذا أن الفقراء، الذين أصبحت حمايتهم ضمن أهم مسئوليات الدولة فى أعتى الدول الرأسمالية، مازالوا خارج نطاق حسابات دولتنا التى تتغير نظمها وحكوماتها بينما تستمر سياساتها منحازة إلى الأثرياء والأكثر ثراء منذ نحو أربعة عقود. ومازال صانعو السياسات الاقتصادية يتعاملون مع حقوق الفقراء باعتبارها مسألة محض اجتماعية من أجل الرأفة بهم، وليس بوصفها جزءاً لا يتجزأ من منظومة متكاملة للإصلاح الذى يفيد فى النهاية الأثرياء وكبارهم أكثر من غيرهم. ولكن هذا يحدث بعد فترة يتحمل فيها هؤلاء الأثرياء العبء الأكبر ليحصلوا على مزيد من الثمار لاحقاً لو كانوا يعقلون.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا مكان للفقراء لا مكان للفقراء



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon