صلاح الدين  وعُقبة

صلاح الدين .. وعُقبة

صلاح الدين .. وعُقبة

 لبنان اليوم -

صلاح الدين  وعُقبة

د. وحيد عبدالمجيد

إذا صح ما نُشر على أوسع نطاق عن تغيير فى بعض مناهج التعليم تحت عنوان تجديد الخطاب الدينى أو تصحيحه أو ما إلى ذلك من تعبيرات، فهذا يعنى أننا مازلنا نفتقد العقل الذى يستطيع استيعاب طبيعة المشكلة وكيفية التعامل معها.

فإذا كان الهدف هو مراجعة التراث حتى لا يكون بعضه سبباً فى انتشار أفكار متطرفة تدفع إلى الإرهاب، وبغض النظر عما إذا كان هذا الإرهاب ناتجاً عن فكر وليس عن بيئة سياسية مجتمعية، يصبح استبعاد بعض أحداث التاريخ الإسلامى بدون مراجعتها بمنهج نقدى حرثاً فى بحر وتعبيراً عن إساءة فهم طبيعة المشكلة.

فقد نُشر وبُث فى كثير من وسائل الإعلام أن التغيير فى مناهج التعليم سيشمل أحداثاً تاريخية من بينها تلك المقترنة بالحروب التى خاضها كل من صلاح الدين الأيوبى وعُقبة بن نافع.

غير أنه فضلاً عن عدم وضوح المنطق وراء استبعاد أحداث يوجد الكثير مما يماثلها فى التاريخ، تبدو هذه الطريقة فى «مواجهة التطرف» عديمة الجدوى. فما نحتاجه فى مراجعة التاريخ هو نظرة نقدية لأحداثه، لكى لا يُعاد إنتاج أسوأ ما حدث فيه.

ويختلف ذلك جوهرياً عن طريقتين سقيمتين تقدم إحداهما صورة وردية جميلة لهذا التاريخ بكل ما فيه، وتُخفى ما حدث فيه من انتهاكات وتجاوزات ومذابح لا يخلو تاريخ أى أمة من مثلها, بينما تعبر الطريقة الثانية عن العقل الإقصائى فى أعلى مراتبه وهى استبعاد بعض أحداثه كلها من مناهج التعليم دون إدراك أنها موجودة فى كثير من الكتب المتداولة.

ولذلك لا يحقق استبعادها أى نتيجة مما يُرجى تحقيقه تحت العنوان الفضفاض المتعلق بتصحيح الخطاب الدينى، والذى يتجاهل أن إصلاح البنية السياسية المجتمعية لا يقل أهمية عن هذا التصحيح الذى نجد الآن ما يدل على تخبط فى فهمه.

فالمعالجة النقدية لتاريخنا هى التى تساهم تدريجياً فى تحديد سلبياته، التى تُعيد تنظيمات الإرهاب إنتاج بعضها الآن. وهذا هو ما فعله الأوروبيون فى التعامل مع الجوانب المظلمة فى تاريخهم، من خلال قراءة نقدية وإبداعية لها فى آلاف الكتب والأفلام والمسرحيات التى ناقشت تجاوزات الكنيسة وانتهاكات محاكم التفتيش ومذابحها. وكانت هذه المعالجة هى إحدى أهم روافع تقدمهم. فهل نستطيع أن نعى ذلك ونستوعبه؟

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صلاح الدين  وعُقبة صلاح الدين  وعُقبة



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon