خطر التكنولوجيا

خطر التكنولوجيا

خطر التكنولوجيا

 لبنان اليوم -

خطر التكنولوجيا

د. وحيد عبدالمجيد

عرف العالم تقدما تكنولوجياً تدريجياً منذ الثورة الصناعية الأولي في القرن السابع عشر. ولكن هذا التقدم تسارع خلال القرن الماضي، وبلغ ذروته في نهاية وبداية القرن الجاري. وتفوق معدلات هذا التقدم الآن كل ما سبقه منذ بداية الثورة الصناعية، الأمر الذي يثير أسئلة تشغل العالم عن الآثار المترتبة عليه بنوعيها الإيجابي والسلبي.

فلكل شيء في هذا العالم وجهان. وإذا كان الوجه الايجابي للتقدم التكنولوجي غير المسبوق في إطار الثورة الرقمية معروفاً وواضحاً، فوجهه السلبي هو الذي يثير الجدل الآن.

ولعل أكثر ما يشغل المعنيين بهذا الموضوع في العالم هو تأثير التكنولوجيا الأكثر تقدماً علي مستويات العمالة، وما تؤدي إليه من تناقص في أعداد العاملين المطلوبين لأداء كثير من الأعمال. ورغم أن هذه المشكلة ليست جديدة، فهي تزداد بشكل مطرد. ويحمل التاريخ قصصاً مثيرة للآثار الاجتماعية التي ترتبت علي التكنولوجيا الصناعية في مرحلة مبكرة من تطورها.

فعندما استفحلت الأزمة الاجتماعية في فرنسا مثلاً عام 1778 (عشية انفجار ثورتها الكبري)، كانت تلك التكنولوجيا أحد أسبابها. ولذلك نددت النقابات التي كانت وليدة حينئذ بما أسمته »تغول الآلات«. واستولي جمع من سكان بلدة في فاليز بالنورماندي علي آلة حياكة قطن وأحرقوها في ساحة عامة، بوصفها رمزاً لـ »تجويع العمال«. وتوسع هذا النوع من الاحتجاجات في أوروبا في تلك الفترة، وتكرر اتهام الآلات بأنها تزيد الفقر وتنتج مصنوعات متردية وفاسدة.

غير أن توسع نطاق الصناعة تدريجياً ساهم في تعويض نقص الطلب علي العمالة، وحدث تكيف ساعد عليه التطور نحو الرعاية الاجتماعية وإعانات البطالة.

ومع ذلك، يثير التطور الراهن في التقدم التكنولوجي أسئلة ممزوجة بقلق حول أثره علي معدلات العمالة، وخاصة في ظل التوسع المتوقع أن يزداد ويؤدي إلي مزيد من تقليص فرص العمل وخاصة أمام العمالة الأقل مهارة، وتهميش المشاريع التي تتطلب مهارات متوسطة. ويعني ذلك توسع نطاق البطالة ، وازدياد معدلات الفقر.

ورغم أننا في مصر مازلنا بعيدين عن هذا الخطر، حيث تتفاقم البطالة عندنا لأسباب أخري تتعلق بالتخلف (زواج السلطة والثروة، والفساد، وسوء الإدارة وغيرها)، وليس بالتقدم، ينبغي أن نحسب آثاره علينا بدءاً بطبيعة الاستثمارات الأجنبية المتوقعة وحجم العمالة التي يمكن أن تستوعبها في هذا السياق.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطر التكنولوجيا خطر التكنولوجيا



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon