“تدعيش” السياسة الفرنسية

“تدعيش” السياسة الفرنسية!

“تدعيش” السياسة الفرنسية!

 لبنان اليوم -

“تدعيش” السياسة الفرنسية

د. وحيد عبدالمجيد

تمثل مذبحة «شارلى ابدو» اختبارا تاريخيا للحكومة الفرنسية والرئيس فرانسوا هولاند الذى صار الأقل شعبية فى تاريخ الجمهورية الخامسة0 وقد يدفعه ذلك الى اتخاذ قرارات هوجاء وارتداء مسوح المنقذ من الارهاب

وفى هذه الحالة - السيناريو الاسوأ «قد تندفع فرنسا فى اتجاه مماثل لذلك الذى تورطت فيه الإدارة أمريكا بعد هجمات سبتمبر 2011، عندما رفع بوش الابن الشعار شبه الفاشى من «ليس معنا فهو علينا».

ولهذا ينبغى تذكير هولاند، الذى قد يجد فى الغضب المترتب على مذبحة باريس فرصة لمحاولة رفع شعبيته المنهارة داخلياً، بدروس تضيع عادة كلما اشتدت ردود الفعل الغاضبة على الإرهاب. وأهم هذه الدروس على الإطلاق هو أن المواجهة الناجحة للإرهاب تتطلب تأكيد قيمة التسامح الذى يقوم أى إرهاب على نقيضها ويبدأ قاموسه بعكسها وهو التعصب. وقد ثبت عبر التاريخ أن للقيم مكاناً معتبراً فى إدارة الصراعات. فليس ممكناً أن نكسب معركة ضد متعصبين متطرفين إذا فكرنا على طريقتهم أو صرنا مثلهم.

ولا يخفى، بل يبدو واضحاً بجلاء، أن أهم أهداف قوى الإرهاب هو أن تدفع من يهاجمهم إلى ردود فعل عصبية ومتعصبة ليصيروا مثلها. وعندئذ تصبح المعركة متكافئة، رغم أنها لا يمكن أن تكون كذلك إذا أحبطنا هذا السعى. فالإرهاب بطابعه لا يقدر على تحقيق أهداف مادية كبرى على الأرض، ولكنه يستطيع إحداث آثارا معنوية ونفسية متفاوتة. ويزداد خطره بمقدار ما تزداد هذه الآثار وتستفحل.

ولذلك ينبغى تنبيه فرنسا الآن، مثلما نصحنا الولايات المتحدة عقب هجمات 11 سبتمبر 2001، بكبح جماح سياستها التدخلية التى لا تخلو من سمات إمبريالية فى إفريقيا، وليس تصعيد هذه السياسة وتوسيع نطاقها. ولا يقل أهمية عن ذلك وضع حد لردود الأفعال التلقائية التى تستهدف مسلمين على الهوية يرفضون الإرهاب مثل من يهاجمونهم. وينبغى أن نقدر هنا تصريحات صدرت عن مسئولين فرنسيين تدعو إلى التمييز بين المسلمين والإرهابيين. ولكن اقتران هذه التصريحات بأخرى تحمل معنى طلب الاعتذار أو انتظاره من المسلمين بوجه عام يؤدى إلى التباس الرسالة السياسية، ويتيح للمتطرفين اليمينيين فى فرنسا استغلال هذا الالتباس لشن اعتداءات على الهوية تمثل الوجه الآخر لإرهاب «داعش».

وعندئذ تكون فرنسا قد وقعت فى فخ «التدعيش».

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

“تدعيش” السياسة الفرنسية “تدعيش” السياسة الفرنسية



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon