بقلم:د. وحيد عبدالمجيد
أعاد الناخبون فى شيلى اليمين المتطرف إلى السلطة للمرة الأولى منذ إسقاط حكم الجنرال أوجيستو بينوشيه عام 1990. فاز مرشح هذا اليمين خوسيه أنطونيو كاست فى الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية قبل أيام، وحصل على 58% من أصوات المقترعين.
جرت مياه كثيرة جدًا فى نهر السياسة والمجتمع فى شيلى، وأمريكا اللاتينية عمومًا، بين 1990 و2025. لم يعد اليمين المتطرف، الذى استخدمته واشنطن أداة للانقلاب على حكومة سلفادور الليندى اليسارية عام 1970، يخيف أبناء وأحفاد من انتفضوا ضده وأسقطوا سلطته.
سيدخل الرئيس المنتخب كاست قصر لامونيدا فى سانتياجو حاملاً شعار «شيلى أولاً»، على غرار شعار الرئيس الأمريكى ترامب «أمريكا أولاً، محمولاً على صناديق الاقتراع وليس على دبابات أمريكية بخلاف بينوشيه الذى تولى السلطة إثر انقلاب دموى دبرته المخابرات المركزية وقامت بدور مباشر فيه. لا يُخفى كاست إعجابه بالجنرال بينوشيه.
يقول صراحة لو أن بينوشيه مرشح فى الانتخابات لاقترع لمصلحته. لكن هذه الصراحة الصادمة لم تصدم أغلبية الناخبين ليس فقط لأن الظروف تغيرت، ولكن أيضًا لأن كلام كاست افتراضى وليس واقعيًا.
فلا بينوشيه حي الآن، ولا كاست أداة بين يدى المخابرات المركزية الأمريكية بخلاف بينوشيه. كما أن الزمن لن يعود إلى الوراء مهما يكن إعجاب الرئيس الجديد بعهد بينوشيه ونظامه.
فما يهم الناخبين الذين اقترعوا لمصلحة كاست أنه يعبر عن مخاوفهم من الهجرة غير النظامية المتزايدة إلى بلدهم وآثارها السلبية على اقتصاده، ومن ثم على حياتهم ومستوى معيشتهم. كما أن ثقة أغلبية الناخبين فى اليسار الذى انتخبوا مرشحيه فى عدة انتخابات سابقة اهتزت كثيرًا.
فلم يفلح الرئيس المنتهية ولايته جابرييل بوريك فى معالجة المشاكل الاقتصادية ووضع حد للهجرة من بلدان مجاورة وخاصة فنزويلا. ولذا نسوا، أو تناسوا، الماضى ولم يتركوا شبح بينوشيه مانعًا أمام انتخاب كاست.
غير أن خطاب كاست الافتراضى عن بينوشيه ربما ينطوى على دلالة قد تكون خطيرة إذا قاد إلى تغيير تدريجى فى طبيعة النظام الديمقراطى على نحو ما يحدث فى الولايات المتحدة الآن.