بقلم:د. وحيد عبدالمجيد
إذا اعترفت فرنسا وبريطانيا فعلاً بالدولة الفلسطينية سيكون هذا هو الحدث الأكبر فى الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة فى الشهر المقبل. فأن تعترف اثنتان من الدول السبع الكبرى بالدولة الفلسطينية فهو مكسب لاشك فيه للقضية الأكثر عدالة فى عصرنا. ولكن الأهم من هذا الاعتراف أن تعترف الدولتان بالأخطاء التى ارتكبها كل منهما فى حق الشعب الفلسطينى وقضيته، وانطوى بعضها على جرائم. وتستطيع فرنسا وبريطانيا التكفير عن أخطائهما، أو بعضها، إذا جعلتا اعترافهما بالدولة الفلسطينية نقطة انطلاق لتحرك يهدف إلى إبقاء الدورة الثمانين للجمعية العامة فى حالة انعقاد مستمر إلى أن توقف حرب الإبادة وتنسحب قوات الاحتلال الإسرائيلى من قطاع غزة، مثلما حدث فى الدورة الطارئة التى عُقدت فى أول نوفمبر 1956 للنظر فى العدوان الثلاثى على مصر.
كانت الجلسة ساخنة حضرتها وفود الدول الأعضاء حينها، وكان عددها 76 دولة، وافتتحها الأمين العام الأسبق داج همرشولد الذى حث المجتمعين على بذل أقصى الجهد وأسرعه لإنهاء العدوان على مصر. وأقرت الجمعية بالفعل فى اليوم الثانى لانعقادها مشروع قرار نص على وقف فورى لإطلاق النار، وسحب بريطانيا وفرنسا قواتهما من الأراضى المصرية، وعودة قوات مصر والكيان الإسرائيلى إلى مواقعهما المحددة فى اتفاقية الهدنة، وامتناع الدول جميعها عن إرسال الأسلحة والعتاد الحربى إلى الشرق الأوسط، وعودة الملاحة فى قناة السويس وتأمينها.
وأُصدر القرار بأغلبية 65 دولة، كما وافقت الجمعية على استمرار دورتها الطارئة حتى يتم تنفيذ هذا القرار. وقام الأمين العام بتشكيل لجنة ثلاثية لمراقبة تنفيذ القرار ضمت اثنين من مساعديه والمستشار القانونى للمنظمة الدولية، وأقرت الجمعية بعد ذلك، خلال انعقادها المستمر، مشروع قرار أفرو-آسيوى نص على سحب القوات المعتدية بشكل فورى، وتخويل الأمين العام الصلاحيات الكاملة للتحرك من أجل تحقيق ذلك. وهكذا لعبت الجمعية العامة للأمم المتحدة دورًا كبيرًا فى إنهاء عدوان غاشم قبل ما يقرب من سبعة عقود، فهل نحلم بدور مماثل تلعبه فى إنهاء حرب الإبادة المستمرة منذ ما يقرب من عامين؟!