الفاشيةُ التى فى داخلنا

الفاشيةُ التى فى داخلنا

الفاشيةُ التى فى داخلنا

 لبنان اليوم -

الفاشيةُ التى فى داخلنا

بقلم:د. وحيد عبدالمجيد

أنفقت الدول الغربية وأذرعها البحثية والإعلامية مبالغ لا تُحصى فى سبيل شيطنة الفاشية ونظيرتها النازية وغيرهما من المنظومات الفكرية القومية المتشددة التى نشأت فى أوروبا ردًا على استفحال جرائم من سعوا إلى شيطنتها. شارك المفكرون الغربيون كلهم إلا القليل منهم على مدى عقود طويلة فى عملية الشيطنة الممنهجة، وانساق وراءهم كثير من المثقفين والمفكرين العرب وغيرهم فى العالم. وأسهمت فى حملة الشيطنة الأحزاب المُسماة شيوعية، بقيادة الحزب اللينينى الذى تبخر عندما تفكك الاتحاد السوفيتى السابق. كانت فبركة تحليلات طبقية زائفة أحد عوامل انهيار تلك الأحزاب التى نسبت نفسها إلى كارل ماركس. وضمن ما فُبرك تحليل زعم من روَّجوه أن الرأسمالية الاحتكارية فى إيطاليا وألمانيا لجأت إلى «التطرف القومي» لتحقيق حشد شعبى ضد الحركة العمالية الصاعدة التى لم ير صعودها المُدَوى غيرهم.

قليلُ من المفكرين الغربيين الذين نجوا من فيروس «النباح» ضد الفاشية والنازية. وفى مقدمتهم المفكر الفرنسى المُبدع جيل دولوز الذى تحل هذا العام الذكرى الثلاثون لرحيله، والمائة لولادته عام 1925. لم يكن دولوز غير معاد للفاشية والنازية. ولكن عمقه الفلسفى مكَّنه من إدراك أن الخطر ليس فى فاشية موسولينى أو هتلر التى عرفت كيف تحشد الجماهير، وإنما فى الفاشية الكامنة فينا جميعًا. إنها الفاشية التى فى داخلنا. فاشية قال عنها إنها «تجعلنا نعشق السلطة، ونرغب فى الشيء ذاته الذى يهيمن علينا ويخنقنا»، وتؤدى إلى رفض ما لا يوافق عقائدنا وآراءنا ومواقفنا، وتجعل قيمة التسامح نادرةً فى حياتنا، وتدفع الأقوى فى العالم أو فى هذا البلد أو ذاك من بلاده إلى التغول واستخدام قوته بأشكالها المختلفة لإخضاع من لا ينصاعون له.

هذه هى الفاشية التى دمرت العالم مرات ومرات، ومازالت، وبلغت أعلى مستويات توحشها هذه الأيام، ووصلت جرائمها إلى درجات تتواضع إزاءها ممارسات نظامى موسولينى وهتلر، علمًا بأنهما مارسوها دفاعًا عن بلديهما اللذين استباحهما أشرار البشرية بعد الحرب العالمية الأولى وأهانوهما وأذلوا أهلهما فاحتشدوا، ولم يُحشدوا رغمًا عنهم، وراء من حاولوا استرداد حقوقهم.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفاشيةُ التى فى داخلنا الفاشيةُ التى فى داخلنا



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات

GMT 05:00 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أصوات 20 ألف جزائري تحدد مصير جزيرة قرب أستراليا

GMT 21:50 2014 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها "G3"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon