إنهم لا يهرمون

إنهم لا يهرمون!

إنهم لا يهرمون!

 لبنان اليوم -

إنهم لا يهرمون

د. وحيد عبدالمجيد

يبدو قانون الخدمة المدنية، الذى آثار أوسع احتجاجات اجتماعية فى مصر منذ عامين، خارج الزمن. ولكن منطق الاحتجاج عليه لا ينتمى بدوره إلى هذا الزمن، رغم كل التعاطف مع موظفين يحاولون المحافظة على ما بقى لهم من قدرة على توفير أهم الحاجات الأساسية للحياة.

والحال أن صانعى القانون، كما من يتصدرون الاحتجاج ضده، لا ينتمون إلى هذا العصر. وإذا لاحظنا أن معظم من تصدروا هذا الاحتجاج هم الأقدم فى الوظيفة العامة، وبالتالى الأكبر سناً, ربما نستطيع أن نلمس جانباً من جوهر الأزمة التى يغفلها القانون وصانعوه والمعترضون عليه.

فالقانون لا يعنى إلا بترتيب أوضاع البيروقراطية المصرية مالياً وإدارياً، ولا يسهم فى تطويرها الذى تشتد الحاجة إليه من أجل إصلاح جهاز إدارى تعرض لتجريف طويل وخطير، وصار من أهم عوائق الانطلاق إلى المستقبل. ولما كان صانعو القانون ومن يتصدرون الاحتجاج عليه ينتمون إلى الفئات الأعلى فى هذا الجهاز، ينبغى علينا تأمل العلاقة الراهنة بين عملية صنع القرار فى الحكومة والتركيب العمرى للمصريين.

لقد آن الأوان لاتخاذ خطوات كبيرة شجاعة لإزالة هذا التناقض. وفى مقدمتها عدم تولى كل من تجاوز الخمسين منصباً قيادياً فى الحكومة والجهاز الإدارى، على أن يكون الأكفاء فى المرحلة العمرية بين الخمسين والستين مستشارين لمن يتولون هذه المناصب.

وهذه خطوة صعبة بطبيعة الحال، وتلقى مقاومة شديدة فى مجتمع لا يعترف أحد من الأجيال الأقدم فيه بأنه هرم، ولم تكن صيحة التونسى أحمد الحفناوى المشهورة فى بداية الثورة «لقد هرمنا» أكثر من مشهد كوميدى لا يدركون معناه ودلالته.

فقد شارك الحفناوى فى صنع الأجواء التى مهدت للثورة، ووضع المقهى الذى يمتلكه فى ضاحية المحمدية وأجهزة الكمبيوتر فيه تحت تصرف شباب صنعوا مدونات ساهمت فى رفع الوعى العام خلال السنوات القليلة السابقة على الثورة.

وعندما وقف فى الشارع معبراً عن فرحته بالثورة بطريقته الخاصة، وكأنه يختصر تاريخ بلد بأكمله، كان قد عاد إلى مقهاه. لم يطلب شيئاً. كان كل ما طلبه هو تمكين هؤلاء الشباب بأفكارهم الجديدة، وأن ينسحب من المشهد كل من هرموا.

ولكنهم فى مصر لا يهرمون.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنهم لا يهرمون إنهم لا يهرمون



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:44 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

المكاسب المالية تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 09:57 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

انتصار لبناني جديد...

GMT 19:28 2021 الأربعاء ,20 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار لتنسيق المكتب مع غرفة الجلوس بطريقة جذابة

GMT 05:31 2018 السبت ,29 أيلول / سبتمبر

حصاد مر
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon