كيمياء الشعوب 12

كيمياء الشعوب (1-2)

كيمياء الشعوب (1-2)

 لبنان اليوم -

كيمياء الشعوب 12

عمرو الشوبكي
عمرو الشوبكي

كثيرًا ما يقول البعض إن الكيمياء ماشية بين بعض الناس فيصبحوا أصدقاء وحبايب، وكثيرًا ما يتحدث البعض الآخر عن الأرواح المتآلفة التى تجعل الناس يتحابون أو يتنافرون. أقول ذلك، تعليقًا على تحول كثير من الحضور المصرى الجزائرى فى المجال الرياضى، إلى تراشق مجتمعى بالقول: هل هناك «مشكلة كيمياء» بين المجتمعين تفتح المجال لسوء الفهم؟ ويكفى أن نتصور كيف سيكون عليه حال بعض إعلاميينا لو كانت مصر لاعبت الجزائر فى الدور النهائى، لكُنّا شهدنا ما هو أسوأ مما شهدناه الأسبوع الماضى.

يقينًا صورة معركة 2009، أو موقعة أم درمان، تراجعت فى المباراة الأخيرة، لأن فى الأولى كان هناك حرص من الدولة وأجهزتها على تسييس الحدث الرياضى، وأعطت الضوء الأخضر لبعض الإعلاميين لإهانة الجزائر وتاريخها، وهذا لم يحدث فى الوقت الحالى، فيمكن القول إن التوجيهات كانت بعدم توجيه أى إساءة لأى بلد ضيف، وعلى رأسه الجزائر، فى حين أن المشكلة ظلت فى المناخ المجتمعى والإعلامى التحريضى، والذى يتحمل النظام السياسى مسؤولية وجوده وأحيانًا رعايته. ويبقى السؤال: هل هناك مشكلة كيمياء أو طبيعة مختلفة للشعبين المصرى والجزائرى تجعل سوء الفهم واردًا؟

من المؤكد أن هناك فروقات فى طبيعة الشعبين لا تحمل فى ذاتها حكمًا قيميًا على أى منهما، ساعدت على وجود تلك «الفجوة الكروية» ولكنها لا تبرر ولا تؤدى إلى إساءة أى طرف للآخر.

وإذا عدنا بعقارب الساعة للوراء، فسنجد أن التاريخ السياسى الجزائرى اعتمد فى خبرة التحرر الوطنى على أسلوب واحد هو حرب التحرير الشعبية، ودفعت الجزائر ثمنًا باهظًا لهذه الحرب وهو مليون شهيد، وهذا ما جعل المجتمع أكثر حدّة من المجتمع المصرى الذى عرف طوال تاريخه ثقافة سياسية، اعتمدت على الضغوط الشعبية والتفاوض وأحيانًا القبول بالأمر الواقع، وقبلت حتى أطراف سياسية وشرائح مجتمعية تعاونت مع المستعمر البريطانى، على عكس الجزائر التى طردت كل من تعاون مع الاستعمار الفرنسى من الجزائريين (الحركيين) لأسباب لها علاقة بقسوة الاستعمار الفرنسى ومشروعه الاستئصالى فى الجزائر وسعيه إلى إلغاء هوية البلد العربية واعتبارها جزءًا من فرنسا، على عكس مصر التى عرفت استعمارًا لم يلغ وجودها كدولة وككيان، مثلها مثل المغرب وبلاد أخرى، وبالتالى كانت التركيبة المجتمعية أكثر تنوعًا وهدوءًا.

هذه الحالة التى يهتم بها علماء الأنثروبولوجيا والاجتماع فى دراسة تاريخ الشعوب، ليست أمرًا ساكنًا لا يتغير، فعادة ما تضاف لها متغيرات جديدة مرتبطة بالواقع السياسى والاجتماعى الذى تعيشه، وهذا ما يفسر تأثير الخطاب السياسى الرسمى والإعلامى ووسائل التواصل الاجتماعى على سلوكيات المجتمعات.

الفرق فى الخبرة التاريخية بين مصر والجزائر يفسر جانبًا من الفروقات المجتمعية، ولكنه لا يمثل كل الصورة.. ويبقى لذلك حديث آخر.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيمياء الشعوب 12 كيمياء الشعوب 12



GMT 17:40 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... الانهيار أو الجمهورية الثالثة

GMT 10:39 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أسباب التضييق على لبنان

GMT 10:37 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

صوت واحد بلهجات كثيرة

GMT 10:22 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يهبّ «حزب الله» لإنقاذ عهده

GMT 20:25 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

لم تعد القوات الأميركية قضية

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:53 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

سعد الحريري يتوقع تشكيل حكومته الجديدة مساء الجمعة

GMT 10:29 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمبانزي قادرة على تقييم المخاطر وتحذير أقرانها

GMT 20:51 2019 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

طائرة الجزائر يواجه الكاميرون في الالعاب الأوليمبية 2020

GMT 09:19 2023 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

أنا النزيل الأعمى على حروف الهجاء ( في رثاء أمي الراحلة)

GMT 16:42 2020 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

التونسية أنس جابر تكتب التاريخ في بطولة أستراليا للتنس

GMT 04:36 2022 الأحد ,15 أيار / مايو

هل نراجع أحكامنا المطلقة؟
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon