جوع وصقيع وفزع

جوع وصقيع وفزع

جوع وصقيع وفزع

 لبنان اليوم -

جوع وصقيع وفزع

بقلم:بكر عويضة

ثمة أمثال كثيرة يستعصي، وربما يستحيل، إلغاؤها من الذاكرة الشعبية في معظم المجتمعات العربية، وربما كلها قاطبة. بين تلك الأمثال واحد يقول مضمونه إن النوم عصي على كل مَنْ يأوي إلى الفراش حاملاً معه إحساس «الجوع أو الصقيع أو الفزع». صحيح، كيف يهنأ بنوم مريح مَنْ يعاني أياً من تلك الحالات، فما بالك إذا التقت أضلاع ذلك المثلث، واجتمعت على بسطاء الناس الذين شاء قدرهم أن يدفعوا الثمن الفادح لقرار حرب اتخذه غيرهم؟ سؤال واضح الإجابة تماماً، إذ ذلك ما حدث لأهل قطاع غزة منذ شتاء عام 2023، ثم تكرر العام الذي تلاه، وها هو يحدث هذا الشتاء أيضاً. بالطبع، سوف يحاول بنيامين نتنياهو، كلما أمكنه ذلك، أن يغسل يديه من جُرم توحش حكومته في حربها ضد الغزيين، وها هي الفرصة تأتيه من أستراليا، حيث أقدم والدٌ وابنُه على قتل عدد من اليهود المحتفلين بمناسبة «عيد الأنوار» الدينية.

حقاً، الأرجح أنه مثلما يستحيل النوم على أهل قطاع غزة المعانين جوعَ بطون، وصقيعَ أبدان قارس، إضافة إلى فيضان أمطار تُغرق الخيام، وفزع استمرار إطلاق النار على أبرياء الناس، فإنه يكاد يستحيل أيضاً فهم لماذا يسارع البعض، أفراداً، أو فصائلَ وتنظيماتٍ، سواء بقصد، أو عن جهل، إلى القيام بأعمال تعين نتنياهو، وآخرين معه، على تغيير دفة الرأي العام العالمي من إدانة شعوب القارات الخمس، وأستراليا إحداها، لجرائم الحرب المستمرة في غزة، والنجاح في توجيهها نحو التعاطف مع إسرائيل، من خلال الزعم بتجدد موجات «العداء للسامية» عالمياً. إن الهجوم الذي حصل على شاطئ «بوندي» الأحد الماضي، هو أنموذج سيئ يثبت تواصل منهج كهذا، مسيء لفلسطين القضية، والشعب، والمأساة. بيد أن مسارعة الشاب أحمد الأحمد، وهو مِن عرب سيدني، للتدخل ونزع سلاح أحد المهاجمين، أثبت في المقابل أن نهج التطرف مرفوض من معظم العرب والمسلمين، حيثما كانوا، إنْ في أوطانهم أو في مهاجرهم.

لقد سارع نتنياهو إلى وضع هجوم «بونداي» ضمن إطار يخدم الحملة التي يقودها بنفسه، وبدعم من فريق المتطرفين في حكومته، ضد حل الدولتين، زاعماً أن «الحادث دليل على أن سرطان العداء للسامية ينتشر عالمياً بينما زعماء العالم يواصلون الصمت، ويؤيدون قيام دولة فلسطينية مستقلة»، وهو يشير بذلك إلى موقف حكومة أنتوني ألبانيز، رئيس الوزراء الأسترالي، المعترف بدولة فلسطين المستقلة، والمؤيد لحل الدولتين. مع ذلك، الاحتمال الأرجح هو أن محاولات نتنياهو تلك سوف تذهب هباءً، فقد انطلق قطار حل الدولتين عالمياً، ومن الصعب أن يتراجع. ولأن نتنياهو يدرك هذا الأمر جيداً، تراه يسعى جاهداً لإطالة أمد الحرب على أرض قطاع غزة تحديداً، ويبذل كل جهد يستطيع لزيادة معاناة أهل القطاع في مواجهة صقيع الشتاء، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، إذا توفرت، فضلاً عن الدفع في اتجاه تفجير حرب أهلية بين مقاتلي «حماس» ومعارضيها. لذا، يغدو التنبه مطلوباً، من جانب الفلسطينيين وغيرهم، لضرورة عدم مد نتنياهو بأي سبب يعينُه على تحقيق أيٍ من أهدافه.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جوع وصقيع وفزع جوع وصقيع وفزع



GMT 21:13 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

درب السلام

GMT 21:12 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

لَا أَحسَبُ الشَّرَّ جَاراً!

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

من الوحدة الشاملة إلى براكين الدَّم والتَّشظّي

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«داعش» وأعياد نهاية العام

GMT 21:07 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المسيحية الصهيونية... من الهرطقة إلى تبرير الإبادة

GMT 21:06 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المعنى الغائب في أكثر صراعات العالم حضوراً

GMT 21:05 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

حين قرأ كسينجر لحسن البنا

GMT 21:04 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«ماغا»... رأب الصدع أم نهاية الائتلاف؟

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 04:11 2025 الخميس ,08 أيار / مايو

البرج الطالع وتأثيره على الشخصية والحياة

GMT 16:08 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الأمير فيصل بن فرحان يترأس وفد السعودية في قمة "بريكس بلس"

GMT 07:38 2023 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل 10 عطور رقيقة للعروس

GMT 19:43 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الأردني محمد الدميري يتفوق على السوري عمر السومة

GMT 19:02 2022 الجمعة ,07 كانون الثاني / يناير

ساؤول يتطلع إلى استعادة أفضل مستوياته مع تشيلسي

GMT 20:30 2021 الإثنين ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أثيوبيا تنفي شنّ هجوم على السودان وتحمل متمرّدين المسؤولية

GMT 08:19 2019 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

تغريم امرأة تركية خرقت "واجب الإخلاص" لطليقها وهربت مع صهره

GMT 23:04 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

إصابة تريزيجيه بفيروس كورونا وابتعاده عن مباريات أستون فيلا

GMT 06:35 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

التلميذ.. ونجاح الأستاذ
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon