تفاصيل استرداد نبيه بري أوراقه وقوّته في لبنان
آخر تحديث GMT09:36:16
 لبنان اليوم -

تفاصيل استرداد نبيه بري أوراقه وقوّته في لبنان

 لبنان اليوم -

 لبنان اليوم - تفاصيل استرداد نبيه بري أوراقه وقوّته في لبنان

نبيه بري
بيروت - لبنان اليوم

عندما انتخب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، ساد الانطباع بأنّ الرجل القوي في المعادلة اللبنانية الرئيس نبيه بري دخل في خريف دوره السياسي، ولكنه سرعان ما استرد أوراقه وقوّته في آن معاً.

وشكل انتخاب عون رئيساً للجمهورية منعطفاً في الحياة الوطنية، وأدى إلى خلط الأوراق السياسية بدءاً من الساحة الشيعية التي انتُخِب فيها عون عن طريق «حزب الله» وبمعارضة صريحة من بري، فيما كان رئيس مجلس النواب هو الذي يتولى قبل استحقاق 31 تشرين الأول 2016 إنضاج التسويات والتفاهمات السياسية.

وإذا كانت الحقبة السورية عرفت بثلاثية بري والشهيد رفيق الحريري ورئيس «الحزب التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط، فإنّ هذه الثلاثية حافظت في المرحلة التي تلتها على مَتانتها مع نجل الشهيد الحريري سعد، على رغم الانقسام العمودي بين 8 و 14 آذار، وذلك في ظل حرص على عدم القطع مع بري إلى درجة التضحية بالشيعة السياديين لمصلحة رئيس حركة «أمل».

وكان الثنائي الحريري وجنبلاط يجهد في تبرير الانفتاح على بري بأنه من المتمسّكين بالعمق العربي خلافاً لـ»حزب الله» الذي يمثِّل التوجه الإيراني، وانّ القطع معه يؤدي إلى القطع مع كل الحالة الشيعية، الأمر الذي يستدعي الحفاظ على قنوات التواصل على رغم صعوبتها في مرحلة كان يتحوّل فيها بري دور رأس حربة في مواجهة 14 آذار.

ومع اندلاع الثورة السورية تضاعفت الأسباب الموجبة لدى الثنائي الآذاري للانفتاح على رئيس المجلس النيابي، بدءاً من رفضه المشاركة في القتال السوري وانقطاع علاقته مع نظام البعث، وصولاً إلى تمسّكه بالعلاقات مع دول الخليج وتحديداً السعودية، وما بينهما معارضته للحالة العونية، وكان التعاطي معه دوماً من منطلق انه القوة الشيعية التي يمكن محاورتها والتنسيق معها.

وعلى رغم الاتفاق الاستراتيجي بين «حزب الله» وحركة «أمل» تحت سقف المقاومة والخيارات الكبرى، فإنّ المعادلة التي كانت قائمة توحي بوجود تفاهم ضمني انه مقابل تسليم بري بالدور المقاوم المتقدِّم للحزب، يسلِّم الأخير بالدور السياسي المتقدِّم لبري في المعادلة الداخلية، ولم يكن ينظر رئيس المجلس بارتياح إلى تفاهم الحزب مع عون الذي شكل أوّل دخول له على اللعبة الداخلية من الباب الخلفي.

وحاول بري أن يوازن بين الحفاظ على علاقاته مع الحريري وجنبلاط والظهور بالوجه المنفتح والحواري، وبين الحريص على دور طائفته وهواجسها والوجه الصدامي في الأزمات، وحتى هذا الوجه كان يَجد لدى هذا الثنائي تبريره بأنه لا يستطيع ان يفعل خلاف ذلك حفاظاً على حيثيته داخل بيئته في مواجهة «حزب الله». وساد انطباع بوجود توزيع أدوار بين طرف يخوض المواجهة مع خصومه في الداخل والخارج، وبين طرف آخر يحافظ على «شعرة معاوية» مع الجميع، وانّ هذه الازدواجية تخدم الطائفة الشيعية من زاوية عدم وضعها في سلة واحدة.

ومع تراجع دور «حزب الله» في سوريا وضغط بيئته عليه بضرورة رفع منسوب انخراطه في الحياة السياسية اللبنانية، قيل انّ قلق بري أخذ بالتزايد من منطلق انّ الحزب يتجه إلى مقاسمته داخلياً في التعيينات والمراكز والنفوذ السلطوي، مقابل استمرار احتكار الحزب للدور الاستراتيجي، ولكن الأمور بقيت ضمن حدود المعقول إلى حين وصول عون إلى بعبدا.

وليس خافيًا على أحد انّ بري وضع كل ثقله لمنع وصول عون إلى الرئاسة الأولى، وكاد ينجح مع حليفيه الحريري وجنبلاط بانتخاب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، وكان له دور في إنضاج هذا الخيار الذي كان على قاب قوسين أو أدنى من الدخول إلى القصر الجمهوري.

ومع انتخاب عون ساد انطباع بأنّ دور بري انتهى، وأنّ «حزب الله» أمسَك بخيوط اللعبة الداخلية في موازاة إمساكه بالدور الاستراتيجي، ولكن بري لم يسلِّم أوراقه إلى درجة رفضه انتخاب عون في إشارة إلى تَمايز فِعلي مع الحزب تحت السقف التحالفي الإقليمي، إلّا انّ انتخاب عون أدى إلى خلط الأوراق الداخلية وتراجع دور بري المحلي مقابل تقدُّم دور الحزب، وخروج الحريري من الثلاثية القديمة إلى ثنائية جَمعته بالعهد الجديد، وبقاء بري في تحالف يتيم مع جنبلاط المنكفئ على ضفة النهر.

وبدلًا من الثلاثية التي تصدرت المشهد السياسي في مرحلتي الوجود السوري وما بعده، حلّت مكانها 4 ثنائيات، 3 منها العنصر المشترك فيها رئيس الجمهورية وتقدّمت المسرح السياسي، فيما تراجعت الثنائية الرابعة إلى الصفوف الخلفية: ثنائية عون وسمير جعجع التي أسقطها العهد باكراً لحسابات مصلحية ورئاسية، وثنائية عون والحريري التي أسقطها العهد أخيراً لتضارب في الأولويات، وثنائية عون ونصرالله الثابتة منذ العام 2006، مقابل ثنائية بري وجنبلاط التي تراجع دورها ونفوذها الوطنيين.

وحاول بري ومعه جنبلاط ان يستعيدا الحريري إلى التحالف القديم من دون نتيجة، ولكن ما بين صبر بري وأخطاء العهد، راح يستعيد الأول أوراقه الواحدة تلو الأخرى، مستفيداً أيضاً من تراجع دور الحزب الإقليمي، الأمر الذي أتاح لرئيس المجلس ان يعزّز رصيده على مستويين:


ـ المستوى الأول شيعي بامتياز مع إظهاره بأنّ هندسات الحزب الخارجية والمحلية فشلت فشلاً ذريعاً، خلافاً لدور بري الذي نجح عبر سياسة «العصا والجزرة» بأن يحفظ دوراً متقدماً لطائفته، فيما سياسات الحزب أدّت إلى عزل الشيعة عربياً وخليجياً ودولياً، وكبّد الطائفة خسائر كبرى في سوريا التي انتقل فيها القرار إلى روسيا، ودعمه خيار عون كانت نتيجته أزمة مالية وتجويع اللبنانيين وضمنهم بيئته وتعريض التركيبة، التي للشيعة فيها دور متقدّم، لخطر السقوط.

ـ المستوى الثاني محلي مع انفراط عقد العلاقة بين الحريري والعهد، وعودة الأول إلى أحضان الثلاثية، وشكّل بري دور رأس الحربة في مواجهة العهد وإسقاط ورقة القوة المحلية التي بحوزة الحزب، ولم يكتف بري بهذا المقدار بل وَجّه رسائل انفتاح إلى جعجع مادّاً خيوطه في اتجاه أكثر من طرف ولاعب محلي، وتحوّل بالنسبة إلى الثنائي الحريري وجنبلاط الضامن في مواجهة العهد لهما، واللاعب الذي لا يسمح للعهد بالتفرِّد في بسط نفوذه وسيطرته، فيما العلاقة بين «القوات» و»أمل» لا تخرج عن سياق الاحترام المتبادل تحت سقف تنظيم الخلاف الاستراتيجي، وعدم تصويت «القوات» لبري في رئاسة المجلس منذ العام 2005 لم يمنع التقاطعات السياسية الجزئية، أي حسب الملف المطروح.

وفي المحصّلة نجح بري في استعادة دوره المتقدِّم محلياً، مقابل تراجع دور «حزب الله» الإقليمي بفعل العقوبات على طهران وخسارة الورقة السورية، كما خسارة الحزب لورقة قوته المحلية الوحيدة تقريباً والمتمثّلة بالعهد المترنِّح بسبب الأزمة المالية الكبرى، وأصبح الحزب بفِعل هذه التطورات بحاجة لدور بري لا العكس.

ولكن بري يدرك، أو يفترض ذلك، انّ تقدّمه شيعيّاً بفعل انتكاسة دور ثنائية عون - نصرالله، يستدعي منه مقاربة دقيقة لثلاثة توازنات أساسية: التوازن المسيحي في ظل رفض المسيحيين العودة إلى الزمن الذي يُقرَّر فيه عنهم ويقلِّص دورهم الوطني، التوازن الوطني الذي عليه أن يوازن فيه بين عدم الصدام مع الحزب، وبين طبيعة المرحلة التي تستدعي الإقلاع عن السياسات القديمة وإعطاء المجال لمشروع الدولة مع انتفاضة مستمرة وانهيار مفتوح ومتطلبات شعبية بالتغيير، والتوازن الدولي والإقليمي الذي تقدّم على الدور الإيراني، وبالتالي السؤال الكبير: هل سيتمكن بري من الموازنة بين كل هذه التوازنات والعبور إلى المرحلة الجديدة؟

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تفاصيل استرداد نبيه بري أوراقه وقوّته في لبنان تفاصيل استرداد نبيه بري أوراقه وقوّته في لبنان



نانسي عجرم تتألق بالأسود في احتفالية "Tiffany & Co"

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 21:00 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 13:47 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 22:16 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 13:05 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 20:21 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 23:27 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 12:50 2022 الإثنين ,18 تموز / يوليو

ببغاء يُفاجئ باحثي بممارس لعبة تُشبه الغولف

GMT 19:17 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

التيشيرت الأبيض يساعدك على تجديد إطلالاتك

GMT 08:55 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتسرّع في خوض مغامرة مهنية قبل أن تتأكد من دقة معلوماتك

GMT 17:32 2023 الأحد ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة الفنان طارق عبد العزيز بعد تعرضه لأزمة قلبية مفاجئة

GMT 17:32 2021 الثلاثاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

خريجو الجامعات اليونانية يلتقون فلاسيس بدعوة من فونتولاكي

GMT 23:31 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 11:15 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

أجواء إيجابية لطرح مشاريع لتطوير قدراتك العملية

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon